امتدت تداعيات الحرب المشتعلة في غزة إلى شريان التجارة الأهم عالميا، وهو البحر الأحمر، على خلفية هجمات نفذتها مليشيات الحوثي انطلاقا من اليمن ضد سفن تجارية في البحر الأحمر.
ومع تصاعد الهجمات وتزايد المخاوف، أعلنت شركة “سي أم آ سي جي أم” الفرنسية للنقل البحري أنها علقت عبور سفن الحاويات التابعة لها في البحر الأحمر، على غرار مجموعتي “مايرسك” الدنماركية و”هاباغ-لويد” الألمانية.
وقالت بريطانيا إن إحدى سفنها الحربية أسقطت طائرة مسيرة يشتبه أنها هجومية كانت تستهدف سفناً تجارية في المنطقة.
وكثف الحوثيون هجماتهم على السفن في الأسابيع الماضية وأطلقوا طائرات مسيرة وصواريخ باتجاه إسرائيل، واستهدفوا مدينة إيلات على البحر الأحمر.
بيد أنّ شركة مارين ترافيك لتتبع السفن نشرت بيانات أظهرت أن السفينتين بالاتيوم 3 وألانيا، التابعة أيضاً لشركة البحر الأبيض المتوسط للشحن (إم.إس.سي) وتعرضت هي الأخرى لتهديد، كانتا متجهتين إلى مدينة جدة السعودية، خلافا لمزاعم الحوثيين.
وباب المندب هو أحد أهم الطرق في العالم لشحن السلع الأولية بحراً، وخاصة النفط الخام والوقود من الخليج إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس أو خط أنابيب سوميد القريب، بالإضافة إلى السلع المتجهة شرقاً إلى آسيا، ومنها النفط الروسي.
مطالبات بتحالف دولي لجماية السفن
طالبت رابطة، معنية بمصالح شركات الملاحة الألمانية، بتشكيل تحالف عسكري دولي لحماية النقل البحري المدني في أحد شرايين التجارة الدولية.
وبعد الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثي على سفن تجارية في البحر الأحمر، طالبت رابطة شركات الملاحة الألمانية بتشكيل تحالف عسكري دولي لحماية النقل البحري المدني في البحر الأحمر.
وقال الرئيس التنفيذي للرابطة مارتين كروغر “سيكون من المناسب أن تشارك ألمانيا في هذا”، مشيراً إلى أن هناك تواجدا لسفن تابعة للبحرية الأمريكية والفرنسية والبريطانية في المنطقة.
وأوضح كروغر أن المسألة لا تتعلق بحماية السفن التجارية وحسب بل بحماية البحارة أيضاً، وقال: “إذا تخيلتم أنكم على متن السفينة وجرى قصفها بصواريخ أو مسيرات أو صواريخ كروز، فهذا بالطبع تصعيد للعنف بطريقة لم نشهدها من قبل قط مع النقل البحري التجاري، وهو عنف غير مقبول تماماً”.
وكانت رئيسة لجنة الدفاع في البرلمان الألماني (بوندستاغ) ماري-اغنيس شتراك-تسيمرمان أعربت في وقت سابق عن تأييدها لمشاركة محتملة للبحرية الألمانية في حماية حرية النقل البحري في البحر الأحمر.
وأشار كروغر إلى تجارب سابقة في حماية سفن الحاويات من هجمات القراصنة في منطقة القرن الأفريقي، وقال: “كانت رحلات القوافل من أكثر الوسائل فعالية حيث تقوم سفن من البحرية بمرافقة السفن التجارية”، ونوه إلى أن لدى السفن البحرية الأسلحة اللازمة للتصدي لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ.
وكانت سفينة الحاويات “الجسرة” التابعة لشركة هاباغ-لويد تعرضت للقصف في المضيق البحري بين اليمن وجيبوتي ما أسفر عن وقوع أضرار للسفينة التي عبرت قناة السويس وكانت في طريقها من ميناء بيريوس اليوناني إلى سنغافورة، وعلى إثر ذلك قامت الشركة بتعليق حركة السفن في البحر الأحمر.
هجمات الحوثي على السفن بالبحر الأحمر
في 15 ديسمبر الجاري، أعلنت مليشيات الحوثي قصف سفينتي حاويات ” إم إس سي ألانيا “و” إم إس سي بالاتيوم” بصاروخين بحريين.
وقبل ذلك بيوم واحد تبنت مليشيات الحوثي استهداف سفينة الحاويات “ميرسك، جبل طارق” بطائرة مسيرة، مؤكدة أن الإصابة كانت مباشرة، فيما قالت شركة الشحن الدنماركية (إيه.بي مولر-ميرسك) أن الهجوم كان بصاروخ.
وفي 13 من الشهر الجاري اقترب زورق سريع يستقله مسلحو الحوثي من سفينتين كانتا تبحران قبالة ميناء الحديدة، فيما أبلغت ناقلة كيماويات ترفع علم جزر مارشال عن تبادل لإطلاق النار مع زورق حوثي قبالة الحديدة.
كما اقترب زورق سريع من ناقلة بضائع ترفع علم مالطا، بينما أعلنت سفينة حربية أمريكية في مضيق باب المندب عن إسقاط طائرة مسيرة كانت تحلق في اتجاهها.
وكشف مسؤولٌ أمريكي عن فشل صاروخين أطلقهما الحوثيون في استهداف ناقلةٍ تجارية مُحملة بوقود الطائرات المصنع في الهند قرب مضيق باب المندب.
ويوم 12 ديسمبر الجاري، أعلنت مليشيات الحوثي استهداف ناقلة نفط نرويجية تدعى “ستريندا” بصاروخٍ بحريٍّ، فيما أسقطت فرقاطة فرنسية طائرة مسيرة كانت تستهدف ذات الناقلة.
وفي 6 و10 ديسمبر الجاري، أسقطت فرقاطة فرنسية مسيرتين حوثيتين في البحر الأحمر كانتا متجهتين نحوها، فيما أسقطت البحرية الأمريكية طائرة مسيرة قادمة من منطقة سيطرة مليشيات الحوثي.
أما في 3 من الشهر ذاته، نفذت مليشيات الحوثي 4 هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد 3 سفن في البحر الأحمر وهي “نمبر 9″، “أم في سوفي”، “يونيتي إكسبلور”، وهذه الأخيرة مملوكة لبريطانيا، فيما أسقطت مدمرة أمريكية طائرات مسيرة حوثية كانت متجهة في اتجاهها.
وفي 29 نوفمبر الماضي أسقطت سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية طائرة بدون طيار من طراز KAS-04 إيرانية الصنع بالقرب من مضيق باب المندب.
أما في 26 من الشهر ذاته، نجحت البارجة الأمريكية “إس إس ميسون” في تحرير سفينة الشحن التجارية “سنترال بارك” من عملية اختطاف نفذها قراصنة صوماليون في خليج عدن بالتزامن مع سقوط صاروخين أطلقهما الحوثيون نحوها وسقطا على بُعد حوالي 10 أميال بحرية من السفينتين.
وفي 19 نوفمبر الماضي، أعلنت مليشيات الحوثي اختطاف سفينة الشحن “غالاكسي ليدر” واقتيادُها إلى قبالة ميناء الحديدة، في عملية قرصنة أثارت تنديدا أمميا وأمريكيا باعتبارها “انتهاك صارخ للقانون الدولي”.