مرت جماعة الإخوان المسلمين بعدد من التحولات الفكرية والتنظيمية، منذ عام 2013، لكن التحول الأبرز كان توسع لجوء الجماعة للعنف المسلح باعتباره وسيلة لمواجهة السلطة الجديدة، رغم أن جماعة الإخوان المسلمين حاولت تقديم نفسها، على مدار أكثر من 40 عامًا، (منذ التأسيس الثاني في السبيعينات) في ثوب الإصلاحيين.
وعقب فض اعتصام الإخوان المسلمين في ميدان رابعة- شرقي القاهرة في أغسطس 2013 ، تشكلت لجنة من الجماعة لإدارة الأزمة الداخلية، عُرفت أيضًا باسم اللجنة الإدارية العليا والتي تم إقرارها من مجلس الشورى العام للإخوان في فبراير 2014، وينسب لها تأصيل وشرعنة العنف المسلح داخل الجماعة[1].
ويمكن أن نعتبر أن تحولات العنف داخل الإخوان، جاءت من منطلق الصيرورة الاجتماعية والتنظيمية، بمعنى أن التحول نحو العمل المسلح تم بالفعل، ومن ثم تبعته التنظيرات الشرعية التي أعدتها الهيئة الشرعية لجماعة الإخوان، وأصدرتها في كُتيب بعنوان: “فقه المقاومة الشعبية للانقلاب”، إضافةً لدراسات أخرى أقل شهرة صدرت عن ما يُعرف بإدارة اللجنة الشرعية للحراك المسلح[2].
اتخذ الحراك الإخواني المسلح منحنىً تصاعديًا بمرور الوقت، ونما في صورة موجات ثلاث متعاقبة بدايةً من منتصف 2013 وحتى الآن، وتميزت كل موجة بتزايد حدة العمليات الإرهابية، واعتماد الحركات المسلحة على أدوات وتكتيكات أكثر فتكًا، حتى ظهرت خلال الموجة الأخيرة، كلًا من حركتي سواعد مصر (حسم)، ولواء الثورة.
وبالرغم من أن تلك الحركات لا تشكل تهديدا وجوديًا للدولة المصرية– في الفترة الحالية- إلا أنها تمثل خطرًا أمنيًا طويل المدى، قد يتعدى خطر تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء “ولاية سيناء”.
موجات العنف الإخواني 2013 حتى الآن
حدة العنف | التكتيكات المستخدمة | الحركة الإخوانية المسلحة | موجة العنف |
متدنية | – إشعال النيران – استخدام قنابل المولوتوف – إطلاق النيران من الأسلحة الصغيرة | – حركة إعدام – حركة مولوتوف – حركة ولع – حركة مجهولين | الموجة الأولى منتصف 2013 حتى أواخر 2014 |
متوسطة إلى مرتفعة | -عبوات ناسفة – إطلاق النيران. – عمليات اغتيال | – حركة المقاومة الشعبية. – حركة العقاب الثوري | الموجة الثانية أواخر 2015 وحتى منتصف 2016. |
مرتفعة | – عمليات اغتيال – سيارات مفخخة -عبوات ناسفة – كمائن وإغارة | – حركة سواعد مصر (حسم). – لواء الثورة. | الموجة الثالثة يوليو 2016 وحتى الآن |
المصادر: مراجعة بيانات الحركات الإخوانية المسلحة عبر حسابتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر، وتيليجرام) إضافةً لمدونة العقاب الثوري
أولاً: العوامل التي ساهمت في تطوير إمكانيات العنف المسلح
قبل الولوج إلى دائرة البنية التنظيمية لحركة حسم، لابد من الإشارة إلى العوامل والأسباب التي أدت لتطور العنف الإخواني المسلح، والتي أدت لظهور حركة سواعد مصر (حسم) كفاعل على الساحة، لأن تلك العوامل أثرت بشكل مباشر على تطور الهيكل التنظيمي للحركة.
