على الرغم من اقتراب اكتمال نصف قرن على انتهاء حرب أكتوبر، إلا أنها مازالت تحمل في طياتها الكثير من أسرار تلك الملحمة الوطنية التي سيظل أثرها في الوجدان المصري ما حيينا، فقد كانت تمثل ربما للمرة الأولى في التاريخ المصري المعاصر النجاح المصري الخالص؛ حيث السعي وراء تحقيق هدف قومي ممثلاً في استعادة الأرض المحتلة.
ذروة الإخفاق
كانت صدمة الهزيمة في يونيو1967 الشرارة التي بدأت منها مصر إعادة ترتيب كافة الأوراق، خاصة داخل قواتها المسلحة؛ حيث استبسل قادتها وجنودها بعد الهزيمة فى الاستعداد بأقصى طاقة ممكنة لردع العدوان الإسرائيلي عن العمق المُهدّد، واستكمال باقي القدرات العسكرية للاستعادة كامل التراب المحتل من جديد. ولم يكن ذلك الهدف ممكنًا إلا من خلال توافر معلومات متكاملة وسليمة ومحدثة عن الجانب الإسرائيلي، ليس داخل سيناء المحتلة فقط ولكن عن كل ما يتعلق بأنشطة إسرائيل داخل الأراضي المحتلة أو خارجها.
ولإيضاح أولي عن ماهية تلك المعلومات الواجب توافرها لأية دولة ضد الدولة الهدف، نجد أن تلك المعلومات لا تقتصر فقط “كما هو شائع” على الجانب العسكري منها، ولكنها تشمل كافة جوانب الدولة المستهدفة سواء أكانت تلك المعلومات سياسية متمثلة فى وضع الأحزاب بالداخل والتكوين المجتمعي وأيدولوجياته الفكرية ومستوى الاستقرار الداخلي أو الوضع السياسي مع دول العالم الخارجي، وما إذا كانت دولة معزولة إقليميًّا أو دوليًّا؛ أم محاصرة أم منفتحة على العالم وتتمتع بنشاط دبلوماسي طبيعي وطبيعة وحدود ذلك النشاط.
وهناك أيضًا الجانب الاقتصادي؛ حيث تنبغي معرفة وضع الاقتصاد فى الدولة المستهدفة بشكل جيد، ومدى استقراره وتوازنه وترابطه سواء أكان داخلياً من حيث شكل النشاط الاقتصادي وهيكلة والقطاعات القائدة والمؤثرة به، أو من خلال شكل الترابط بينه وبين الدول الأخرى سواء الاستيراد أو التصدير. ويمكن توظيف تلك المعلومات “فى حال جودتها” لاكتشاف الثغرات التي تظهر فى النشاط الاقتصادي لتلك الدولة للضغط أو للتأثير عليها بشكل يجبرها على الاستجابة وكسر إرادتها، أو توظيفها بشكل متكامل يساعد على تجنب العمل العسكري، أو يساعده فى حال كانت الضغوط الاقتصادية غير كافية لإرغام تلك الدولة على الخضوع.
أما الجانب العسكري “وهو ما سنتناوله” الذي يعتبر أبرز تلك المجالات التي تسعى الدول لامتلاك أكبر قدر ممكن من معلوماته عن الدولة المعادية، فيتميز بتنوع مصادر جمع تلك المعلومات، إذ بشكل عام تنتشر الجيوش “فى حالات الحرب” على مساحات شاسعة تبدأ بخطوط التماس مع العدو إلى أقصى عمق الدولة نفسها بمساحات تصل لمئات الكيلومترات وبأعداد بشرية على أقل تقدير بمئات الآلاف.
