نحو 5 أشهر مضت على الهجوم الجوي والبري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة وما نتج عنه من نزوح جماعي، ما تسبب في النقص الحاد في الغذاء، وهي جزء من كارثة إنسانية أوسع نطاقاً.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 15 طفلا توفوا، في يوم واحد، بسبب سوء التغذية أو الجفاف في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال غزة، وهو الجزء من القطاع الذي يعاني من نقص الغذاء بشكل كبير.
وقال كريستيان ليندميير، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية: “للأسف من المتوقع أن تكون الأرقام غير الرسمية أعلى”.
وأدت أزمة الجوع المتفاقمة إلى تكثيف الانتقادات لإسرائيل على الساحة العالمية، بما في ذلك من نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، التي تعتبر بلادها أقوى حليف لإسرائيل، وقالت إن الناس في غزة يتضورون جوعا، ودعت إسرائيل إلى بذل المزيد من الجهود لزيادة تدفق المساعدات بشكل كبير.
وحصلت رويترز على مقطع فيديو في منطقة كمال عدوان تظهر فيه امرأة تدعى أنور عبد النبي وهي تبكي على جثة ابنتها ميلا، الطفلة الصغيرة، التي ماتت للتو في سريرها.
بكت عبد النبي قائلة: “لقد ماتت ابنتي، ابنتي الجميلة، ابنتي اللطيفة”، وقالت لاحقاً ومن خلال دموعها إن ميلا كانت تعاني من نقص الكالسيوم والبوتاسيوم، لكنها لم تحدد سبب وفاة الطفلة.
وقال الدكتور أحمد سالم، الذي يعمل في وحدة العناية المركزة بالمستشفى، إن أحد عوامل ارتفاع عدد وفيات الأطفال هناك هو أن الأمهات الجدد يعانين من سوء التغذية.
وقال “الأمهات لا يستطعن إرضاع أطفالهن. ليس لدينا حليب صناعي. وهذا أدى إلى وفاة أطفال هنا في وحدة العناية المركزة. وفي الحضانة أيضا هناك وفيات عديدة”.
المساعدات أقل بكثير من المطلوب
تسليم المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة برمته أقل بكثير من المطلوب، والمشكلة أسوأ في الشمال لأن المعابر الوحيدة التي تسمح إسرائيل للشاحنات بالمرور فيها تقع في الجنوب، وقد استولت حشود يائسة على بعض شاحنات المساعدات قبل وصولها إلى الشمال.
وقالت أديل خضر، المديرة الإقليمية لليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إن الشعور بالعجز واليأس بين الآباء والأطباء الذين يدركون أن المساعدات المنقذة للحياة، على بعد بضعة كيلومترات فقط، بعيدة المنال، يجب أن يكون أمراً لا يطاق”.
وأكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في تقريرها الأخير عن الوضع بتاريخ الأول من مارس، إن ما معدله نحو 97 شاحنة يوميا دخلت غزة في فبراير بانخفاض عن نحو 150 شاحنة في يناير وأقل بكثير من العدد البالغ 500 شاحنة يوميا، هدف اليوم.
وألقت وكالات الأمم المتحدة والجماعات الإنسانية باللوم في هذا النقص على الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل، بما في ذلك إغلاق المعابر البرية إلى شمال غزة، والعمليات العسكرية المستمرة والنظام المعقد لتفتيش إسرائيل للمواد المتجهة إلى غزة.
وأدى الهجوم الجوي والبري، الذي شنته إسرائيل على غزة، إلى مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني هناك، وفقا لمسؤولي الصحة المحليين.
وفي مركز العودة الصحي برفح، توفي يوم الإثنين، طفل يبلغ من العمر 12 عاماً يدعى يزن الكفارنة، وتم تصويره لرويترز يوم السبت، وكان شاحبًا وهزيلًا وأطرافه هيكلية.
وقال الدكتور جابر الشعار، رئيس قسم الأطفال في مستشفى أبو يوسف النجار برفح، حيث عولج الطفل حتى نقله إلى مستشفى العودة، إن يزن مصاب بالشلل الدماغي، وكان يعتمد على نظام غذائي خاص مثل الفواكه المخلوطة والحليب، وهي مواد غير متوفرة الآن في غزة.
وعزا الطبيب وفاة الصبي إلى سوء التغذية، وقد حظيت الواقعة بشهرة واسعة حيث استشهد بها المبعوث الفلسطيني رياض منصور في اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقضت والدته أم يزن الكفارنة آخر أيام حياته إلى جانبه.
وقالت: “كان يأكل ويشرب ويتحرك ويلعب ويضحك. وكنت ألعب معه”.