ويمكن أن نعزو تطور العمل المسلح وظهوره في نسخته الأحدث (حسم)، إلى عدد كبير من العوامل، أهمها:
- الخبرة الأمنية والعسكرية التي اكتسبها عناصر الحراك الإخواني، خلال العمل المسلح.
- الدعم الاستخباري والعسكري الذي تلقاه نشطاء الإخوان عبر دول (كتركيا وقطر)، وحركات مسلحة أجنبية (كتائب القسام)[3].
- انضمام عناصر من تنظيم القاعدة، وخاصةً العائدين من ساحات الصراع في سوريا وليبيا[4].
- الدعم والتمويل الذي قدمته المكاتب الإدارية للإخوان بالمحافظات، بجانب شبكات تحويل الأموال الإخوانية التي نشطت من خارج مصر (كخلية الكويت على سبيل المثال)[5] والتي كان من بين أعضائها أبوبكر عاطف الفيومي، الناشط بحسم والمتورط في محاولة اغتيال النائب العام المصري المساعد.
ثانياً: ما هي الاستراتيجية التي تم اتباعها أثناء تأسيس حركة حسم؟
رغم أن حركة حسم تلقت عددًا من الضربات الأمنية القوية، ونجحت أجهزة الأمن المصرية في تفكيك عدد كبير من خلاياه، إلا أنها أثبتت قدراتها على التعايش والاستمرار، وذلك يرجع- بشكل أساسي- إلى طريقة تكوين الخلايا وبنية الحركة التنظيمية.
بُنيت الحركة بطريقة “النظام لا التنظيم”، وتعتمد تلك الطريقة على إنشاء خلايا عنقودية منفصلة بشكل تام، وغير مرتبطة سوى بالاسم المشترك، والمنهج السياسي والشرعي، إضافةً لوحدة الهدف التنظيمي، وتضمن هذه الطريقة عدم انكشاف كامل التنظيم إذا سقطت بعض الخلايا[6].
ثالثاً: الهيكل التنظيمي لحركة حسم
1- القيادة العامة للحراك المسلح
تشرف على جميع إدارات الحركة، وأنشطتها، ومسؤولة بشكل مباشر عن مجموعات التنفيذ، ترأسها القياديين محمد كمال، ومحمد السعيد أبوهاجر قبل مقتل الأول واعتقال الأخير، ويشرف عليها حاليًا كلًا من يحي موسى[8]، وعلاء علي السماحي[9].
2- إدارة اللجنة الشرعية
تتولي إعداد البرامج والدورات الفكرية اللازمة للتأصيل الشرعي للعمليات النوعية المسلحة وترسيخ الأفكار والمفاهيم الجهادية لدى عناصر الحركة، ومن أبرز أعضائها الدكتور مجدي شلش –عضو اللجنة الإدارية العليا الثانية-، والدكتور محمد صلاح شداد المدرس بكلية أصول الدين جامعة الأزهر سابقًا..
ويتبعها وحدتين هما:
أ- وحدة التأصيل الشرعي: مسؤولة عن التأصيل للعمليات المسلحة وإعداد الأبحاث اللازمة لذلك، وأصدرت كتيبين بهذا الشأن هما: الوقوف في وجه الظالمين- ومحاربة الفاسدين.
ب- وحدة المناهج: وهي مسؤولة عن إعداد المناهج التي تُدرس لعناصر الحركة في إطار إعدادهم فكريًا وتأهيلهم للعمليات المسلحة والانتحارية، ويتبعها “مجموعة الإعداد” المسؤولة عن إعداد المناهج التثقيفية (شرعية، وأمنية، وعسكرية) ويتم تلقين هذه المناهج لأفراد الحركة عبر دورات تُعقد في معسكرات ومقرات الحركة الآمنة.
