بدأ التخطيط لمشاركة الجيوش العربية في حرب اكتوبر غداة هزيمة يونيو 1967، حيث اتفقت سوريا والعراق والاردن على انشاء قيادة عسكرية موحدة للجبهة الشمالية (سوريا) لتتعاون مع الجبهة الجنوبية (مصر) لتحقيق مطالب خطة تحرير الارض والمحافظة على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، تنفيذًا لمقررات مؤتمر القمة الرابع في الخرطوم؛ حيث اعتبر المؤتمر أن إزالة آثار العدوان على الأراضي العربية هو مسؤولية جميع الدول العربية ويحتم تعبئة الطاقات العربية وأن الهزيمة يجب أن تكون حافزًا قويًّا لوحدة الصف ودعم العمل العربي المشترك.
كيف تشكل التحالف العربي؟
كان من نتائج قيام اتحاد الجمهوريات العربية (مصر- سوريا- ليبيا) إنشاء القيادة العامة للقوات المسلحة الاتحادية في الأول من يونيو 1972 لتتولى موضوعات الدفاع عن الاتحاد على المستوى الاستراتيجي مع بقاء كل قيادات القوات المسلحة للجمهوريات الثلاث مسؤولة عن تنظيم وادارة العمليات والتدريب على المستويين التعبوي والتكتيكي في جبهاتها.
مع الجمود الذي لحق بالجهود الدبلوماسية خلال عامي 1972-1973، بدأ السادات يدرك ان الخيار العسكري أصبح ضروريًّا للحصول على التدخل السياسي من جانب الولايات المتحدة ولتسهيل عملية التفاوض. وحتـى يكون الخيار العسكري قابلاً للتنفيذ تضمنت استراتيجية السادات تشتيت القوات الاسرائيلية أثناء الحرب. لذا أدرك انه بحاجة إلى شركاء لتنفيذ خطته فاتجه إلى الرئيس السوري حافظ الأسد، على الرغم من أن قاعدة التعاون بينهما كانت ضعيفة نظرًا للخلاف حول الأهداف؛ فبينما كان السادات يتصور في قرارة نفسه نشوب حرب محدودة مع إسرائيل، كان الأسد يفترض عن خطأ احتمال نشوب صراع أوسع نطاقًا يمكن أن يؤدى إلى إجبار إسرائيل عن التخلي عن الضفة الغربية.
في 12 من أغسطس 1973، تم الاتفاق بين الرئيسين السادات والأسد على تشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة المصرية والسورية، وكانت واجباته دراسة المسائل العامة المتعلقة بالقوات المسلحة للدولتين واعدادهما للحرب واتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق هذا الغرض.
وفى يوم 22 أغسطس 1973، التقى في مبنى قيادة القوات البحرية المصرية في رأس التين بالإسكندرية وفد عسكري سوري مع وفد عسكري مصري. وبعد يومين من الاجتماعات المتصلة، تم اتفاق المجلس، على جميع التفاصيل؛ فقد تم تنسيق الخطط المصرية والسورية الخاصة بالسرية والامن والخداع على المستوى الاستراتيجي والسياسي. واعتبارًا من 24 اغسطس عاد أفراد الوفد السوري الى بلادهم فرادي وبوسائل مواصلات مختلفة إمعانًا في السرية.
تواصلت اللقاءات بعد ذلك بين المسؤولين في كل من مصر وسوريا لوضع الخطوط النهائية للتنسيق بينهم طبقًا لما قرره مؤتمر الإسكندرية في 22 اغسطس 1973. وقد تم التنسيق الرئيسي في اجتماع قمة القاهرة يوم 11 سبتمبر بين الرئيسين السادات والاسد (والذي حضر إلى القاهرة تحت مظلة اجتماع ثلاثي ضم الملك حسين اليهما في محاولة لرأب الصدع في العلاقات السورية الأردنية) وفى أعقاب الاجتماع الثلاثي كان هناك اجتماعًا ثنائيًّا بعيدًا عن الأنظار ضم قيادات التخطيط في الدولتين؛ حيث تم التنسيق النهائي لأسلوب وتوقيت الحرب وتم الاتفاق على أن تحدد ساعة الصفر بالتنسيق بين وزيري الدفاع في البلدين.
