رصدت دراسة حديثة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات تداعيات حرب أوكرانيا وغزة على أمن أوروبا والشرق الأوسط، على نحو مفصل.
ورأت الدراسة أن حرب أوكرانيا تسببت في عمليات انتقال للمسلحين الأجانب من الجماعات الإسلامية واليمينية المتطرفة كما تأثرت العديد من الدول الأوروبية، بحرب غزة حيث زادت حوادث معادة السامية والإسلام والتديدات الإرهابية.
كما هددت حرب غزة الأمن الاقتصادي لدول منطقة الشرق الأوسط وسط مخاوف من تحول الصراع إلى حرب إقليمية قد تستغلها الجماعات المتطرفة في توسيع النفوذ، فضلا عن نشوب أزمة لجوء جديدة .
الجماعات الإسلامية في أوكرانيا
شهدت حرب أوكرانيا عمليات انتقال لمسلحين من الأراضي السورية، وتحديد من مناطق نفوذ “هيئة تحرير الشام” في إدلب فحوالي أكثر من (170) مسلحا غادروا الأراضي السورية على دفعات منذ أكتوبر 2022 وجميعهم من القوقاز والشيشانيين.
اتجه المقاتلون الأجانب نحو إحدى الدول الأوروبية بناء على ضغوطات وطلب من قبل “هيئة تحرير الشام”، وبدا أن أعداد المقاتلين الأجانب الذين انتقلوا بالفعل إلى أوكرانيا أكبر من عدة مئات من بينهم قوات “أجناد القوقاز” التي انضمت فور وصولها إلى الأراضي الأوكرانية إلى التشكيل العسكري الذي يحمل اسم “إشكيريا” الاتحاد الأوروبي ـ كيفية التعامل مع تداعيات حرب غزة؟
جماعات اليمين المتطرف في أوكرانيا
تشير التقارير الاستخباراتية إلى أن الأعضاء من اليمين المتطرف الذين يقاتلون في حرب أوكرانيا خدموا في الجيش الأوكراني منذ عام 2014، فعلى سبيل المثال شكل فيلق “حرية روسيا” في ربيع عام 2022 من منطلق الرغبة في القتال في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية.
بالإضافة إلى “الفيلق الروسي للمتطوعين” والذي تأسس من قبل اليمين المتطرف، ويضم روسا يقاتلون في أوكرانيا ومن أجلها ضد روسيا.
عادت كتيبة “اوزف” إلى الواجهة مجددا خلال حرب أوكرانيا وتشير الإحصائيات إلى ما بين (10%) و(20%) من المجندين في الكتيبة من “النازيون الجدد”.
تداعيات حرب غزة على أوروبا
وكشف استطلاع للرأي في 24 أكتوبر 2023 أن (90%) من الفرنسيين يعتبرون أن احتمالية حدوث هجمات إرهابية في بلادهم “مرتفعة جدا” بسبب تأثير تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
شهدت فرنسا (1159) عملا معاديا للسامية منذ السابع من أكتوبر 2023، أي أكثر من (3) أمثال العدد المسجل في عام 2022 ففي منطقة باريس سجل (257) حادثا معاديا للسامية. سجلت السلطات الألمانية في برلين (1199) جريمة تتعلق بالصراع في العاشر من نوفمبر 2023 وأحصت السلطات الألمانية (386) واقعة إضرار بالممتلكات، كما وقعت (345) جريمة عنف، من بينها (201) واقعة مقاومة ضد السلطات، و(50) إصابة.
أظهر استطلاع للرأي أن (5.7%) من الألمان مواقف معادية للسامية، بما يعادل (3) أضعاف المستوى الذي كان في العام 2021.
يقول كين ماكالوم المدير العام لوكالة التجسس الداخلية البريطانية، إن هناك خطراً من أن يستجيب الأفراد الذين بادروا ذاتياً والذين ربما تحولوا إلى التطرف عبر الإنترنت بطرق عفوية أو غير متوقعة في المملكة المتحدة بعد هجمات حماس على إسرائيل.
وأضاف ماكالوم: هناك أيضا خطرا من أن تقوم الجماعات الإرهابية أو إيران بتصعيد نشاطها العنيف وأن يتم استهداف الأفراد أو المنظمات اليهودية من قبل النازيين الجدد والمتشددين.
