مني حزب “العدالة والتنمية” في الانتخابات المحلية بـ”أسوأ هزيمة” يتعرض لها في تاريخ حكمه للبلاد منذ عام 2002، حيث حلّ ثانيا بعد حزب الشعب الجمهوري المعارض، وفشل في استرداد السيطرة على البلديات الكبرى، بل وخسر بلديات كان يحكمها في السابق.
كما عززت النتائج مكانة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو باعتباره أبرز منافس للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المستقبل.
وأقر أردوغان بالتراجع، قبل أن يتعهد بتصحيح أي أخطاء قد تكون قادت إلى هزيمة حزبه في الانتخابات المحلية، مما أثار حالة من عدم اليقين بشأن خططه الإصلاحية.
وألقى أردوغان خطابا قال فيه إن “هذه ليست النهاية بالنسبة لنا لكنها في الواقع نقطة تحول”، مُقرا بما سماه “فقدان تفوق” حزب العدالة والتنمية.
واكتسح حزب الشعب الجمهوري معظم المدن الرئيسية بعد أن فاز بأكبر قدر من الأصوات لأول مرة منذ عقود، كما تغلغل في وسط تركيا المحافظ.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن عزوف الناخبين عن تأييد حزب “العدالة والتنمية” يعود إلى الضغوط الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى ما يقرب من 70 في المئة.
تراجع فرص أردوغان في تعديل الدستور
واعتبرت أن النتيجة تقضي على آمال أردوغان في تعديل الدستور بما يسمح بتمديد فترة حكمه إلى ما بعد 2028 عندما تنتهي فترة ولايته الحالية، فعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية وحلفاءه يتمتعون بأغلبية في البرلمان، فإن أردوغان سيحتاج إلى دعم أوسع أو استفتاء ناجح لتعديل الدستور.
وحصل حزب الشعب الجمهوري، حزب مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، على ما يقرب من 38 بالمئة من التأييد على مستوى البلاد متقدما بفارق تجاوز نقطتين على حزب العدالة والتنمية ومحطما سقف التأييد بنسبة 25 بالمئة الذي تمتع به هذا القرن.
ووصفت صحيفة جمهوريت المعارضة ذلك بأنه “نصر تاريخي” لقن أردوغان درسا.
وحصل إمام أوغلو من حزب الشعب الجمهوري على تأييد بنسبة 51 بالمئة في إسطنبول، أكبر مدينة في تركيا، متقدما بفارق 11 نقطة مئوية على منافسه من حزب العدالة والتنمية رغم إشارة استطلاعات الرأي إلى أن السباق متقارب.
وقال إمام أوغلو (53 عاما) لآلاف من أنصاره المبتهجين،: “انتهت فترة حكم الشخص الواحد اعتبارا من اليوم”.
وهزم رجل الأعمال السابق، الذي دخل السياسة عام 2008، مرشح أردوغان في الانتخابات المحلية قبل خمس سنوات منهيا حكم حزب العدالة والتنمية الذي استمر 25 عاما في المدينة، ويوصف الآن بأنه منافس رئاسي.
أسباب هزيمة أردوغان
لكن يبقى السؤال حول أسباب التراجع أو الهزيمة المفاجئة لحزب أردوغان؟
يجمع المحللون على أن الصوت الكردي عزز فرص إمام أوغلو حتى أمام مرشحة الحزب الكردي، ميرال دانيش بشتاش.، فضلا عن استمرار الأزمة الاقتصادية رغم تعهد أردوغان في الانتخابات الرئاسية بأنه سيعمل على حلها بالخبرات التركية، وأعاد بالفعل وجوها قديمة، مثل وزير المالية والخزانة محمد شيمشك، لكن لم يحدث التقدم المأمول.
ومثل انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، نقطة تحول كبرى في مواقف الناخبين، إلى جانبوارتفاع نسبة التضخم وضعف القدرة الشرائية.
أضف إلى ذلك رواج أحاديث حول فساد في المحليات ومجال المقاولات وبناء المنازل في جنوبي البلاد، خاصة بعد وقوع زلزال كهرمان مرعش في تلك المنطقة.
وجرت الانتخابات بعد شهر ونصف من مرور الذكرى السنوية الأولى للزلزال الذي وقع 6 فبراير 2023، وترك مرارة قاسية في حلوق الأتراك؛ حيث قتل عشرات الآلاف منهم، وتضررت مئات آلاف المنازل، وقدَّر أردوغان الخسائر بشكل عام في تصريح له العام الماضي بحوالي 104 مليارات دولار.
وما زال 700 ألف شخص يعيشون في حاويات؛ انتظارا لتحقيق وعود الحكومة بتسليمهم منازل، فيما أعلنت وزارة البيئة، فبراير الماضي، أن نصف المباني الموعودة قيد الإنشاء، وسلم أردوغان مفاتيح أول 7 آلاف مسكن لعائلات في هاتاي، قائلا إن الهدف هو تسليم ما بين 15 و20 ألف منزل شهريا، ودعا المواطنين للوثوق به.