وقد أرسلت أول اشارة إنذار الى سوريا يوم 20 سبتمبر تحمل رمزًا أن الحرب تبدأ في 6 اكتوبر، أما التوقيت ذاته فقد تم من خلال اجتماع مغلق في دمشق في الثالث من اكتوبر بين وزيري الدفاع ليكون هو الساعة الثانية ظهرا.
وهنا قد يدور تساؤلٌ وهو لماذا لم تشترك الأردن برغم حضور الملك حسين إلى القاهرة. الإجابة هي أن الرئيسين السادات والأسد اتفقا على عدم إحراج الملك حسين وتجنيب الأردن مخاطر حرب ليست مستعدة لها بشكل كامل، وعدم فتح جبهة طويلة قد تستغلها إسرائيل للتأثير على مجريات الحرب على الجبهات الأخرى.
لقد أدى التعاون الاستراتيجي بين سوريا ومصر إلى فتح جبهتين فكان على إسرائيل أن تضع في اعتبارها ضرورة حتمية نشر قواتها على الجبهتين التي يفصل بينهما مسافة لا تقل عن 500 كيلومتر بحيث تواجه القيادة الاسرائيلية ظروفًا قتالية تحتم عليها توزيع قواتها على الجبهتين مع عدم استطاعة تحقيق التعان العسكري بين قواتها على كلا الجبهتين؛ لقد حقق هذا التعاون النجاح في تحقيق المفاجأة الاستراتيجية على القيادة الإسرائيلية.
هكذا لعبت القيادة الاتحادية دورا رئيسيًّا في نقل المواقف عل الجبهتين وتبادل المعلومات المشفرة. واتفقت مصر وسوريا منذ البداية على أن تتولى قيادة العمليات العسكرية قيادتان عامتان منفصلتان إحداهما مصرية على جبهة سيناء، والأخرى سورية على جبهة الجولان، وانحصرت مهام القياد ة الاتحادية في ثلاث مسائل رئيسية:
الأولى: وضع الاستراتيجية العامة للحرب
الثانية: القيام بأعمال الخداع على المستوى الاستراتيجي والتعبوي والسياسي
الثالثة: القيام بأعمال تنظيم التعاون والتنسيق بين القوات المصرية والسورية
وقد نجحت القيادة الاتحادية وفقا للمسؤوليات والصلاحيات التي تم الاتفاق عليها بين القيادتين السياسية والعسكرية للدولتين وقامت بأداء مهامها في إطار التخطيط للحرب بنجاح ودون تجاوز لصلاحيتها. ولقد اشادت الدوائر العسكرية الأمريكية بالتعاون المصري السوري في هذه الحرب فذكرت: “لقد نسقت مصر وسوريا جهودهما العسكرية بصورة رائعة لم يسبق لها مثيل من قبل كما انهما استوعبتا كافة دروس الجولات السابقة [في الصراع العربي الإسرائيلي]”.
توسيع التحالف العربي
أظهرت حرب اكتوبر بجلاء مدى أهمية التضامن العربي في مواجهة الخطر الإسرائيلي؛ فقد اتخذت الدول العربية جميعا خطوات عملية لتدعم كل من مصر وسوريا فقامت تسع دول منها بتقديم الدعم العسكري لها بنسب متفاوتة وهي العراق، الجزائر – ليبيا، الأردن، المغرب، السعودية، السودان، الكويت، تونس، واشتركت القوات العربية في القتال على الجبهتين المصرية والسورية.
على الرغم من أن بدء الصراع المسلح بين الجانب العربى والقوات الإسرائيلية شكل مفاجأة تامة لجميع القيادات السياسية والعسكرية العربية باستثناء القيادات المصرية والسورية، إلا أنه كان هناك بعض القوات العربية موجودة على كل من الجبهة المصرية والسورية، إما بناء على تخطيط مسبق للاشتراك في الصراع المسلح عمومًا أو لأسباب أخري. مثال على ذلك سرب الطائرات العراقي هوكر هنتر الذي تمركز في مصر منذ ابريل 1973 والكتيبة الكويتية التي تمركزت في مصر قبل ذلك واللواء المدرع الليبي الذي تواجد في المنطقة الغربية من مصر وما يقرب من لواء فلسطيني تمركز على الجبهة المصرية منذ العام 1968 ولواء مغربي وصل الى سوريا في ابريل 1973.
