“لا تزال روسيا تجمع شتات ردها على غزو أوكرانيا. حتى الآن، لم يكن سوى رد فعل بطيء ومتفرق إلى حد ما”.. بتلك العبارة لخص الجنرال كريستوفر كافولي، القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا، وهو ثاني أعلى شخصية عسكرية في حلف شمال الأطلسي، بعد رئيس اللجنة العسكرية روب باور، المشهد في كورسك الروسية.
كافولي، الذي أشاد بـ”المفاجأة العملياتية والتكتيكية” التي حققتها أوكرانيا في كورسك، أرجع رد الفعل الروسي المتأخر والفوضوي إلى الافتقار إلى هيكل قيادة واضحة، وقال: “لا تحدد روسيا من لديه السلطة”.. “وزارة الدفاع مسؤولة عن العمليات العسكرية داخل أوكرانيا، ولكن ليس داخل روسيا، أليس كذلك؟”.
غزو مهين للغاية
فيما قال جيمس نيكسي، مدير برنامج روسيا وأوراسيا في تشاتام هاوس، لمجلة نيوزويك، إن روسيا قد وقعت في موقف محرج بسبب الغزو الأوكراني “المهين للغاية”.. “من الواضح أن هذه عملية أكبر بكثير مما كان مفهوما في البداية”.
ووفقا لمعهد دراسة الحرب (ISW)، الذي تتبع تقدم الهحوم الأوكراني منذ بدأ في 6 أغسطس 2024، فشلت روسيا حتى الآن في تحديد من سيتحمل المسؤولية عن وقف تقدم أوكرانيا.
وكتب معهد دراسة الحرب في أحدث تقييم له للهجوم: إن الكرملين والقيادة العسكرية الروسية يخلقان هيكل قيادة وسيطرة معقد ومتداخل وغير فعال حتى الآن للاستجابة الروسية للغزو الأوكراني في منطقة كورسك.
وأعلن وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف عن إنشاء “مجلس تنسيق” داخل وزارة الدفاع الروسية لمناطق بيلغورود وبريانسك وكورسك.
وقال الوزير، في رسالة على تيليجرام، إن هذا من شأنه أن “يزيد من كفاءة الدعم الشامل لمجموعات القوات التي تحل مهام تغطية حدود الدولة وحماية أراضي وسكان المناطق”.
ومع ذلك، وكما أشار معهد دراسات الحرب، فإنه ليس من الواضح كيف سيتفاعل هذا المجلس الجديد مع الهيئات الأخرى التي أنشئت للتعامل مع الغارة الأوكرانية، بما في ذلك “عملية مكافحة الإرهاب” التي أطلقها جهاز الأمن الفيدرالي في التاسع من أغسطس.
فشل روسي في توقع أي توغل لأراضيها
وكتب معهد دراسات الحرب: “من المرجح أن يؤدي مجلس تنسيق وزارة الدفاع وعملية مكافحة الإرهاب التي يقوم بها جهاز الأمن الفيدرالي إلى استمرار الارتباك حول الهياكل المسؤولة عن جوانب معينة من العملية الدفاعية الروسية في منطقة كورسك ومن المرجح أن يؤدي إلى احتكاك بين جهاز الأمن الفيدرالي والجيش الروسي”.
وأضاف معهد دراسات الحرب أن النهج “المربك” للكرملين يسلط الضوء على حقيقة أن روسيا فشلت في توقع أي توغل كبير في أراضيها.
ويُقدر أن نحو 10 آلاف جندي أوكراني مدعومين بالدبابات والمركبات القتالية المدرعة عبروا إلى روسيا وقاموا بمداهمة عدة مراكز على مسافة تصل إلى 15 ميلا.
وأعلن القائد العسكري الأعلى في أوكرانيا الجنرال أوليكساندر سيرسكي، في فيديو بثه على تلجرام، أن قواته تسيطر الآن على 386 ميلا مربعا من منطقة كورسك المجاورة لروسيا، وهي المرة الأولى التي يعلق فيها مسؤول عسكري أوكراني علنا على مكاسب التوغل الخاطف.
وتحرك كييف كان يسعى لهدفين رئيسيين: سحب القوات الروسية من الخطوط الأمامية في شرق أوكرانيا والاستيلاء على الأراضي التي يمكن أن تكون بمثابة ورقة مساومة في مفاوضات السلام المستقبلية.
وفي حديثه مع رؤساء الأجهزة الأمنية وحكام الأقاليم في مقر إقامته خارج موسكو، أصرّ فلاديمير بوتين على أن الهجوم لن يخفف من موقفه التفاوضي.
ومنذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، وسّعت القوات الروسية سيطرتها إلى أكثر من 18% من أوكرانيا.