3- إدارة اللجنة المالية
مسؤولة عن تمويل عمليات الحركة، وتوفير الرواتب الشهرية لأعضاء الحركة، ودفع الإعانات الشهرية لأسر المعتقلين والمقتولين من أبناء الحركة، وتتلقى تمويلها عبر شبكات تحويل الأموال الإخوانية، إضافةً لتبرعات أعضاء الجماعة، وخصصت الإدارة راتب شهري للمشاركين في العمل المسلح يترواح مابين 500: 1000 جنيه.
4- إدارة اللجنة الإعلامية
مسؤولة عن إعداد الإصدارات ومتابعة النشر على منصات الحركة وحسابتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وإدارة قناتي حركة سواعد مصر – وإعلام المقاومة على تطبيق تيليجرام للتواصل الاجتماعي. ويشغل خالد سيف الدين –اسم حركي- منصب المتحدث الإعلامي لحركة سواعد مصر، وأجرى حوارًا واحدًا نشر في ستمبر 2018 ضمن، العدد الـ14 لـ”مجلة كلمة حق” التي يصدرها محسوبون على الجماعة من تركيا.
ويتبع اللجنة الإعلامية:
أ-مكتب الإعلام العسكري[10] : المعني بتصوير معسكرات التدريب والعمليات الإرهابية، حيث أعد المكتب إصداري (قاتلوهم)، و(أزيز الرصاص)، والذين تضمنا لقطات من تدريبات عناصر الحركة، وأخرى لتنفيذ هجمات إرهابية.
ب- اللجان الإلكترونية الإعلامية: مسؤولة عن متابعة المواقع الإخبارية وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي ورفع تقرير أسبوعي بها للقيادة العامة.
5- الجهاز الأمني والاستخباري
يتولى إعداد قواعد البيانات المختلفة للحركة، والتأكد من اتباع عناصره لإجراءات الأمن والسلامة، إضافةً لجمع المعلومات ورصد الأهداف وتدوينها ببنك الأهداف، ويتبع هذا الجهاز :
أ- إدارة متابعة الوحدات الإدارية: مسؤولة عن تأمين البيانات الخاصة بعناصر الحركة، والتأكد من اتباعهم لتعليمات الأمن والسلامة، ويتبع هذه الإدارة ما يعرف بلجنة الأرشيف أو(مجموعة شؤون الأفراد) المسؤولة عن الاحتفاظ بكافة بيانات أعضاء حركة سواعد مصر، وإبلاغ ذويهم في حالة تعرضهم للقتل، أو الاعتقال، ورفع تقارير للجنة المالية لتتولى توفير الإعانات الشهرية لذوي المعتقلين والمقتولين.
ب- إدارة المعلومات، ويتبع هذه الإدارة:
- مجموعات الرصد المركزي: يتلقى أعضائها تدريبات متقدمة على الرصد والمراقبة، ويستعملون أدوات متطورة كأجهزة كارمن جي بي إس، وأجهزة wave للرصد، بجانب نظارات الميدان العسكرية، وغيرها، وهم مسؤولون عن إعداد تقارير رصد للأهداف المرصودة من قبل القيادة العامة للحراك، وتشير تحريات جهاز الأمن الوطني المصري إلى أن أعضاء حسم شكلوا مجموعة من المخترقين (الهاكرز) لاختراق أجهزة الحاسب الآلي وأجهزة الاتصالات، وكاميرات المراقبة لاستغلالها في عملية الرصد.
- بنك الأهداف: تُسجل به نتائج تقارير الرصد، التي تُرفع للقيادة العامة.
6- الجهاز العسكري
يندرج الجهاز العسكري تحت القيادة العامة، وهو وحدة تنظيمية كبرى مقسمة إلى إدارات ومجموعات كالتالي:
- إدارة العمليات: تتولى تنفيذ العمليات الإرهابية ضد الأهداف الكبرى التي تُرصد من قبل إدارة المعلومات، وتنبثق عن إدارة العمليات 7 مجموعات مركزية، هي:
- مجموعة التصنيع: مسؤولة عن تصنيع العبوات المتفجرة وتسليمها لمجموعات التنفيذ لاستخدامها في العمليات الإرهابية .