إذا نظرنا بشكل مُركز على الجانب الإسرائيلي عقب احتلاله شبه جزيرة سيناء، نجد بأنه أصبح بخط مواجهة مع الجيش المصري لا تقتصر على طول قناة السويس فقط، ولكنه خط جبهة ممتد من شرم الشيخ جنوبًا إلى بورسعيد شمالاً وحيفا شرقًا بعمق الأرض المحتلة. لذا، فإن تجميع المعلومات العسكرية يحتاج إلى العديد من الوسائل وأجهزة الدولة التي تستطيع رصد والتقاط كافة المعلومات لتجميعها لتوضح بشكل متكامل صورة العدو بأقصى قدر من الدقة والعمق.
كان هذا التقدير الاستراتيجي مفقودًا بشكل كبير قبل يونيو1967 على مختلف المستويات، إذ كانت المعلومات المتوافرة عن القدرات العسكرية الإسرائيلية تفتقر إلى الدقة والتحديث وعدم التكامل. فعلى سبيل المثال عقب رفع حالات الاستعداد وحشد القوات ابتداءً من 14 مايو1967 كانت هناك عدة خطط وضعت قيد الإعداد والتنفيذ وصلت لما يقارب خمسة خطط، وتراوحت ما بين دفاعية وهجومية منها ما كان معدًا من قبل ومنها ما اقترحت فكرته فى حينه فلم يكن متوفرًا له القوات والاستعدادات اللازمة لتنفيذها، وبناء عليها تحركت انطلاقًا من قرارات تلك الخطط قوات متنوعة على المستوى الإستراتيجي والتعبوي ومنها ما تحرك لأوضاع دفاعية ومنها من تحرك لأوضاع هجومية فى تناقض تام.
كان هذا فى ظل غموض وافتقار واضح للمعلومات التي تم بناء عليها كافة تلك التحركات، والتـي أدت فى نهاية المطاف صباح 5 يونيو1967 إلى مفاجأة وكارثة عسكرية. مثال على هذا ما لحق بالفرقة السادسة مشاة في بداية الحرب وهي متحركة على المحور الجنوبي (نخل-الكونتلا) لتتخذ مواقع دفاعية على خط الحدود الدولية مباشرة، إذ كانت هذه الفرقة هي المسؤولة عن تأمين المحور الجنوبي بالكامل. ونتيجة للافتقار للمعلومات الصحيحة، خُصص لها أكثر من مهمة قتالية. وهو ما أدى فى النهاية لإرباك قياداتها الميدانية وعدم قدرتها على فهم مغزى الخطط التي كانت تصدر بها أوامر من القيادة العامة بالقاهرة.
اللحاق بالركب
وعقب هدوء نيران يونيو 1967 وسطوع الحقائق بشكل لم يعد يصلح بعده أي حديث سوى التركيز بالعمل لإصلاح ما حديث واسترداد الأرض. لذا فقد كانت هناك قائمة طويلة جداً من المهام والتكليفات والهيكلة المطلوب تنفيذها على وجهة السرعة، ومن كثرة أولوياتها لم يعد الوقت يسمح بالعمل بشكل التتالي، ولكن كافة ما كان يستلزم العمل عليه كان ينفذ بالتوازي مع غيره على كافة المستويات الأفقية والرأسية.
وكان من أولى تلك المهام هو معرفة ما يجرى على الجانب الآخر من قناة السويس من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ كانت المعلومات شحيحه ومتضاربة بشكل مذهل والإشاعات والتوقعات هي سيدة الموقف. لذا، وضع على عاتق القوات المسلحة المصرية بشكل خاص وسريع بكافة أسلحتها وإداراتها الحصول على أكبر قدر من المعلومات عن جيش الاحتلال الإسرائيلي شرق القناة بأي ثمن، ومن هنا كانت القوات الجوية على الرغم من خسائرها المادية والمعنوية هي أسرع الأسلحة التي تستطيع جمع المعلومات عن جيش الاحتلال الإسرائيلي شرق القناة. وذلك ابتداءً من رفوف الاستطلاع “في ذلك الوقت” من الميغ-21 والسوخوى-7 اللتين قام طياروها بأعمال قد تكون انتحارية فى سبيل الحصول على أحدث تشكيلات جيش الاحتلال الإسرائيلي شرقي القناة.
