في مقطع فيديو حديث، شوهد مرتزقة سوريون مدعومون من تركيا يقاتلون لصالح حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في ليبيا، بمساعدة المليشيات الإسلامية المحلية، قائلين: “لقد بدأنا للتو. وهدفنا دخول غزة “. وذكروا كذلك أنهم يريدون مواجهة الرئيس المصري والذهاب إلى اليمن.
في تحول غير متوقع للأحداث، خسر خليفة حفتر طرابلس، حيث استطاعت حكومة الوفاق السيطرة عليها.
نتيجة لذلك، في غضون أيام، دعت مصر، في مؤتمر صحفي مع حفتر، إلى وقف إطلاق النار وإطلاق مبادرة سلام نحو إعادة توحيد ليبيا، وهي دعوة لم ترد عليها حكومة الوفاق الوطني. في اليوم التالي للإعلان، قامت مصر بنقل شاحنات وأسلحة ثقيلة إلى الحدود المصرية الليبية في محاولة لإظهار استعدادها لاتخاذ جميع التدابير لحماية مصالحها الأمنية الوطنية من التعدي عليها من قبل التحالف – التركي – القطري، المدعوم من إيطاليا ورمزيًا من الولايات المتحدة.
وذكر ناشطون مؤيدون للجيش الوطني أن مصر سترفع مستوى دعمها للجيش الوطني الليبي، على الرغم من أنه لم يتضح بعد ما الذي يعنيه ذلك. يأتي هذا التطور بعد سلسلة من الهزائم الأخرى التي لا يمكن تفسيرها من قبل كل من الجيش الوطني الليبي ومرتزقة مجموعة فاغنر الروسية.
ردًا على فقدان تسعة أنظمة دفاع صاروخية من طراز بانتسير، صعّد الروس الأمر عن طريق جلب طائرات نفاثة. وشوهدت تركيا أيضًا وهي تنقل أسلحة ثقيلة إلى منطقة إدلب ذات النفوذ التركي في سوريا حيث استأنف الروس الضربات الجوية ضد المتمردين السوريين المدعومين من تركيا.
ليس فقط أعضاء اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب هم من يقاتلون الحروب بالوكالة ضد التكتلات الإسلامية على جبهات متعددة في الشرق الأوسط وأفريقيا، ولكن يبدو أن روسيا وتركيا متقاربتان في العديد من البلدان أيضاَ. في حين أن النتائج في سوريا وليبيا ليست واضحة بعد حيث أن دمشق تضع اللمسات الأخيرة على تعزيز السيطرة المحلية على البلاد، فإن روسيا لديها ميزة في سوريا في التحالف مع قوات الأسد، وعلى الرغم من خلافاتهما مع إيران. لا أحد يستطيع التخمين ماذا سيحدث إذا اتبعت اليمن نفس المسار.
وبينما كانت أنقرة تطلب دعمًا ماليًا من دول مختلفة، فمن السابق لأوانه استبعاد احتمال أنها ستقدم على استثمار هذا التمويل الذي لم تحصل عليه بعد في نزاع آخر. من المحتمل أن تعتمد تركيا على رغبة قطر التي تقوم بدور الممول في تأجيج الحرائق حيثما كان ذلك ممكنًا وإشراك خصومها الإقليميين في حروب غير متكافئة وإعلامية لا نهاية لها.
في الواقع، هناك أدلة تشير إلى نهج عدواني من جانب تركيا للمشاركة في اليمن. إذ تتماشى أنشطتها مع نهج القوة الناعمة السابق لتركيا في إدارة العلاقات أكثر مما تتماشى مع الأنشطة المتهورة والفضائحية والعدائية التي أدت إلى نتائج عكسية على أردوغان في سوريا وشرق البحر الأبيض المتوسط وليبيا.
في اليمن، يتركز حضور تركيا على المناطق الساحلية الثلاث. وتبقى نقاط التحكم الاستراتيجية لباب المندب وخليج عدن جوائز مرغوبة تراقبها عدة دول، بما في ذلك إيران وروسيا.
تحاول تركيا المناورة بين الأطراف المتورطة في العديد من النزاعات التي تختمر في اليمن، وربما تلجأ إلى حكومة هادي المعترف بها دوليًا للموافقة والدعم. على الجهة المقابلة، تعمل الحكومة اليمنية رسمياً مع التحالف العربي بقيادة السعودية، والذي لن ينظر بلطف إلى مثل هذه المبادرات.
هناك اتهام لحكومة هادي بالفساد والتورط مع عناصر إسلامية متطرفة. حيث عملت مع حزب الإصلاح والإخوان المسلمين، اللذان تعاونا مع الانفصاليين الحوثيين المدعومين من إيران، مما تسبب في سوء اتصال داخل التحالف العربي. من المؤكد أن أردوغان سيسعى لاستغلال أي علاقات وتعاطف إسلامي، حتى أنه يعمل جنبًا إلى جنب مع قطر لإغراء مثل هذه العناصر للانضمام إلى التحالف الإسلامي الناشىء.
ومع ذلك، فإن المناورات الحالية التي تقوم بها تركيا حول شبوة وسقطرى والمخا في تعز من شأنها أن تثير الدهشة. تتواجد الإمارات العربية المتحدة في سقطرى، التي تعارض بشدة التدخل التركي في المنطقة.
