احتلت منطقة الساحل الأفريقي، التي تضم النيجر، في السنوات الأخيرة، مراكز متقدمة في مؤشر الإرهاب العالمي، الذي أعده معهد الاقتصاد والسلام، وذلك استنادا إلى أرقام موثقة، حيث شهد 43 % من 6701 حالة وفاة في العالم سنة عام 2022 وحدها.
لكن النيجر، ظل بمأمن عن ذلك، وعلى العكس تماما شهدت في تلك الفترة انخفاضا في عدد الوفيات خلال العامين الماضيين.
أسباب تصاعد العمليات الإرهابية
يرجع ذلك بالأساس إلى جيش النيجر القوي ومساعدة فرنسا والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.
لكن الوضع تبدل عقب الانقلاب العسكري، في يوليو 2023، حيث كان الشهر التالي هو الأكثر دموية منذ مارس 2021.
وصعّدت الجماعات المتطرفة في النيجر هجماتها عقب إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب، فحتى الانقلاب الذي وقع في أواخر يوليو، كانت هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا حليفاً موثوقاً للولايات المتحدة وأوروبا – وقصة نجاح في منطقة تعاني من الانقلابات.
غير أن الهجمات الإرهابية، منذ الانقلاب، تضاعفت أربع مرات في الشهر التالي للانقلاب، حين قتل عشرات الجنود في هجمات لتنظيمات إرهابية أبرزها داعش وجماعة نصرة الإسلام.
وبعد فترة وجيزة من الانقلاب، أوقفت الولايات المتحدة عددًا من عمليات مكافحة الإرهاب والأنشطة المشتركة مع جيش النيجر، وسحب البنتاجون بعض قواته، فضلا عن خفض المساعدات الأمريكية بأكثر من 500 مليون دولار.
وفي واحدة من أعنف الهجمات، قتل 29 جنديا في تاباتول غربي النيجر بعبوات ناسفة وعربات انتحارية، في هجوم شنه أكثر من 100 إرهابي، حسب بيان وزارة الدفاع النيجرية، وتم إعلان الحداد الوطني لمدة 3 أيام.
وقبلها أعلنت وزارة الدفاع مقتل ما لا يقل عن 12 جنديا بعد هجوم شنه مئات المسلحين على دراجات نارية في كانداجي جنوب غربي البلاد.
تحذيرات من القادم
ويحذر الخبراء بالشأن الإفريقي من أن هذا المشهد ليس الأسوأ، فربما يكون مقدمة لتحويل هذا البلد من ساحة لعمليات إرهابية إلى ما يشبه الفوضى الأمنية خاصة إذا غادرت القوات الأمريكية قواعدها وحلت محلها وحدات من مجموعة “فاغنر” الروسية.
ويمكن أن تصبح النيجر أيضا ساحة أخرى للتنافس العنيف بين تنظيم”داعش” و”جماعة نصرة الإسلام”، مما يتسبب بالمزيد من المعاناة والإصابات في صفوف المدنيين.
ما يفاقم من حجم الأزمة ويعمق التحديات هو تنفيذ فرنسا خطة الانسحاب بالفعل حيث وصلت قافلة جنود من تباري-باري إلى نيامي تضم مركبات ثقيلة حاملة معدات ومدرّعات.
وجاءت الخطوة بعد أيام من إعلان وزارة الجيوش الفرنسية بأن عملية المغادرة الأولى تجري وفق ما كان مخططا وبتنسيق مستمر، مؤكدة الإعلان الصادر عن النظام العسكري النيجري أن القوافل ستغادر تحت حماية جنوده.
وتشير مصادر مطّلعة إلى أن القوافل ستتجه إلى تشاد مجتازة 1600 كيلومتر للوصول إلى نجامينا، حيث تتمركز قيادة القوات الفرنسية في الساحل.
وبات الرهان الوحيد لإنقاذ هذا البلد من تصاعد الهجمات الإرهابية هو القوات الأمريكية، حيث اعتمدت واشنطن على النيجر للتعاون الأساسي في إقامة القواعد ومكافحة الإرهاب من غربي أفريقيا إلى ليبيا، وتستضيف البلد أكثر من ألف جندي أمريكي يشاركون في التدريبات والعمليات الأمنية الإقليمية وحماية القاعدتين الجويتين اللتين يوجد فيهما عناصر الخدمة الأمريكيين.