تداعيات حرب غزة على الشرق الأوسط
تهدد حرب غزة اقتصادات الدول المجاورة، بينما تثير مخاوف من انتشار واستغلال الصراع من جانب الجماعات المتطرفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وتصاعد القلق من توسع الحرب لتشمل جبهات أخرى، خصوصا في ظل تبادل إسرائيل وحزب الله اللبناني القصف عبر الحدود خاصة وأن حزب الله أكد أنه مستعدا لجميع السيناريوهات، وأن أي تصعيد من قبل الجيش الإسرائيلي على الحدود من شأنها أن تؤدي إلى رد فعل كبير قد يهدد أمن المنطقة.
بات خطر نشوب حرب إقليمية أوسع نطاقا فيمنطقة الشرق الأوسط، بسبب الجهود المبذولة للتصدي للهجمات البحرية، حيث قال مسؤولان أمريكيان إن المخططين العسكريين الأمريكيين أعدوا أهدافا أولية للحوثيين في اليمن إذا أمر كبار مسؤولي إدارة بايدن بشن ضربات انتقامية على الرغم من أن مسؤولين عسكريين يقولون إن البيت الأبيض لم يظهر أي رغبة في الرد عسكريا على الحوثيين والمخاطرة بتصعيد أوسع.أمن قومي ـ تداعيات حرب أوكرانيا على أوروبا.
حذرت مصر كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل من حدوث شرخ في العلاقات التي تجمعها بإسرائيل في حال لجوء الفلسطينيين من غزة إلى سيناء نتيجة لحرب غزة، حيث أن مصر تعتبر الحرب في غزة تهديدا لأمنها القومي، وهي تسعى بشدة لمنع وصول اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيها.
وكانت مصر والأردن والسلطة الفلسطينية قد أعربوا عن قلقهم منذ الأيام الأولى للحرب في غزة أن تقوم إسرائيل بدفع الفلسطينيين من غزة إلى مصر، وعدم السماح لهم بالعودة بعد الحرب.
تداعيات حرب أوكرانيا على الشرق الأوسط
يبدو أن حرب أوكرانيا شكلت اختبارا كبيرا لعلاقات الولايات المتحدة الأمريكية بحلفائها في منطقة الشرق الأوسط، إذ كشف ترددا وحذرا في مواقف عدة دول. تظهر هذه التطورات أن الثقة في الغرب وخصوصا في الولايات المتحدة، تتبدد ليس فقط لاعتبارات المصالح مثل الأمن والتسلح والطاقة والمبادلات.
ومع إعادة تقييم العلاقات مع الغرب، يبدو أن العلاقات مع الصين آخذة في النمو، وحاولت القوى الإقليمية في الشرق الأوسط، التي تفضّل أن تبقى روسيا إلى جانبها لمواجهة التهديد النووي الإيراني في الوقت الذي تعرضت فيه علاقات واشنطن مع حلفائها العرب إلى اهتزاز الثقة، كما توثقت العلاقات الروسية العربية بشكل ملحوظ في الميادين الاقتصادية والعسكرية وقطاعات حساسة.
تقييم وقراءة مستقبلية
– تنامى القلق داخل الدول الأوروبية من تنامي مخاطر الجماعات الإرهابية أو جهات خارجية بتصعيد أنشطتها وأن يتم استهداف الأفراد أو المنظمات اليهودية والإسلامية من قبل النازيين الجدد والمتطرفين داخل العواصم الأوروبية.
– يمكن القول أنه منذ اندلاع حرب أوكرانيا بدأت موجات عديدة من المقاتلين الأجانب من الجماعات الإسلامية واليمينية المتطرفة من الوصول للقتال، حيث أن استقطاب وتوظيف المقالتين في أي صراع يتحول إلى وقود يؤججه ويطيل أمده.
– أظهرت تداعيات حرب أوكرانيا، أن الدول الحليفة للغرب في منطقة الشرق الأوسط باتت تتخذ مسافة من الولايات المتحدة الأمريكية في فترة صعبة من الصراع المتعدد الجبهات مع روسيا والصين.
– بات متوقعا أن يهدد استمرار حرب غزة وأوكرانيا الشرق الأوسط أقتصاديا وأمنيا فضلا عن تجاه الاقتصاد العالمي العالمي إلى الركود، ومن المرجح بحال امتد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى لبنان وسوريا، أن يزيد ذلك من احتمال نشوب صراع مباشر بين إسرائيل والجماعات المسلحة بالمنطقة.