لقد تغير نمط العمليات الجوية على وجه الخصوص عن ذلك الذي كان سائدًا حتـى يونيو 1967؛ إذ لم يعد من الممكن لطائرات الاستطلاع المصرية تنفيذ طلعات جوية بارتفاعات عالية/ متوسطة لتصوير مواقع الجيش الإسرائيلي كما كان من قبل نتيجة لإمكانيات معدات الاستطلاع بالتصوير المتاحة في ذلك الوقت؛ وكذلك لوجود تهديدات من مقاتلات الاعتراض الإسرائيلي (ميراج-3 وفانتوم-4) والتـي قد تمنعها من تنفيذ تلك المهام. يضاف إلى هذا عدم توفر حواضن استطلاع إلكتروني بعيدة المدى تمكن طائرات الاستطلاع من العمل داخل المجال الجوي المصري.
لذا، اتجه طيارو القوات الجوية المصرية إل ابتكار أساليب بدائية جداً ولكنها عملية للغاية لاختراق عمق الخطوط المُحتلة على كافة المحاور وتسجيل أكبر قدر من المعلومات الخاصة بقواته بكل دقة ممكنة، إلى جانب توظيف طائرات الهليكوبتر “مي-8” لتنفيذ أعمل الاستطلاع بالتصوير لخط الجبهة مباشرة. وبالطبع تم هذا بالتعاون مع المخابرات الحربية والاستطلاع التي تعمل بكافة أدواتها على إعادة رسم نفوذ الجيش الإسرائيلي على خريطة سيناء. ولم يقتصر الاستطلاع الجوي على سيناء فحسب، لكنه كان يتم أيضًا فى مسرح العمليات البحرية بالبحر المتوسط والبحر الأحمر؛ وذلك من خلال رف الاستطلاع بعيد المدى المشكل من القاذفات المتوسطة اليوشن-28. كان هذا بهدف اكتشاف أية تحركات بحرية معادية خاصة الغواصات التي قد تهدد القطع البحرية المصرية أو خطوط الملاحة البحرية الخاصة بها.
إعادة الهيكلة
عقب استقرار الجبهة واستبيان الوضع بشكل عام والخروج من حالة الشائعات والغموض التي ظلت لما يقرب من عام عقب هزيمة يونيو 1967، بدأ التركيز على إعادة ترتيب وتطوير كل ما تسبب فيما حدث؛ فشمل ذلك إعادة تطوير وتشكيل كافة الوسائل المشاركة فى أعمال جمع المعلومات مواكبة بإعادة تشكيل الجيش المصري من جديد، والنظر فى الثغرات والتقادم فى شكل العمل الذي أدى إلى عدم القدرة على التنبؤ بنوايا الجيش الإسرائيلي وقدراته الحقيقية وبالتالي تطوير أنفسنا بناء على شكل وحجم التهديد الجديد.
على سبيل المثال، تمت إعادة التوسع فى التشكيلات التي كان يوكل إليها مهام استطلاع العدو في كافة أفرع القوات المسلحة، فقد كانت القوات الجوية المصرية تمتلك ثلاث رفوف استطلاع (الرف 4 طائرات) مشكلة من الميج-21 والسوخوى-7 واليوشن-28 فقط. لذا فقد تم التوسع فى تلك التشكيلات لتصبح لواء استطلاع جوي مكون من ثلاث أسرب استطلاع كاملة، مما سمح بقدرة عمل أكبر من خلال القيام بطلعات استطلاع جوي بالتصوير لمحاور سيناء (الشمالي-الطاسة-متلا-رأس سدر) بشكل دوري لمواقع العدو بعمق الجبهة، مما وفر قدرًا كبيرًا ودقيقًا جدًا من المعلومات التي ساهمت فى رسم صورة واضحة لمواقع العدو وحجمه فى سيناء بالكامل.