أثرت المفاجأة فى قدرات الدول العربية على المشاركة فى الحرب فى الوقت المناسب، حيث كان الأمر يحتاج إلى رفع درجة الاستعداد القتالي للقوات ورفع كفاءتها وتحريكها الى ميدان القتال فى أقرب جبهة، وهكذا كانت قدرات القوات على الوصول الى الجبهة مختلفة وفقا لدرجة استعدادها ولقربها من جبهات القتال وتوافر وسائل النقل.
ومع ذلك يمكن القول إن القوات التي كانت موجودة على الجبهة وقت بدء المعركة كلفت بمهام تتماشى مع قدرتها وان تلك القوات كانت قليلة وصغيرة الحجم فبخلاف السرب العراقي كان هناك سرب ميراج من ليبيا وكتيبة كويتية وحتى اللواء المدرع الليبي الذي كان متواجدا في مصر في ذلك الوقت كان قريبا من الحدود المصرية الليبية ولم يكلف بمهام قتالية منذ بدء المعركة، وإذا كانت الأسراب الليبية لم يذكر أي تقويم لأدائها فان ذلك يرجع بالدرجة الاولى الى اختلاط الطيارين المصريين والليبيين داخل السرب الواحد. أما باقي وحدات الدعم التي كانت متواجدة فهي لواء عين جالوت الفلسطيني الذي كان يتمركز على الضفة الغربية للبحيرات المرة بمهام دفاعية تقليدية، إلا انه كان له دور فى مقاومة الضربة الإسرائيلية من ثغرة الدفر سوار لكن تفاصيل هذا الدور لم توضح بشكل كافي سواء فى المراجع الاجنبية او العربية.
كلفت الوحدات التي وصلت الجبهة المصرية بمهام ثانوية بما فى ذلك اللواء المدرع الليبي الذي كان متواجدًا فى مصر بالقرب من الحدود الليبية وقد لجأ قائد المدرعات حينذاك إلى استخدام بعض دبابته لسد الخسائر فى الدبابات المصرية وسبب ذلك أولاً أن اللواء كان حديث التشكيل ولم تتح له فرصة كافية للتدريب ولم يكتسب بعض الخبرة التي اكسبتها المدرعات المصرية خاصة فى أثناء حرب الاستنزاف.
أما بالنسبة لباقي القوات، فقد كلفت الكتيبة تونسية بالدفاع عن مدينة بورسعيد بعد أن تقدمت الوحدات المصرية التي كانت تدافع عنها شرقا لاحتلال وتحرير المواقع التي كانت تحتلها اسرائيل قبل الحرب.
اما لواء المشاة السوداني الذي وصل بعد وقف إطلاق النار، فقد كلف بالعمل فى الاحتياطي واحتلال النطاق الدفاعي الثاني وهو لم يشترك فى القتال الفعلي وذكر الفريق الشاذلي أن ” السودانيين كان مستواهم فى القتال مثيرًا للإعجاب ولكن نظرًا إلى مشاكل النقل وصلوا متأخرين”.
على عكس الجبهة المصرية،ـ لم يكن على الجبهة السورية أي قوات عربية قبل بدء الصراع المسلح عدا اللواء المدرع المغربي الذى انضم الى الجبهة السورية فى أبريل 1973، وعلى الرغم من عدم توفر معلومات كافية عن التخطيط لاستخدام هذا اللواء فهو على ما يبدو كان في الاحتياط وانه دفع في 11 أكتوبر قبل وصول القوات العراقية إلى حماية الجانب الأيمن للقوات السورية، وستر طرق الاقتراب إلى مزرعة بيت جان بالتعاون مع قوات سورية. وقد أشارت المراجع كافة الى أن قوات الدعم العربية التي وصلت سوريا فيما بعد قد استخدمت في صد الهجوم المضاد الإسرائيلي عند تل الحارة.
الجيش العراقي ودوره في حرب 1973
كان الجيش العراقي من أوائل الجيوش العربية المشاركة في الحرب على الرغم من حجب القيادتين المصرية والسورية الهدف الاستراتيجي للحرب وجميع المعلومات الخاصة بالإعداد للمعركة. ومع ذلك، دخل الجيش العراقي المعركة منذ بدايتها، واحتلت قواته العسكرية الترتيب الثالث بعد مصر وسوريا من ناحية الكم والكيف.