ومع ذلك، فقد قامت وسائل الإعلام واللوبيات القطرية بتعبئة السكان المحليين الذين يميلون إلى الإسلاميين وغيرهم ممن هم أكثر تعاطفاً مع أهداف التحالف العربي، وهذه هي العناصر التي تستهدفها تركيا. وهو نفس النهج الذي اتبعته في أفريقيا وشبه القارة الهندية، استثمرت تركيا بشكل كبير في التواصل الإنساني مع أنصارها اليمنيين المحتملين عبر هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات (IHH). نشطت الهيئة في منطقة شبوة منذ ذلك الحين – بعد انسحاب معظم قوات الإمارات العربية المتحدة – حيث سقطت إلى حد كبير تحت سيطرة الإخوان المسلمين منذ عام 2019. الفكرة التركية هي نشر السيطرة الإسلامية عبر منطقة علم في جنوب غرب اليمن، حيث استطاعت القبائل والميليشيات الإسلامية في توجيه بعض الهزائم للتحالف العربي بشكل متزايد.
تضمنت الهجمات التي قامت بها القبائل والميليشيات الإسلامية سلسلة من إطلاق قذائف الهاون التي استهدفت خطوط الإمدادات الغذائية والطبية التي أجبرت قوات التحالف على التراجع. في حين يبدو أن القوات المدعومة من التحالف منقسمة بشكل متزايد حول خلافاتهم فيما يتعلق بأهدافهم بعيدة المدى للبلاد، بما في ذلك الحلقة الأخيرة التي ادعت فيها قوات الحركة الانفصالية الجنوبية السيطرة الوحيدة على عدن، مما تسبب في جدل وتفسخ داخل التحالف.
يسعى الإخوان المسلمون لاستغلال الفراغ الأيديولوجي والمادي للسلطة للوصول إلى ميناء بلحاف ذي الأهمية الاستراتيجية. هناك، سيسيطر الإسلاميون على صادرات الغاز المهمة التي تخدم هدف تركيا في تقليل الاعتماد على الطاقة على البلدان الأخرى. وهذا سيتيح لهم إمكانية الوصول الفعلي إلى الساحل المطل على بحر العرب، والذي سيكون نقطة دخول مهمة لأي مشاركة عسكرية مستقبلية من قبل تركيا.
بالإضافة إلى ذلك، يستغل أردوغان التوترات السياسية، ومن المعروف أنه يتحاور مع رمزي محروس، حاكم سقطرى، الذي يقال أنه التقى بالمخابرات التركية والقطرية في اسطنبول.
كما تستخدم تركيا جماعة الإصلاح لاختراق النظام التعليمي والمؤسسات الدينية والبنية التحتية الاجتماعية الأخرى في اليمن، وذلك باستخدام الكتب المدرسية القطرية والخبرة التركية في التأثير الإيديولوجي لتطرف السكان المحليين.
ماذا عن روسيا؟
على مدى السنوات العديدة الماضية، استطاعت روسيا أن تجد لها مكاناً على الأرض، حيث لعبت على جميع الأطراف وحتى أنها قدمت أثرًأ إنسانيًا رسميًا للاحتفاظ بالوصول وفتح الحوار مع أي شخص ينتهي به الحال إلى قمة الحكم.
هدف روسيا أكثر تعقيدًا من هدف تركيا من حيث أنها لا تسعى لإعلان انحيازاتها لأي طرف في الصراع. كما هو الحال مع سوريا، تعتبر روسيا نفسها وسيطًا قويًا مؤثرًا بين العديد من الجهات المنشقة. حيث تسعى لأن يُنظر إليها على أنها وسيط سياسي، على الرغم من عدم وجود مسار أكيد لتصبح صاحبة سلطة ونفوذ وتحصل على سيطرة مباشرة أو تأثير واسع وموحد.
في حين أن موسكو لا تختار بشكل صريح أي من الجانبين بين قوات هادي/ التحالف والحوثيين أو حتى الإصلاح، فإنها لا تزال في حوار مع جميع الأطراف دون استعداء أي جماعة من خلال تدخل المتشددين.
بالنسبة لروسيا، فإن النتيجة في اليمن أقل أهمية من قدرتها على تطوير أجندتها من خلال الوصول إلى قواعد عسكرية محتملة في نقاط التحكم الاستراتيجية، وكسب النفوذ السياسي بشكل عام، وإدارة صادرات الغاز، والقدرة على الاستفادة من دورها في اليمن نحو دور ومشاركة إقليمية أكبر.
نظريًا، طالما أن تركيا تحترم هذه الحدود ولا تتعارض مع روسيا بشأن مصالحها، يمكن للبلدين متابعة أهدافهما جنبًا إلى جنب، خاصة أنه لا يوجد فائز واضح الآن. ومع ذلك، أيجب على تركيا أن تتقدم بقوة أكبر لفرض سيطرة الإسلاميين والتدخل عسكريا، وهل يجب أن تحاول الإطاحة بروسيا من أن تلعب دورًا قياديًا أو مؤثرًا في اليمن بسبب صراع المصالح أو استجابة لعدم حل التوترات في سوريا أو ليبيا، قد يمكننا ان نشهد حرب أخرى بالوكالة.
هل ستنضم روسيا إلى حكومة هادي والائتلاف العربي أم إلى الحوثيين؟ سيعتمد ذلك على من تعتبره روسيا في النهاية الفائز المحتمل.