وبطول الجبهة، كانت تشكيلات الجيش الثاني والثالث الميدانيين “بعد إعادة تشكيلهما” تقوم بأعمال الاستطلاع الخاصة بالجبهة؛ سواء أكانت على الضفة الشرقية للقناة أو فى عمق خط المواجهة؛ حيث كانت تسجيل نشاط جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل مستمر بطول الجبهة يساعد بشكل كبير على التخطيط الجيد لأية عمليات ستتم سواء على أحد مواقع الجيش الاسرائيلي على شط القناة أو بالعمق. وقد كانت عناصر الاستطلاع/الصاعقة الخاصة بالجيشين الثاني والثالث تقوم بالعبور بشكل دوري لرفع إحداثيات جيش الاحتلال الإسرائيلي وتحديث المعلومات المتوفرة عنه بطول خط الجبهة، مما ظهر أثره مبكرًا خلال عمليات الإغارة التي كانت تتم على نقط الجيش الإسرائيلي سواء قبل بناء النقط الحصينة واستكمال خط بارليف أو بعد استكمال تلك التحصينات، أو الكمائن التي كانت تستهدف الدوريات التي كانت تعمل بين النقط الحصينة وتقوم بتنفيذها وحدات الجيشين سواء من الصاعقة أو المشاة أو المخابرات الحربية ممثلة فى المجموعة 39 قتال.
وفى اتجاه موازٍ، كانت المخابرات الحربية المصرية تعمل بشكل موسع على تجميع كافة المعلومات من مصادرها المختلفة. لكنها كانت تمتلك أدوات إضافية تعزيز من جودة تلك المعلومات، إذ كان لأفراد المجموعة 39 قتال دور مهم فى رصد العديد من مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي بمواقع صعبة للغاية. وقد قام أحد أفرادها برصد دقيق لمطار “رأس نصراني” بمنطقة شرم الشيخ الذي كانت المعلومات المتوفرة عنه شحيحه للغاية، مع رصد ورسم كافة تفاصيله بشكل دقيق خلال فترة الاستطلاع “داخل المطار” التي استمرت عدة أيام دون أن يتم رصده، إلى جانب الدور البطولي الذي قام به أهالي سيناء على سبيل المثال لا الحصر توفير كافة المعلومات عن جيش الاحتلال الإسرائيلي أو توفير كافة أشكال المساعدة لقوات الجيش بالتعاون الرائع مع المخابرات الحربية المصرية.
قياس رد فعل الجيش الإسرائيلي
عقب انتهاء حرب الاستنزاف بسريان العمل بمبادرة روجرز عام 1970، كان الهدوء قد ساد فى الجبهة بشكل تام، مما سمح بإعادة ترتيب الأوضاع دون ضغط من الجيش الإسرائيلي، وأعطى فرصة كبيرة لتدارس أعمال حرب الاستنزاف التي كانت لها دور رئيس في الإعداد والتخطيط الناجح لحرب أكتوبر 1973.
وقد كان من ضمن مراحل الإعداد الجيد لحرب أكتوبر هو قياس ردود الأفعال الإسرائيلية بشكل منظم وسليم، وذلك لتحديد واختبار قدرات رد الفعل فى مواقف قتالية سيتم العمل عليها بشكل رئيسي فى العمليات القتالية القادمة، فعلي سبيل المثال كان قياس رد فعل سلاح الجو الإسرائيلي فى التعامل مع أية اختراقات جوية لخط الجبهة من البنود الهامة فى التجهيز، فقد كانت القوات الجوية المصرية تدفع بتشكيلات جوية صغيرة (4:2طائرة مقاتلة) لاختراق خط الجبهة سواء بمنطقة قناة السويس أو خليج السويس ومنطقة شرم الشيخ، وذلك لقياس زمن رد الفعل لإقلاع المقاتلات الإسرائيلية من مطارات المليز و رأس نصراني اللذان يتمركزان بهما مقاتلات اعتراضية (ميراج-3/ فانتوم-4) لحساب زمن الاكتشاف والإنذار والاستعداد والإقلاع والوصول لمنطقة الاختراق ودراسة أنسب التكتيكات الجوية للتعامل معهم فى العمليات القتالية القادمة.