- مجموعة التنفيذ: أفراد مختارون بدقة ويتميزون بقدرات نفسية وجسمانية عالية، يختارون لتنفيذ الهجمات الإرهابية.
- مجموعة الدعم اللوجيستي: تُوفر الدعم لعناصر المجموعات وفقا لاحتياجاتهم.
- مجموعة التسكين: تضطلع بانتقاء وتجهيز المقار التنظيمية التي تستخدم في إيواء عناصر الحركة الهاربة وعقد اللقاءات التنظيمية وإخفاء الأسلحة والأدوات المستخدمة في تنفيذ العمليات الإرهابية
- مجموعة التنكر: يدرب عناصرها أعضاء المجموعات علي أساليب التنكر .
- مجموعة التزوير: يقوم عناصرها بتزوير أوراق تحقيق الشخصية لعناصر الحركة لاستخدامها في تحركاتهم .
- مجموعة التخزين: مسؤولة عن تخزين وإخفاء الأسلحة والعبوات المتفجرة وتدبير معسـكرات التدريب وإعدادها ، بالتنسيق مع إدارة التدريب العسكري.
- قوات حسم الخاصة “صقور الحسم”[11]: تندرج خلية صقور الحسم، ضمن إدارة العمليات، وتعرف خلية صقور حسم بأنها نخبة القوات الخاصة، وظهرت هذه الخلية ضمن إصدار أزيز الرصاص، أثناء مهاجمتها لسيارتي شرطة وقتل عناصرها بمدينة نصر (شرق القاهرة)، ويتميز عناصرها بتدريب وتسليح خاص.
7- هيكل العمليات بالمحافظات
بخلاف المجموعات المركزية للحركة، تنشط خلايا عنقودية في المحافظات-تتلقى دعمًا من المجموعات المركزية بحسب الحاجة- التي قسمتها حسم لـ4 قطاعات رئيسية، كالتالي:
– القطاع المركزي: ويشمل محافظات (القاهرة، والجيزة، والقليوبية).
– القطاع الشمالي: ويشمل محافظات (الإسكندرية- البحيرة- المنوفية- الغربية- كفر الشيخ- الدقهلية).
– القطاع الجنوبي: ويشمل (الفيوم وبني سويف).
– قطاع الصعيد: ويشمل محافظات (المنيا- أسيوط- قنا- سوهاج- الأقصر- أسوان).
ويُلاحظ أن المحافظات المذكورة ضمن القطاعات الرئيسية لحسم، هي ذات المحافظات التي نشطت فيها حركة العقاب الثوري (قبل تأسيس حسم)، وهي ذات المحافظات التي وافقت المكاتب الإدارية للإخوان بها على التحول للعمل المسلح وفقًا لتنظيرات “فقه المقاومة الشعبية للانقلاب”[12].
ويتشكل الهيكل التنظيمي لكل محافظة كالتالي:
– القيادة : مسؤولة عن إدارة خلايا العمل المسلح في نطاق المحافظة.
– القطاعات الفرعية: تنقسم كل محافظة إلى 3 قطاعات فرعية، يشرف على كل قطاع منها قيادي بالعمل المسلح.
– الوحدات: ينبثق عن كل قطاع فرعي وحدتين لكل منهما مسؤول منفصل.
– الخطوط: تنقسم كل وحدة إلى 3 خطوط مستقلة، ويتولى مسؤولو الخطوط توجيه المجموعات التنظيمية الأدنى، كما أنهم يقومون بعملية تجنيد واستقطاب عناصر جديدة للحراك المسلح.
– المجموعات: ينقسم كل خط إلى 3 مجموعات، وتنقسم كل مجموعة إلى 4 خلايا.
