قبل أسابيع قليلة على انطلاق مؤتمر أطراف المناخ “كوب 28″، المقرر بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر، حصلت القمة على دفعة إيجابية باتجاه واحدة من أكثر القضايا تعقيدا.
وتتمثل في الاتفاق على إنشاء صندوق “تمويل الخسائر والأضرار”، وفق ما أعلنه مفاوضو المناخ خلال اجتماع عقد في أبوظبي مطلع هذا الشهر، باستضافة البنك الدولي صندوقًا جديدًا للخسائر والأضرار على أساس مؤقت لمدة أربع سنوات.
وخلال مؤتمر الأطراف كوب 27، الذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية، العام الماضي، تم الاتفاق لأول مرة في تاريخ قمم المناخ على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار.
ويهدف الصندوق إلى مساعدة البلدان النامية المعرضة بشكل خاص للآثار الضارة لتغير المناخ.
ولكن بقيت تفاصيل هذا الصندوق وآليات تنفيذه محل جدل وخلاف، وتم الاتفاق على أن تقود الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف كوب 27، اجتماعات مكثفة، وذلك بهدف تقديم توصيات بشأن تلك التفاصيل، للنظر فيها واعتمادها في كوب 28 في دولة الإمارات.
وشهدت قمة كوب27 تقديم بعض الدول مبادرات فردية لتمويل التكيف المناخي، إلا أن هذا المبادرات لم تلب حينها طموح الدول النامية، التي تسعى للمزيد في القمة المرتقبة.
وحصل صندوقي أقل البلدان نمواً (LDCF) والصندوق الخاص لتغير المناخ (SCCF) خلال كوب 27 على وعود بتمويل جديد قيمته 105.6 مليون دولار، قدمتها سبع حكومات مانحة، هي الدنمارك وفنلندا وألمانيا وأيرلندا وسلوفينيا والسويد وسويسرا، غير أن هذه المبادرات الفردية لم تلب الطموح.
أول تقييم للحد من الاحتباس الحراري
وتشهد قمة كوب 28 أول تقييم عالمي لمراجعة التقدم الجماعي العالمي الذي تم إحرازه نحو تحقيق أهداف تلك الاتفاقية للحد من الاحتباس الحراري، إذ يحتاج العالم إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير في العقود القادمة للحفاظ على متوسط ارتفاع درجة الحرارة أقل من درجتين مئويتين (3.6 فهرنهايت).
وتستطيع الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ تحقيق إنجاز ملموس فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية، وهي تخفيض الانبعاثات وتمويل الخسائر والأضرار وتمويل التكيف المناخي.
يدرك الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، رئيس مؤتمر كوب 28، جيدا أن التمويل هو التحدي الأكبر خلال القمة المرتقبة.
وخلال كلمته في ختام الاجتماعات الوزارية التمهيدية للقمة، بحضور 70 وزيراً و100 وفد، شدد الجابر على ضرورة تكثيف الجهود وتقديم التعهدات اللازمة للتمويل المناخي، الذي وصف نقصه بأنه من أكبر العقبات التي تعوق تحقيق تقدم في مواجهة تغير المناخ.
أشار إلى ضرورة إنشاء منظومة جديدة تعالج مشكلة عدم الإنصاف التي تواجه دول الجنوب العالمي، ودعا الأطراف إلى تطوير مؤسسات التمويل الدولية، والتركيز على وضع “آليات سوق عملية” لتقليل المخاطر وجذب الاستثمار الخاص.
وأكد حاجة الأطراف إلى استعادة الثقة في وصول التمويل المناخي إلى مستحقيه، من خلال تأكيد الوفاء بتعهد الـ 100 مليار دولار، وزيادة المساهمات في صندوق المناخ الأخضر، والتعهدات لصندوق التكيّف، وتقديم تعهدات مبكرة لصندوق معالجة الخسائر والأضرار.
وأوضح الدكتور سلطان الجابر أن التقدم في معالجة الخسائر والأضرار يصب في مصلحة الأفراد الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ في مختلف أنحاء العالم، مؤكداً ضرورة تفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار وترتيبات تمويله، وتحقيق تفاهم حول الموضوعات الثلاثة الأساسية في هذا المجال وهي الترتيبات المؤسسية، والحوكمة، ومصادر التمويل.
مطالب الدول الفقيرة وتعهدات الإمارات
وسعت الدول الفقيرة إلى صياغة لغة محددة توضح أن عبء التمويل يقع على عاتق الدول الغنية التي بنت اقتصاداتها عن طريق حرق الوقود الأحفوري، وأطلقت الجزء الأكبر من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي اليوم، كما كانت الدول الضعيفة مترددة في وضع الصندوق داخل البنك الدولي وسط مخاوف من أنه سيعطي الأولوية الكافية للعمل المناخي.
وفي محاولة لتشجيع المشاركين بالقمة على حل أزمة التمويل، تعهدت الإمارات بتقديم 4.5 مليار دولار لدعم مشاريع الطاقة النظيفة في أفريقيا، حسب ما أعلنه الدكتور سلطان الجابر.
وأوضح الجابر: “سنخصص 4.5 مليار دولار من شأنها أن تحفز ما لا يقل عن 12.5 مليار دولار إضافية من مصادر متعددة الأطراف عامة خاصة”، مضيفا: “طموحنا هو أن يؤدي هذا إلى إطلاق شراكة تحويلية جديدة لبدء مجموعة من مشاريع الطاقة النظيفة القابلة للتمويل في إفريقيا”.
فهل تمثل تلك التعهدات دفعة إيجابية للدول المشاركة للوفاء بالتزاماتها المالية أم ستظل أزمة التمويل التحدي الأكبر بملف المناخ؟.