أما بالنسبة للقوات البرية، ممثلة فى الجيشين الثاني والثالث الميدانيين، فقد كان لرصد وتتبع مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي على الجبهة وعمق خط بارليف، ومتابعة مناوراته السنوية سواء أكانت من حيث التكتيكات أو حجم التشكيلات أو أنواع التسليح والمعدات وخصائصهم العامل المهم فى تحديد أفضل التكتيكات والقوات والتسليح المناسب من الجيش المصري للتعامل مع تلك القوات المعادية لتحقيق عبور ناجح لقناة السويس بأقل خسائر ممكنه خاصة فى المراحل الأولي لبدء القتال الذي كان كافة توقعات الخبراء تشير إلي نسب عالية جداً من الخسائر ومتطلبات فنية وتسليحية متطورة لتحقيق ذلك الهدف.
الانتصار المصري
بحلول الموعد المقدر لبدء العمليات فى السادس من أكتوبر 1973 كان إحداثي كل جندي إسرائيلي على أرض سيناء مرصودًا على خرائط العمليات المصرية بشكل غاية فى الدقة، حيث تحرك الزمن ابتداءً من الساعة الثانية ظهر السادس من أكتوبر حتى مساء يوم التاسع من أكتوبر كما كان مرسوم له بشكل فاق توقعات أفضل المتفائلين بالقوات المسلحة المصرية.
عبرت كافة تشكيلات القوات الجوية المصرية خط القناة مجتمعة فى تمام الساعة الثانية وخمس دقائق بتوقيت القاهرة، ومتفرقة بعد ذلك لأهدافها المحددة؛ كلُ بحسب تشكيلة. وصلت تشكيلات الميج-17 إلي مواقع صواريخ الهوك ( العمود الفقري للدفاع الجوي الإسرائيلي) المحددة بدقة و المنتشرة من رأس سدر جنوبًا إلي رمانة شمالاً بعمق 20:25كم من خط القناة بتوقيت متزامن وأخرجت كافة تلك الكتائب من العمليات طيلة أيام الحرب بعد ذلك، مما سمح للقوات الجوية المصرية بحرية عمل كبيرة فى سماء سيناء، ثم وصلت بعد ذلك تشكيلات الميج-21 إلي منطقة أم خشيب الذى كان يحتوى على مواقع دفاع جوي (هوك) ومركز التنصت والإغاثة الإلكترونية الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي فى سيناء على قمة جبل أم خشيب؛ حيث تم تدميره بشكل كامل وخرج من الخدمة طيلة أيام الحرب مما سمح للدفاع الجوي المصري ومراكز القيادة والسيطرة بالعمل بشكل كامل دون الإعاقة الإلكترونية لذلك المركز . وفى توقيت متزامن وصل المقاتلات القاذفة للواء السوخوى-7 وسرب الميج-21 إلى منطقة المليز لتعطيل مطار المليز ومواقع الدفاع الجوي المدافعة عنه بالإضافة إلى ضرب القوات المدرعة الإسرائيلية من احتياطي فرقة سيناء ومنع اشتراكها فى صد القوات المصرية التي كانت ما زالت بصدد العبور.