-الخلايا: تصنف الخلايا باعتبار دورها الوظيفي مابين خلايا (الرصد، والدعم اللوجيستي، والتصنيع، والتنفيذ)، وكل خلية مسؤول مرتبط بمسؤول المجموعات، وتتكون الخلية من 3: 5 أفراد مدربين على العمل المسلح، وراعت الحركة في طورها الثاني انتقاء أفراد الخلايا من الأشخاص الذين لم يسبق لهم المعرفة ببعضهم البعض، حتى لا تسقط كل الخلية بمجرد سقوط أحد أعضائها، وذلك بعد إعادة الهيكلة للمرة الأولى نتيجة سقوط عدد كبير من مجموعات العمل المسلح في 2016.
ويعتمد أفراد حركة حسم على تطبيقات التواصل الاجتماعي المشفر: (تيليجرام، وثيرما، ولاين، وواير) لتلافي رصد الأجهزة الأمنية لهم.
8-إدارة التدريب العسكري
مكونة من مجموعات التدريب المعنية بتدريب عناصر الحركة علي استخدام الأسلحة المختلفة وأساليب تصنيع العبوات المتفجرة وتنفيذ الاغتيالات والعمليات الإرهابية ، وهي مسؤولة عن المعسكرات التي أنشأتها الحركة.
وأنشأت إدارة التدريب معسكرات داخل وخارج القطر المصري داخل بعض الشقق السكنية، وفي المناطق الصحراوية، لاسيما في البحر الأحمر وسيناء وأسوان، وأمكن لأجهزة الأمن أن ترصد وتفكك معسكري صحراء أسوان، والبحر الأحمر، بينما اعترف عناصر الحركة في التحقيقات بتلقي التدريبات العسكرية خارج البلاد في عدة معسكرات منها: (معسكر الخرطوم، ومعسكر حي بري، ومعسكر حي أزهري، ومعسكر حي الرياض، إضافةً لمعسكر مدينة عطبرة، ومعسكر مدينة بور سودان)، كما تلقى بعض أعضاء الحركة تدريبا استخباريا خاصًا بأحد فنادق ماليزيا، على أيدي خبراء أمنيين، وبإشراف من علاء السماحي.
وظهرت معسكرات التدريب التي تسخدمها الحركة في إصدار “قاتلوهم”، وأظهر الإصدار أوجه التدريب النظري داخل قاعة صغيرة بها ما يزيد عن الثلاثين شخًصا، ومحاضر يشرح شيئا ما في منطقة صحراوية مستخدًما جهاز بروجيكتور ولاب توب بجوارهما عددًا من الكتب.
وتضمنت التدريبات التي تلقاها أعضاء الحركة إعداد العبوات المتفجرة، وحرب المدن، واستخدام الأسلحة النارية المتطورة (أربي جي، جرينوف، بنادق القنص)، وشارك في التدريب داخلها مدربون عسكريون من كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
ويبدو من الهيكل التنظيمي السابق، مدى التطور الذي وصلت له حركة حسم، وهو أحد عوامل بقائها رغم الضربات الأمنية القوية التي نفذتها أجهزة الأمن المصرية.
رابعاً: نموذج ترتيب وتنفيذ عملية إرهابية
تعمل حركة سواعد مصر (حسم)، عبر سلسلة متداخلة من الأنشطة والتفاعلات التي تتم قبل تنفيذ أي عملية جديدة، وتعطي القيادة العليا (المتواجدة بالخارج)، توجيهاتها للمستوى الأدنى (وحدات العمل المسلح)، وذلك ضمن العملية التي يتم اختيار اسم كودي لها.
وتُكلف القيادة أحد مجموعات الرصد المركزي أو خلايا الرصد بالمحافظات (في هذه الحالة يكون التكليف من المسؤول التنظيمي داخل المحافظة بناءً على طلب القيادة من خارج البلاد) بإجراء استطلاع لعدد من الأهداف التي غالبًا تكون محددة من قبل، ويقوم الرصّاد بإعداد تقارير مابعة تفصيلية للأهداف التي تم رصدها.
