لا يستبعد مراقبون أن يجبر طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه، الأول، على تغيير مخططاته بشأن الحرب في غزة.
ويتسند المراقبون إلى واقعة شبيهة حينما أعلنت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتوا بن سودا أن إخلاء قرية الخان الأحمر، شرقي القدس، وهدمها سيمثل جريمة حرب، وقد دفعت تلك التصريحات رؤساء وزراء إسرائيل إلى عدم المساس بالقرية منذ ذلك الحين.
وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تدعو فيها محكمة دولية لمحاسبة مسؤولين إسرائيليين على أفعالهم في الأراضي الفلسطينية.
لكن القرار بالأساس سيمس المسؤولين الإسرائيليين العسكريين والسياسيين، الذين سيجدون أنفسهم ممنوعين من السفر إلى كل الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 111.
ويتزامن طلب كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مع إعلان تل أبيب توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، بعد لقائي نتنياهو وجالانت مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جالك سوليفان.
ولم يتضح إذا ما كان قرار خان سيدفع إسرائيل للتراجع عن قرار توسيع العملية في رفح أو حتى وقف الحرب برمتها.
تفاصيل جرائم الحرب المرتكبة
حمل خان، في بيانه، نتنياهو وجالانت المسؤولية الجنائية عن “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية” التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة)، اعتبارا من 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على الأقل.
وسرد تلك الجرائم وهي: تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب باعتباره جريمة حرب، وتعمد إحداث معاناة شديدة، أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، والقتل العمد، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين باعتباره جريمة حرب، والإبادة أو القتل العمد، وأفعال لا إنسانية أخرى.
وأضاف خان أن مكتبه يدفع بأن هذه الجرائم قد ارتُكِبت في إطار نزاع مسلح دولي بين إسرائيل وفلسطين، ونزاع مسلح غير دولي بين إسرائيل وحماس، وقد ارتُكِبت في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين، كما أنها لا تزال مستمرة.
كما يُعتقد أن إصدار قرار من المدعي العام سيؤثر بشكل خاص على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية المتواجد خارج الأراضي الفلسطينية، وإن كانت سفرياته محدودة.
وقال خان إنه استنادا إلى الأدلة التي جمعها مكتبه وفحصها، فإن قادة حماس المذكورين قاموا بإبادة باعتبارها جريمة ضد الإنسانية والقتل العمد وأخذ الرهائن والاغتصاب والتعذيب والمعاملة القاسية، والاعتداء على كرامة الأشخاص، حسب اتهاماته
ردود أفعال إسرائيلة غاضبة
في المقابل، رفض سياسيون إسرائيليون بمختلف أطيافهم بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
واعتبر سياسيون إسرائيليون أن وضع رئيس الوزراء ووزير الدفاع على قدم المساواة مع قادة حركة حماس بأنه “عمى أخلاقي”.
وقال دبلوماسي إسرائيلي رفيع لموقع “واي نت” الإخباري إن قرار المحكمة الجنائية يمثل “نفاقا”، لكنه يظل “محرجا على المستوى الدولي”.
ويقول تقرير “واي نت” إنه على الرغم من أن الأمر كان متوقعا، إلا أن المسؤولين في إسرائيل “صُدموا” عندما صدر.
وأدان زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، بيان مدعي الجنائية الدولية ووصف السعي لإصدار أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين، بأنه “كارثة”.
وفي كلمته أمام كتلته البرلمانية، أعرب لبيد، عن أمله في أن يجتمع الكونجرس الأمريكي ويدين إجراء المحكمة الجنائية الدولية، بحسب رويترز.
الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني جانتس، اعتبر من جانبه، أن إسرائيل شنت “الحرب الأكثر عدالة بعد المذبحة التي ارتكبتها منظمة إرهابية ضد مواطنيها”، حسب قوله.
فهل تجبر المحكمة الجنائية الدولية نتناهو وحكومته على تغيير مخططاته بشأن غزة وينهي الحرب؟.