وفي ظل تلك الموجات من الضربات الجوية المصرية، قامت قوات الجيشين الثاني والثالث الميدانيين بتنفيذ خطة العبور بمراحلها المختلفة، بدءًا من موجات القصف المدفعي بإجمالي 2000 قطعة مدفعية بمختلفة الأعيرة النارية، التي وفرت ستارة نيرانية لوحدات المشاة والصاعقة القائمة بالعبور لاقتحام خط بارليف والوصول إلى خط خلف النقط الحصينة لمنع الاحتياطيات المحلية المدرعة للاحتلال الإسرائيلي من الوصول لمرابط النيران المعدة لها مسبقاً علي طول خط القناة. وبالتالي أتاح هذا الفرصة لوحدات المهندسين العسكريين لإقامة الكباري والمعديات لعبور باقي قوات الجيشين الميدانيين، خصوصًا الوحدات المدرعة من كتائب الدبابات الخاصة بالفرق المشاة الخمس لدعم القوات التي عبرت واستكمال مراحل إنشاء رؤوس الكباري واستكمال الخط الدفاع، تمهيداً لصد الهجوم المدرع الرئيسي لجيش الاحتلال الإسرائيلي المتوقع صباح يوم الثامن من أكتوبر.
ولحماية كافة تلك القوات البرية، كان علي الدفاع الجوي المصري أن يكون مستعداً بشكل جيد لاستقبال مقاتلات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي كان متوقعًا وصولها لقناة السويس لقصف قواتنا بعد 40 دقيقة فقط من بد العمليات الحربية وهو ما حديث بالفعل، إذ كانت وحدات الدفاع الجوي بكافة أنواعها من سام-2/3/6/7 والمدفعيات المضادة للطائرات بكافة أعيرتها فى انتظار تلك الطائرات؛ حيث كان الهدف الرئيسي هو حماية كباري العبور من التدمير بالإضافة إلي تأمين القوات البرية فى نطاق عمل وحدات الدفاع الجوي، وهو ما تم كما رسم له وتكبدت المقاتلات الإسرائيلية خسائر كبيرة أجبرتها علي عدم الاقتراب من خط القناة لعدم قدرتها علي التعامل مع الدفاع الجوي المصري.
وفي النهاية، أثبتت المجهودات الخاصة بجمع المعلومات على مستوى كافة أجهزته الدولة المصرية جدارتها في تأمين أدق التفاصيل الخاصة بجيش الاحتلال الإسرائيلي، والثى مكنت القادة من رسم خطط عمليات غاية فى الدقة والنجاح، مما ساعد القوات المنفذة لتلك العمليات من تحقيق أعلي معدلات النجاح بأقل وقت ممكن وبأقل خسائر متوقعة.
المصادر
- كتب:
- صراع فى السماء – لواء طيار محمد زكى عكاشة.
- جند من السماء – لواء طيار محمد زكى عكاشة
- مذكرات حرب أكتوبر – الفريق سعد الدين الشاذلي.
- اسرائيل والعمليات الخاصة – اللواء أحمد رجائي عطية.
- مقاتلون فوق العادة – للفريق يوسف عفيفي.
- حرب أكتوبر.. طريق السلام – اللواء طه المجدوب.
- سنوات الإعداد وأيام النصر- اللواء طه المجدوب.
- مذكرات الجمسي – المشير عبد الغنى الجمسي.
- وانطلقت المدافع عند الظهر – المشير عبد الحليم أبو غزالة.
- المعارك الحربية على الجبهة المصرية – جمال حماد.
- مقابلات شخصية:
- تسجيل مع اللواء طيار امين راضي – طياري استطلاع ميج-21.
- تسجيل مع اللواء طيار ايهاب مرسى – طياري ميج-17.
- تسجيل مع لواء طيار فاروق عليش – قائد لواء السوخوى-7.
- تسجيل مع لواء طيار حمدي شرارة – طيا رميج-17.
- تسجيل مع اللواء طيار احمد الجواهرجي – طيار تى يو -16.
- تسجيل مع اللواء طلبة رضوان – قائد سرية مشاة اقتحام تبة السبعات.
- تسجيل مع اللواء رجب عثمان – قائد كتيبة 12 المحررة لتبة الشجرة.
- التسجيل مع اللواء محمود منصور – قائد سرية صاعقة – مفرزة عبور الجيش الثالث.
- التسجيل مع اللواء احمد نعيم – مهندسين عسكريين ورئيس علميات الهيئة الهندسية.