فقد قامت تشكيلات القوة الجوية العراقية التي كانت تعمل تحت امرة قيادة القوات الجوية المصرية، بالمهام التي اسندت لها وتسنى لها اسقاط 12 طائرة اسرائيلية فى القتال الجوي فوق سيناء. كما أنجز الطيران العراقي المقاتل خلال الحرب 632 طلعة جوية منها 47 طلعة لطائرات الهوكر هنتر و439 طلعة (ميج 21) و69 طلعة ميج 17، و75 طلعة (سوخوى).
وقد ذكر الفريق الشاذلي أنه يعترف بصفة خاصة بفضل الطيارين العراقيين لمهارتهم فى شن ضربات مضادة للدبابات في سيناء وانهم اكتسبوا بسرعة ثقة القادة الميدانيين إذا كانوا يطالبون بصفة دائمة ان يقوموا بتوفير المعاونة الجوية.
لم يقتصر الدعم العراقي على الجبهة المصرية ولكنه أسهم إسهاماً فعالاً في الجبهة السورية؛ فبمجرد اندلاع الحرب حتى قام العراق بإجراء سريع يهدف إلى تأمين جبهته مع إيران ويسمح له بإرسال جزء من قواته إلى الجبهة السورية، وقد أشرك العراق في القتال 4 اسراب جوية وفرقة مدرعة، وفرقة مشاة.
وقد أسرعت التشكيلات المدرعة العراقية فأمرت بعض وحداتها بالانتقال سريعًا باتجاه سوريا. وكان لوصول المدرعات العراقية إلى الجبهة السورية الأثر الكبير في النجاح الذي حققه السوريين وإرغام إسرائيل على ارسال تعزيزات إلى الجبهة السورية، بل يمكن القول إن وصول القوات العراقية إلى سوريا كان بمثابة نقطة تحول في سير الحرب وتطوراتها فلقد وصلت طلائع القوات العراقية في الوقت الذي كانت فيه دمشق مهددة بالاحتلال الوشيك.
دخل الجيش العراقي على الجبهة السورية فى 11 اكتوبر بعد أن أصبح معسكر قطنة السوري ضمن مرمى المدفعية الإسرائيلية. وقد استخدمت القيادة السورية اللواء الثاني عشر العراقي المسمى (خالد بن الوليد) لمواجهة الهجوم الإسرائيلي والقيام بالهجوم المضاد.
وفى الفترة الواقعة بين 13- 20 اكتوبر 1973 تمكنت القوات العراقية فى معارك (كفر ناسج) و(تل عنتر) و (جبل الشيخ) من تحقيق أهدافها فى إجبار القوات الاسرائيلية على التراجع ومنعها من تنفيذ مخطط احتلال دمشق وايقاع خسائر فى قواتها فيما قامت القوات الخاصة العراقية بهجمات مباغتة على مواقع القوات الاسرائيلية، غير أن وصول القوات العراقية إلى سوريا، لم يتكمل إلا في يوم 24 أكتوبر أى قبل وقف إطلاق النار بيومين.
وهكذا فرغم اعتقاد القيادة المصرية والسورية أن ظروف العراق لن تسمح له بالمشاركة فى القتال؛ لأن وجود التحدي الإيراني على حدوده سيمنعه من تحريك قواته إلى أرض المعركة، إلا أن العراق تمكن من حشد فرقتين مدرعتين وثلاثة ألوية مشاة للفترة من 7-24 اكتوبر 1973 أى ما يعادل ثلاث فرق عسكرية فى الجبهة السورية فضلاً عن أربعة أسراب من الطائرات من مختلف الأنواع. أما الجبهة المصرية فقد كان يرابط بها سرب واحد من طائرات (هوكر هنتر).
فاعلية مشاركة القوات العربية في الحرب
على الرغم من تدفق الجيوش العربية على جبهتـي قناة السويس والجولان إلا أن مشاركتها في القتال لم يكن لها فاعلية كبيرة على الأرض. يعود السبب الرئيس إلى عدم التنسيق بين أعضاء على هذا التحالف، أو بعبارة أخرى، عدم وجود استراتيجية مشتركة للقتال. في القلب من هذا التحالف كانت هيئة العمليات المشتركة المصرية السورية، إلا أنه من الواضح أن التنسيق بين الجهتين قد توقف مع بدء العمليات، وانقطع التواصل العملي بين الفريقين لعدة أيام. يقول اللواء جمال حماد في كتابه من سيناء إلى الجولان:” اقتصر عمل هذه الهيئة طوال مدة الحرب على مجرد القيام بالاتصالات بين الجبهتين دون أن تعطى لهذه الهيئة أية فرصة أو امكانات حقيقية لأداء واجبها الصحيح وهو تنسيق العمليات وربط الخطط المشتركة بين الجبهتين “.