وتشمل عملية الرصد تحديد طبيعة الهدف ومستوى تأمينه، والاحتياطات الإضافية للتأمين،(كاميرات المراقبة، وأجهزة الإنذار..)، وخطوط سير الأهداف المتحركة (قول أمني، موكب شخصية هامة..)
عقب فراغ الرصّاد من مهمتها، تُرفع التقارير لمسؤولي العمل المسلح، ومن ثم تحدد القيادة العليا، مجموعة التنفيذ والطريقة التي سيتم بها تنفيذ العملية (تفجير سيارة مفخخة، اشتباك مباشر.. إلخ)، وتعطي المجموعة التفاصيل التي تضمنتها تقارير الرصد.
كما تكلف القيادة العليا مجموعات الدعم اللوجيستي بتوفير الأدوات اللازمة لمجموعات التنفيذ (سيارات، أسلحة، هويات مزورة..)، ولو كانت العملية سيتم تنفيذها عبر العبوات الناسفة أو السيارات المفخخة، تُكلف القيادة مجموعات التصنيع بتجهيز العبوات أو تفخيخ السيارات، وتركها في منطقة ما (نقطة اتصال ميتة )، لضمان عدم التقاء مجموعات التصنيع بمجموعات الدعم اللوجيستي، أو مجموعات التنفيذ.
ثم تُخبر القيادة العليا، أعضاء خلية التنفيذ بالمكان الذي يوجد به الأدوات والمعدات التي سيتم استخدامها في العملية، كما تضع القيادة في بعض الأحيان خطة تنفيذ العمل (العمليات الكبرى)، ويُترك لأعضاء خلية التنفيذ اختيار الخطة في بعض الأحيان.
وتتم كل المراسلات بين القيادة العليا وبين المجموعات باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي المشفر، وباستعمال أكواد خاصة للتواصل معروفة سلفًا للطرفين، كما تستخدم المجموعات طريقة (نقطة الاتصال الميتة، أو الصندوق الميت) في تبادل المعدات والسلاح، حتى لا تتعرف المجموعات إلى بعضها.
وتضمن الطريقة السابقة عدم انكشاف كل المجموعات إذ سقطت أي مجموعة أو خلية منهم، وذلك لأن الرابط الوحيد بين كل المجموعات هي “القيادة” المتواجدة خارج البلاد والتي توجه المجموعات عبر برامج التواصل المشفرة.
خاتمة
دخلت حركة سواعد مصر، في مرحلة كمون استراتيجي عقب تفكيك الأمن لشبكات وخلايا عدة تابعة لها خلال أعوام (2017، و2018، و2019)، إلا أنها لازالت نشطة عبر الفضاء الافتراضي عبر أذرعها الإعلامية التي تواصل التحريض على العمل الإرهابي.
تُعيد الحركة هيكلة خلاياها وتعمل على استعاضة العناصر التي اعتقلت أو قُتلت[13]، وتسعى لانطلاقة جديدة، قد تكون أخطر من انطلاقتها الأولى. وبالتالي تشكل حسم تهديدًا أمنيًا طويل الأمد قد يماثل أو يزيد عن تهديد تنظيم داعش.
تواجه الحركة مشكلات وجودية بسبب الخلاف الإخواني – الإخواني، لكنها أثبتت أنها لا تزال قادرة على التواجد رغم احتدام هذا الخلاف في فترات سابقة.
قد نجد خلال المستقبل القريب أو البعيد عملية هجرة عكسية أو تشظى داخل حركة حسم، ينتج عنه انضمام عدد من عناصرها للتنظيمات الإرهابية الأخرى لاسيما تنظيم داعش وفرعه المحلي (ولاية سيناء)، أو تنظيم القاعدة، إذ يبدو أن عناصر الحركة غير عازمين على وقف العنف في المدى القريب والمتوسط.
