على وقع تصعيد غير مسبوق في البحر الأحمر، ألقى بظلاله على حركة الملاحة الدولية، حذرت تقارير لشركات تأمين كبرى من أن أسعار السلع والخدمات بدأت تتأثر سلبا، وسط توقعات بارتفاعات قياسية.
وشنت القوات الأمريكية والبريطانية، فجر الجمعة الماضي، عشرات الغارات على مواقع عسكرية تابعة لجماعة الحوثي المتمردة، في صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة.
وفجر السبت، استهدفت الولايات المتحدة مجدّدا قاعدة جوية في صنعاء، وقال الجيش الأمريكي إنه ضرب “موقع رادار في اليمن”.
وجاءت تلك الضربات رداً على هجمات نفذها الحوثيون في الأسابيع الماضية واستهدفت سفنا تجاريّة بمزاعم أنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي، عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.
وسط هجمات للحوثيين ورد أمريكي، أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية أن صاروخا باليستيا مضادا للسفن أطلقه الحوثيون من اليمن، أصاب سفينة حاويات أمريكية، فيما أكدت الشركة المشغلة وشركة أمن بحري وقوع الحادث وكشفت عن حجم الاضرار.
وقالت القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، الإثنين 15 يناير 2024، “أطلق المسلحون الحوثيون صاروخاً باليستياً مضادًا للسفن من المناطق التي يسيطرون عليها في اليمن” على سفينة سفينة أمريكية.
وأضاف البيان أن الصاروخ “أصاب سفينة نسر جبل طارق وهي سفينة حاويات ترفع علم جزر مارشال وتمتلكها وتديرها الولايات المتحدة”، مشيراً إلى أنه “لم تبلّغ السفينة عن وقوع إصابات أو أضرار جسيمة وتواصل رحلتها”.
وقالت شركة (إيجل بالك شيبنج) الأمريكية إن سفينتها (نسر جبل طارق Gibraltar Eagle) للبضائع الجافة استُهدفت “بمقذوف مجهول” أثناء إبحارها على بعد 100 ميل قبالة خليج و”نتيجة لذلك تعرضت السفينة لأضرار محدودة بأحد مخازن البضائع لكنها مستقرة وتتجه خارج المنطقة”.
وأضافت “تم التأكد من سلامة جميع البحارة على متن السفينة. السفينة تحمل شحنة من منتجات الصلب”.
وكانت وكالتان بريطانيتان للأمن البحري أفادتا قبيل ذلك أن صاروخاً أصاب سفينة مملوكة للولايات المتحدة، إلى جنوب شرق ساحل عدن في اليمن.
وأشارت وكالة “يو كاي أم تي أو”، التي تديرها القوات البحرية الملكية البريطانية، إلى أنها تلقت تقريراً عن حادثة وقعت “على بُعد 95 ميلا بحرياً إلى جنوب شرق عدن”، لافتة إلى أن “صاروخاً، أصاب من أعلى، الجهة اليسرى من السفينة”.
الاضطرابات والمستهلكون الأوروبيون
يأتي ذلك فيما قال مسؤول تنفيذي بشركة موانئ دبي العالمية للموانئ والشحن إن تعطل الملاحة في البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين سيدفع أسعار السلع الاستهلاكية للارتفاع، وذلك بعد أن أصاب صاروخ سفينة أخرى في المنطقة.
وهددت جماعة الحوثي بتوسيع هجماتها لتشمل السفن الأمريكية ردا على ضربات أمريكية وبريطانية على مواقعها في اليمن.
وأثرت الهجمات، التي نفذها الحوثيون على السفن في المنطقة، منذ نوفمبر على الشركات وأثارت قلق القوى الكبرى، وهو تصعيد للحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر مع حماس في غزة.
وقال يوفراج نارايان، المدير المالي لموانئ دبي العالمية، إنه يتوقع أن تضر الاضطرابات المستهلكين الأوروبيين بشدة.
فيما قال نارايان لرويترز، خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، “تكلفة البضائع القادمة إلى أوروبا من أسيا ستكون أعلى بكثير”.
وأضاف الرئيس المالي لشركة لوجي اليونانية،: “سيشعر المستهلكون الأوروبيون بالألم… سيضرب الاقتصادات المتقدمة أكثر مما سيضرب الاقتصادات النامية”.
وقالت مصادر تأمينية إن أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب للشحنات عبر البحر الأحمر آخذة في الارتفاع.
قالت شركة أمنية ومصدران بوزارة الشحن اليونانية إن ناقلة بضائع مملوكة لليونان ترفع علم مالطا استُهدفت وأصيبت بصاروخ بينما كانت متجهة شمالا في البحر الأحمر على بعد 76 ميلا بحريا شمال غربي ميناء الصليف اليمني.
وقال أحد المصادر اليونانية إن السفينة زوغرافيا كانت تبحر من فيتنام إلى إسرائيل وعلى متنها طاقم مكون من 24 فردا وكانت فارغة من البضائع عندما تعرضت للهجوم
وأضاف المصدر: “لم تقع إصابات، فقط أضرار مادية.. كانت لا تزال تبحر ولكن من المحتمل أن يتم إعادة توجيهها لإجراء فحوصات السلامة”.
إيطاليا تشكو ارتفاع التكاليف
وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني أن بلاده تتكبد خسائر جراء هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وقال الوزير للصحفيين إن “الخسائر الاقتصادية التي تسببت بها هجمات المتمردين الحوثيين، قد ظهرت، وخصوصا للموانئ الجنوبية وجنوة”.
وأكد تاياني أنه سيقوم بزيارة للشرق الأوسط في وقت قريب، مضيفا: “تحدثت في الأيام الأخيرة مع جميع وزراء خارجية دول مجموعة السبع، والهدف المشترك هو وقف التصعيد”.
وتابع: “وللآسف الوضع معقد جدا في لبنان وفي البحر الأحمر وينبغي علينا أن نضمن عدم حدوث تصعيد للنزاع، لأن الأضرار الاقتصادية لإيطاليا قد تكون كبيرة أيضا، وعلينا أن نتجنب ذلك”.
وحسب جمعية المنتجين الزراعيين الإيطالية فإن الأوضاع في البحر الأحمر تهدد صادرات الخضروات والفواكه الإيطالية بقيمة نصف مليار يورو.
وكان مسؤولون في الحكومة الإيطالية قد إن إيطاليا على استعداد للمشاركة في عملية الاتحاد الأوروبي المحتملة لحماية السفن في البحر الأحمر.