وكان المفروض وجود هيئة قيادة موحدة تضم ادارة كاملة للعمليات وأخرى للمخابرات مما كان سيكفل استغلال الأزمة الحادة والارتباك الشديد اللذان واجهتهما القيادة الاسرائيلية خلال الأيام الأولى من الحرب عندما تلقت صدمة الحرب العنيفة على كلتا الجبهتين في وقت واحد.
أما القوات العربية الداعمة، فلم تكن لديها خطة قتالية مشتركة، حتـى على المستوى التكتيكي. على سبيل المثال، ذكرت بعض التقارير أن بعض الطائرات العراقية قد أسقطت بواسطة الصواريخ السورية لعدم قدرة الرادارات السورية على التمييز بين الطائرات العراقية والاسرائيلية، وكذلك كانت هناك صعوبة فى التنسيق بين القوات الاردنية والقوات العراقية، وخاصة تنسيق توقيت الهجوم، كذلك لم يواكب الدعم النيراني العراقي انسحاب أو تقدم القوات الأردنية، لدرجة تعرض لواء مدرع أردني بأكمله لنيران المدفعية العراقية بتاريخ 16 اكتوبر وأنه لم يكد يخرج من هذه التجربة الأليمة حتى تعرض لقصف
الطائرات السورية بالقنابل والصواريخ مما أوقع فيه خسائر اضافية اضطرته إلى التخلي عن مهمته القتالية. كما اشار حاييم هرتسوغ الى وصول قوات سعودية إلى جانب القوات العراقية واشتراكها في الهجمات المضادة بتاريخ 15 أكتوبر في مناطق مزرعة بيت جان وتل شمس وتل المال مما أوقف الهجوم الإسرائيلي.
من ناحية أخرى، اتضحت صعوبة توافق العقائد القتالية المختلفة لكل القوات العربية المشاركة بسبب سرعة تدفقها إلى جبهة القتال دون وجود وقت كافِ لتوحيد المفاهيم القتالية. اتضح هذا أيضًا في مستوى تنسيق التحركات التكتيكية، أو التواصل بين أفراد القوات المختلفة. على سبيل المثال، كلف اللواء المدرع الجزائري بالمساهمة فى صد الاختراق الإسرائيلي فى ثغرة الدفر سور، كما كلف الواء المشاة المغربي بصد الاختراق الإسرائيلي جنوب غرب السويس وقد أزهر كلا اللواءين شجاعة وجرأة مشهودة فى تنفيذ المهام ومستوى جيد من التدريب إلا انهم كانا يفتقران الى المعرفة الجيدة بالعدو والارض، كما كان يصعب تحقيق التعاون الوثيق معهما لاختلاف المصطلحات واساليب القتال.
ويبقى أن المعلومات المتيسرة عن فاعلية مشاركة الجيوش العربية في الحرب على الجبهة المصرية محدودة للغاية وتكاد لا تذكر حيث يصعب العثور على مادة وثائقية بهذا الخصوص. وهو ما يستدعي ضرورة قيام الباحثين والمؤرخين المختصين بدراسة نمط التحالفات العربية بداية من حرب فلسطين ومرورًا بحرب أكتوبر باستخلاص الدروس الضرورية لاستشراف إمكانية قيام تحالفات عربية أكثر فاعلية ودراسة المتطلبات الضرورية لهذا.
مراجع
ويليام بير، اسرار حرب أكتوبر في الوثائق الامريكية، ترجمة خالد دواد، القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، 2004.
مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي، القاهرة، رؤية للنشر والتوزيع، 2011
طلعت أحمد مسلم، مشاركة الجيوش العربية في حرب العام 1973، شؤون فلسطينية، العدد 193، ابريل 1989.
يوسف محمد عيدان، التضامن العربى وأثره في حرب تشرين الأول 1973، مجلة جامعة كركوك للدراسات الإنسانية، مج3، ع1، 2008.
عثمان كامل، التعاون الاستراتيجي بين مصر وسوريا، الدفاع، العدد 135 اكتوبر 1997.