يجمع الخبراء العسكريون على أن السلاح الأقوى بيد حماس والحركات الفلسطينية في قطاع غزة يتمثل في الأنفاق، فهي المتاهة التي لا يفك لغزها سوى المقاتلين الفلسطينيين، ومن المستحيل على الجيش الإسرائيلي القضاء عليها، وفق ما أعلنه ضمن أهداف الغزو البري للقطاع.
وتقول مصادر أمنية إن الجيش الإسرائيلي بدأ المرحلة التالية من حربه على حركة حماس باستهداف متاهة الأنفاق وهياكل القيادة التابعة للحركة في شمالي غزة في عملية قد تستغرق شهورا حتى تكتمل.
وقصفت القوات الإسرائيلية غزة من الجو واستخدمت القوات البرية لتقسيم القطاع الساحلي إلى قسمين، في هجوم بدأ ردا على مقتل 1400 شخص واحتجاز نحو 240 رهينة في هجوم لحماس عبر الحدود في 7 أكتوبر.
وخلصت خمسة مصادر أمنية إسرائيلية، وفق ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء، إلى أن تحديد وتعطيل شبكة الأنفاق الواسعة الممتدة تحت مساحات كبيرة من شمالي غزة سيكون جزءا أساسيا من المرحلة التالية من الهجوم الذي سيستغرق وقتا.
وقال كبير المتحدثين العسكريين الأدميرال دانييل هاغاري إن سلاح الهندسة القتالية الإسرائيلي يستخدم عبوات ناسفة لتدمير الأنفاق وأن العمليات دمرت أكثر من 100 ممر.
وقال آفي ميلاميد، مسؤول المخابرات الإسرائيلية السابق إن قوات الجيش الإسرائيلي كانت تعمل من خلال خطة منظمة لتحديد مواقع الأنفاق وتدمير مواقع إطلاق الصواريخ وقتل قادة حماس والمقاتلين.
واعتبر أن “الأمر يتعلق بالقضاء على العمود الفقري العسكري، وسيكون من المعقول جدا أن نقول إننا ننظر إلى شيء قد يستغرق شهورا”.
في المقابل، قال مصدران من حماس وحركة الجهاد الإسلامي إن الدبابات الإسرائيلية تتقدم صوب قلب مدينة غزة وتواجه مقاومة شديدة من مقاتلي حماس الذين يستخدمون شبكة الأنفاق لنصب الكمائن.
وقالت المصادر الفلسطينية إن مقاتلا يظهر من أحد ممرات النفق ويطلق قذيفة صاروخية ثم يختفي ليظهر عند مدخل نفق آخر ويهاجم مرة أخرى.
وحاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة غزة واشتبكت مع مقاتلي حماس أثناء توغلهم في شوارعها، ومع تجاوز عدد الضحايا في غزة 10 آلاف شخص، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، تتعرض إسرائيل لضغوط دبلوماسية متزايدة من أجل وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
أبرز المعلومات عن أنفاق غزة
لا توجد معلومات موثوقة حول شبكة الأنفاق في غزة حيث يقتصر الأمر على اتهامات إسرائيلية، وبيانات شحيحة من حركة حماس، وأبرزها ما أعلنته العام 2021 بأن الطول الإجمالي للأنفاق تحت غزة باتجاه مصر وإسرائيل يبلغ 500 كيلومتر، غير أنه لا أحد يعرف كم يبلغ طوله اليوم بعد مرور عامين.
وبدأت فكرة الأنفاق في فلسطين مع بناء جدار الفصل، وتزايدت أعدادها بوتيرة هائلة في غزة عندما انتزعت حركة “حماس” السلطة في القطاع عام 2007، وفرضت إسرائيل حصارا كاملا على القطاع.
وأمام ذلك التحدي، قام الفلسطينيون ببناء مئات الأنفاق لتهريب المواد الغذائية والبضائع والبشر والأسلحة.
وبحسب الموساد الإسرائيلي، فإن “حماس” أنفقت أكثر من 300 مليون دولار على إنشاء تلك الأنفاق تحت الأرض، وهي مدينة حقيقية أطلق عليها الإسرائيليون اسم “غزة السفلى”.
كيف تحفر الأنفاق في غزة؟
يتم حفر جزء صغير من الأنفاق بواسطة آلات جرف التربة، لكن معظمها يتم حفره بأدوات يدوية بسيطة لإخفاء هذه الأماكن عن الأقمار الصناعية والتجسس وأجهزة تسجيل الزلازل التابعة للولايات المتحدة وإسرائيل، حتى لا تصبح عرضة للهجمات.
الجزء الأكثر تقدما هو الجزء القتالي من الأنفاق المحصنة التي تم حفرها للحرب مع إسرائيل، وبعضها مبني من الخرسانة مسبقة الصنع، والحديد، وبها مستشفيات ميدانية لعلاج الجنود الجرحى، ويتم حفر بعضها على عمق 50 مترا، ويصعب تدميرها، وتسير عليها الدراجات النارية ومركبات الدفع الرباعي مع عربات الشحن، لذلك من الصعب جدا اكتشافها.
ووفقا لإسرائيل، قام المسلحون بتخزين الإمدادات لمدة 3 أشهر من الحرب الشاملة في حصار كامل.
وتؤدي الممرات تحت الأرض إلى نقاط استناد وقصف بقاذفات القنابل اليدوية ومدافع الهاون، وإلى مواقع إسرائيلية لشن هجمات مباغتة وتلغيم واختطاف الجنود، وبعض الأنفاق مجهزة باتصالات هاتفية مستقلة وكهرباء.
فهل يسقط الجيش الإسرائيلي في “متاهة” أنفاق غزة؟.