المراجع
[1] فضائية مكملين، حديث تاريخي مع الدكتور مجدي شلش عضو اللجنة الإدارية العليا للإخوان وصديق د. محمد كمال، على الرابط التالي (https://www.youtube.com/watch?v=ffxvHduo064)
[2] نص التحقيقات في القضية 420 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا (معروفة بحسم 2 ولواء الثورة).
[3] تشير عدة وثائق صادرة عن جهاز الأمن الوطني المصري (الاستخبارات الداخلية) إلى تورط الاستخبارات التركية والقطرية في دعم وتدريب عناصر الحركات الإخوانية المسلحة بمصر، وأكد عدد من نشطاء تلك الحركات أنهم تلقوا تدريبا على أيدي عناصر الاستخبارات التركية بماليزيا والسودان.
[4] اعترافات محمود محمد هاني قبلان في القضية 420 لسنة 2017، وهو متورط عضو سابق بتنظيم القاعدة في سوريا، وأحد عناصر الخلية التي خططت لاغتيال الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) يمكن الاطلاع عليه عبر الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=mhdz63W9MeM
[5] صحيفة الرآي الكويتية، «الراي» تنشر القصة الكاملة لخلية «الإخوان» المصرية الإرهابية في الكويت، ويمكن الاطلاع عليه على شبكة الإنترنت عبر الرابط التالي:
https://www.alraimedia.com/Home/Details?id=c361efab-5109-4564-b816-e864cabe41dd
[6] أبومصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية الطبعة الأولى ديسمبر 2004 (نسخة إلكترونية)، ص 1399، 1400
[7] اعتمدت على الرصد والتقصي والرصد في تحديد ملامح الهيكل التنظيمي، وتضمن ذلك مراجعة كل ملفات التحقيقات مع عناصر الحراك المسلح (قضية حسم 2 ولواء الثورة- قضية محاولة اغتيال النائب العام المساعد – قضية طلائع حسم، وأخيرًا القضية 314 لسنة 2016 أمن دولة عليا)، ومراجعة الإصدرات المرئية والبيانات الإعلامية الصادرة عن الحركة، إضافةً لحوارات المسؤوليين الإعلاميين لها.
[8] دكتور عظام، حاصل على ماجيتسير الطب والجراحة من جامعة الأزهر بالقاهرة، التحق بمكتب وزير الصحة المصري في نوفمبر 2012، وعُين متحدثًا رسميًا لوزارة الصحة في فبراير 2013، وظل في منصبه حتى بعد أسابيع قليلة من عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، سافر إلى تركيا في سبتمبر 2013، واتهمته الأجهزة الأمنية المصرية بالتخطيط لعملية اغتيال النائب العام المصري الأسبق المستشار هشام بركات، كما تتهمه بالمشاركة في قيادة حركة سواعد مصر، أدرجته 4 دول عربية (مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين) على قوائم الإرهاب، ووضعت الشرطة الدولية “الإنتربول” اسمه في النشرة الحمراء للمطلوبين أمنيًا، وتقول عدد من وسائل الإعلام المصرية والعربية إنه أحد أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين.
[9] من مواليد 1986، بقرية دلجمون محافظة الغربية، انضم لجماعة الإخوان المسلمين، كان عضو بإحدى الشعب، وعقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013، عمل بموجب تكليف من قيادات جماعة الإخوان المسلمين (جبهة محمد كمال) على إعادة هيكلة وتأسيس مجموعات العمليات النوعية، وتشكيل حركة سواعد مصر، وتتهمه أجهزة الأمن المصرية بالوقوف وراء عشرات الهجمات الإرهابية أبرزها محاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز في سبتمبر 2016.
[10] أزيز الرصاص، الإصدار الثاني للحركة (مايو 2017).
[11] أزيز الرصاص، مصدر سابق.
[12] تحدث مجدي شلش عن تلك المحافظات في لقاءه عبر فضائية مكملين (مرجع سابق).
[13] مجلة كلمة حق، العدد 14، سبتمبر 2018، حوار المتحدث باسم حركة حسم.