أصبح الصراع بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في وضع خطير بعد أكثر من ثمانية أشهر من القتال الذي أشعلته حرب غزة مع تصاعد الأعمال القتالية وإشارة الجانبين إلى استعدادهما لمواجهة أكبر.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن لا تريد أن ترى حربا شاملة وإنها تحاول السعي إلى حل دبلوماسي مضيفة أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها من حزب الله.
لكن الضغوط السياسية تتزايد في إسرائيل لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الحزب المدجج بالسلاح .
كيف بدأت المواجهات؟
بدأ حزب الله تبادل إطلاق النار مع إسرائيل في 8 أكتوبر، بعد يوم من قيام حركة حماس الفلسطينية بمهاجمة مناطق جنوب إسرائيل وإشعال حرب غزة.
ويقول حزب الله، حليف حماس، إن هجماته تهدف إلى دعم الفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف الإسرائيلي في غزة.
وعلى الرغم من ارتباط الصراع بغزة، إلا أن له ديناميكياته الخاصة.
وخاضت إسرائيل وحزب الله حروباً عديدة. وكان الأخير في عام 2006.
ولطالما اعتبرت إسرائيل حزب الله أكبر تهديد على حدودها، وقد شعرت بقلق بالغ من ترسانته المتزايدة وموطئ قدمه في سوريا.
فرار ونزوح جراء القصف
واضطر عشرات الآلاف من الأشخاص إلى الفرار من منازلهم على جانبي الحدود، وقصفت الغارات الجوية الإسرائيلية المناطق التي ينشط فيها حزب الله في جنوب لبنان وأصابت وادي البقاع بالقرب من الحدود السورية.
كما شنت إسرائيل هجمات في بعض الأحيان في أماكن أخرى، ولا سيما قتل قائد كبير في حماس في بيروت الثاني من يناير.
وأسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل نحو 300 من مقاتلي حزب الله في لبنان وهو ما يزيد عما فقده الحزب في عام 2006 وفقا لإحصاء رويترز.
وبحسب إحصاء رويترز، قُتل نحو 80 مدنيا، وتقول إسرائيل إن الهجمات من لبنان أسفرت عن مقتل 18 جنديا إسرائيليا و10 مدنيين.
وفي إسرائيل، يشكل تهجير هذا العدد الكبير من الإسرائيليين قضية سياسية كبيرة، ويأمل المسؤولون أن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم للعام الدراسي الذي يبدأ في الأول من سبتمبر.
إلى أي مدى يمكن أن يصبح الأمر أسوأ؟
على الرغم من ضراوة هذه الأعمال العدائية، لا يزال يُنظر إليها على أنها مواجهة تم احتواؤها نسبيًا.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل مستعدة للقيام بعمل قوي في الشمال، وحذر في ديسمبر من أن بيروت ستتحول “إلى غزة” إذا بدأ حزب الله حربا شاملة.
وأشار نائب زعيم حزب الله نعيم قاسم إلى أن الجماعة لا تسعى إلى توسيع الصراع، لكنه قال أيضا إن حزب الله مستعد لخوض أي حرب تفرض عليه.
وقال، في مقابلة تلفزيونية، إن حزب الله استخدم جزءا صغيرا من قدراته، وأضاف أن أي تحرك من جانب إسرائيل لتوسيع الصراع سيقابل بـ”الخراب والدمار والتهجير” في إسرائيل.
حرب 2006 ودمار واسع
في عام 2006، سوت الضربات الإسرائيلية مناطق واسعة من الضاحية الجنوبية لبيروت التي يسيطر عليها حزب الله بالأرض، ودمرت مطار بيروت، وأصابت الطرق والجسور وغيرها من البنية التحتية، وفر ما يقرب من مليون شخص في لبنان من منازلهم.
وفي إسرائيل، شمل التأثير هروب 300 ألف شخص من منازلهم فرارا من صواريخ حزب الله، وتدمير حوالي 2000 منزل.
ويمتلك حزب الله ترسانة أسلحة أكبر بكثير مما كان عليه في عام 2006، بما في ذلك الصواريخ التي يقول إنها قادرة على ضرب جميع أنحاء إسرائيل.
وأظهر الحزب تقدماً في أسلحته منذ أكتوبر، حيث أسقطت طائرات إسرائيلية بدون طيار، وأطلقت طائراتها بدون طيار المتفجرة على إسرائيل، وأطلقت صواريخ موجهة أكثر تطوراً.
وغزت القوات الإسرائيلية لبنان عدة مرات ووصلت إلى بيروت في غزو عام 1982 الذي كان يهدف إلى سحق المسلحين الفلسطينيين المتمركزين في لبنان.
هل يمكن تجنب التصعيد؟
وتسعى واشنطن وباريس إلى وقف التصعيد، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر “سمعنا الزعماء الإسرائيليين يقولون إن الحل الذي يفضلونه هو الحل الدبلوماسي. ومن الواضح أن هذا هو الحل الذي نفضله نحن أيضا والذي نحاول اتباعه”، وتعتبر الولايات المتحدة حزب الله جماعة إرهابية.
وأشار حزب الله إلى انفتاحه في نهاية المطاف على اتفاق يفيد لبنان، لكنه قال إنه لا يمكن إجراء مناقشات حتى توقف إسرائيل هجومها على غزة وهو أمر يسعى الوسطاء جاهدين لتحقيقه.
كما أبدت إسرائيل استعدادها لتسوية دبلوماسية من شأنها استعادة الأمن في الشمال، في حين تستعد لهجوم عسكري لتحقيق الهدف نفسه.
وقال نتنياهو “من يظن أن بإمكانهم إيذاءنا وسنقف مكتوفي الأيدي يرتكب خطأ كبيرا.. بطريقة أو بأخرى سنعيد الأمن إلى الشمال”.
وتوسط المسؤول الأمريكي الذي كان في قلب الاتصالات الدبلوماسية، عاموس هوشستين، في اتفاق دبلوماسي غير متوقع بين لبنان وإسرائيل في عام 2022 بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها.
وقال هوشستاين في 30 مايو إنه لا يتوقع السلام بين حزب الله وإسرائيل، لكن مجموعة من التفاهمات يمكن أن تزيل بعض الدوافع للصراع وتقيم حدوداً معترفاً بها بين لبنان وإسرائيل.
ويتضمن اقتراح فرنسي قدم إلى بيروت في فبراير انسحاب مقاتلي حزب الله لمسافة عشرة كيلومترات من الحدود وإجراء مفاوضات تهدف إلى تسوية النزاعات على الحدود البرية.