تخشى السلطات في عدة دول أوروبية من هجمات انتقامية على أراضيها جراء الحرب المشتعلة في قطاع غزة، خاصة ما يمكن وصفهم بـ”الذئاب المنفردة” التي تتحرك بمعزل عن التنظيمات الإرهابية.
وشهدت ألمانيا وفرنسا هجمات دامية بساحة بريتشيدبلاتز في برلين، وباتاكلان في باريس، ومنتزه بروميناد ديزونغليه في نيس، عامي 2015 و2016 أودت بحياة المئات.
ورفعت الأجهزة الأمنية حاليا من درجة الاستعداد والتأهب خشية تكرار مثل تلك الهجمات والتي تزداد خطورتها في حال كان مرتكبيها من “الذئاب المنفردة”.
خبير الإرهاب الألماني بيتر نيومان حذر من أن الأمور قد تسوء كثيرًا: “أخشى أننا قد نواجه موجة جديدة من الإرهاب في أوروبا، وقد يكون هذا أكثر دراماتيكية مما شهدناه في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين”.
سبب تشاؤم نيومان، وفق ما كتبه بموقع إكس (تويتر سابقا) هي الحرب في الشرق الأوسط ويقارن الوضع اليوم بالوضع في الحرب السورية عام 2010 وصعود تنظيم داعش، بالقول: “الصراع الحالي ليس مطابقا لذلك ولكن هناك أوجه تشابه، وبعض العوامل التي تثير الكثير من المخاوف”
ويرى نيومان أن فكرة الذئاب المنفردة أصبحت الآن منتشرة على نطاق واسع لدرجة أنه لم تعد هناك حاجة للشبكات لشن هجمات، بمعزل عن حماس أو تنظيم داعش، فيمكن للمهاجمين شن هجمات في أي وقت.
هجمات إرهابية في أوروبا
وشهدت أوروبا خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الهجمات الدامية أوقعت مئات القتلى والجرحى أبرزها العام 2015 عندما هزت العاصمة الفرنسية باريس وضاحيتها الشمالية سان دوني، هجمات متزامنة شملت إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن، استهدفت مسرح “باتاكلان” وشوراع بيشا وأليبار ودي شارون ومحيط ملعب فرنسا، خلفت 130 قتيلا وأكثر من 400 جريح. وتبنى الهجوم تنظيم “داعش”، ووصفه بـ”هجمات11 سبتمبر الفرنسية”.
وتعد هذه الهجمات الأكبر من حيث عدد الضحايا في تاريخ فرنسا وأكبر اعتداءات على باريس منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي العام التالي وقعت تفجيرات في مطار العاصمة البلجيكية بروكسل ومحطة القطارات “مالبيك” القريبة من مقر الاتحاد الأوروبي، أسفرت عن مقتل 35 شخصا وإصابة 340.
وقعت هجمات بروكسل بعد 4 أيام على اعتقال المتهم الرئيسي بتدبير هجمات باريس، صلاح عبد السلام، وهو فرنسي من أصل مغربي في ضاحية بروكسل، مولنبيك، وتبتنى تنظيم داعش تلك الهجمات.
وخلال العام نفسه دهس تونسي مقيم في فرنسا، يدعى محمد لحويج بوهلال، بشاحنة كان يقودها حشود المحتفلين بـ”يوم الباستيل”، وأسفر الهجوم عن مقتل 87 شخصا وإصابة 434 آخرين، وتبنى “داعش” الهجوم.
عملية دهس أخرى وقعت في سوق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين، باقتحام شاحنة كان يقودها التونسي أنيس العامري، الحشود في السوق، وأدى إلى مقتل 12 شخصا وإصابة 56.
مثل تلك الهجمات، التي تركت مشاهد مروعة في الأذهان، تبقى الخوف الأكبر لدى السلطات الأمنية في أكثر من بلد أوروبي خاصة وأن توقعها أو إجهاضها ليس بالمهمة السلهة.
ويواجه الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة، انقساما منذ أعوام طويلة بشأن النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
كذلك، أدلى مسؤولون أوروبيون بمواقف متباينة منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، وخرجت تظاهرات حاشدة في أكثر من بلد أوروبي تندد بمواقف الزعماء الغربيين الداعم لإسرائيل، مطالبين بوقف الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.
إجراءات أمنية تحسبا لشن هجمات
اتخذت بالفعل عدة دول أوروبية إجراءات فورية وسريعة برفع درجات التأهب الأمني ضد الإرهاب خاصة مع الهجوم البري الإسرائيلي على القطاع فقررت إسبانيا اتخاذ تدابير جديدة لمكافحة الإرهاب ورفع حالة التأهب لتعزيز قوات الأمن وذلك إثر هجمات على فرنسا وبلجيكا.
وبدأت إسبانيا في تنفيذ العديد من التدابير الأمنية التكميلية ضمن المستوى الخامس لمكافحة الإرهاب، كما أعلنت الحكومة الإسبانية أن التدابير التى سيتم تطبيقها ستعزز الأمن فى بعض الأماكن الهامة، مع تعزيز صارم للأمن والأجهزة الأمنية وقدرات المراقبة.
كما تزيد إيطاليا مستوى التأهب ليصل إلى أعلى مستوى، وقالت السلطات الأمنية إنه على الرغم من عد وجود تهديد مباشر فى الوقت الحالي فقد زادت البلاد حالة التأهب وعززت الأمن فى العديد من المناطق.
الإجراءات نفسها اتخذتها بقية الدول الأوروبية ولكن بدرجات مختلفة، لكنها عند أعلى مستوى في بلدن مثل فرنسا وإنجلترا وإلمانيا وبلجيكا.
فهل تنجح تلك الإجراءات في إجهاض الهجمات أم تنكوي أوروبا بحرب غزة؟