إحاطة
كان قد صدر أمراً أميرياً بالكويت في 18 يوليو 2020 بتكليف ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح بتولي بعض الصلاحيات الدستورية الخاصة بأمير البلاد بصورة مؤقتة. نظراً للتداعيات الصحية التي يمر بها حاكم الكويت الأمير صباح الأحمد والتي استدعت نقله إلى المستشفى لإجراء فحوصات طبية، لحقها الإعلان عن أنه تماثل للشفاء بعد إجراء عملية جراحية ناجحة.
إلا أن تطورات قد طرأت على الحالة الصحية لأمير الكويت استدعت نقله إلى الولايات المتحدة لاستكمال العلاج اللازم في مستشفى مايو كلينك بمدينة روتشستر بولاية مينيسوتا، وهي نفس المستشفى التي كانت قد استقبلت الأمير صباح في زيارات لمراجعة حالته الصحية قبل ذلك بسنوات.
تم نقل الأمير صباح الأحمد بطائرة تابعة لسلاح الجو الأمريكي ضمن قيادة قوات الجو التابعة للقيادة المركزية الأمريكية المتمركزة في قطر عبر طائرة من طراز بوينغ Boeing C-17 Globemaster III مُجهزة طبياً وهي عبارة عن مستشفى محمول جواً تحت رعاية فريق طبي كويتي أمريكي مشترك لتلائم الحالة الصحية للأمير صباح. حيث أقلعت الطائرة من مطار الكويت الدولي لتهبط في مطار روتشستر بولاية مينيسوتا الأمريكية بعد توقف لمدة ساعتين في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا، حيث تصل الرحلة من الكويت للولايات المتحدة إلى نحو 16 ساعة.
ما هو نظام ولاية الحُكم في الكويت؟
بحسب الدستور الكويتي[1]، تنص المادة الرابعة على أن (الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح). أي أنه في حالة وفاة أمير البلاد أو عدم تواجده لأي سبب من الأسباب يُصبح ولي عهده أميراً للكويت. وفي هذا الشأن تنص المادة الرابعة من قانون توارث الإمارة[2] أنه (إذا خلا منصب الأمير نودي بولي العهد أميراً).
وبتولي إمارة البلاد يتم الانتقال إلى الخطوة التالية وهي تسمية ولي عهد، حيث يقوم الأمير الجديد بتزكية ولي عهد جديد، على أن يحصل ولي العهد الجديد على موافقة أغلبية مجلس الأمة عبر جلسة سرية.
كيف يبدو المشهد بالكويت في حالة وفاة الأمير صُباح الأحمد؟
يمكن حصر الوضع العام بالكويت حالياً في المشاهد التالية:
1- يبلغ ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد من العمر 81 عاماً ووضعه الصحي ليس على ما يرام، وهي نفس الأسباب التي قال الرافضون عام 2006 لإمارة الشيخ سعد العبدالله أنها لا تؤهله لإدارة حكم البلاد، ما ترتب عليه حينها مبايعة آل الصباح للشيخ صباح الأحمد ليكون أميراً للبلاد، وهي المبايعة التي وجدت لها طريقاً لتصبح ملائمة لنصوص الدستور الكويتي.
2- يتصاعد الحديث عن الفساد بالكويت، ولم يعد هذا الحديث محصوراً في دوائر خاصة فقط، حيث توسع الأمر ليصبح حديث الشارع الكويتي. حازت الكويت خلال العاميين الماضيين ترتيباً متدنياً في مؤشرات الفساد المحلية. فبحسب منظمة الشفافية الدولية انزلقت الكويت في مؤشر الفساد 7 درجات لتصبح في المرتبة 85 عام 2020 ولا يزال تصنيفها في مستوى الفساد عند مؤشر E أي عالي الخطورة . ولذلك أعلنت الكويت عام 2016 عن تأسيس ما عرف بالهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) حيث ورد في بيان تأسيسها ( من الدوافع الرئيسية لإنشاء هذه الهيئة ما كشف عن التطبيق من ضرورة الحاجة إلى وجود الهيئة العامة لمكافحة الفساد في المنظومة التشريعية لكونها استحقاقا وطنيا حتميا تقتضيه المصلحة العليا للبلاد.) [3]
وكان للحديث عن تصاعد مؤشرات الفساد أثره في قيام أمير الكويت باستقبال مجلس أمناء هيئة مكافحة الفساد بشكل شخصي في الخامس من يوليو 2020 في أخر لقاء علنى له قبل أن يدخل المستشفى ، حيث أكد على قادة الهيئة بأهمية (الكشف عن الفساد وإحالة كل من تثبت عليه تهمة شبهة فساد إلى القضاء دون تردد). وبدورهم دعا مجلس أمناء الهيئة من المواطنين أن يقوموا بدورهم الوطني في التبليغ عن أي شبهة فساد[4].
3- رغم أن تنصيب أمير جديد وولي عهد كلها أمور مفروغ منها إجرائياً بحسب الدستور الكويتي وقانون توارث الإمارة، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن أن عملية صراع قوى قد تجد لها مكاناً في الترتيبات الجديدة، وحيث أن مجلس الأمة الكويتي هو أحد أهم المؤسسات المعنية بهذه الترتيبات ، فإن الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) ذراع الإخوان المسلمين لها نفوذ ملحوظ حالياً في مجلس الأمة الكويتي، حيث أسفرت الانتخابات النيابية عام 2016 عن فوز الأعضاء التابعين بشكل مباشر للإخوان المسلمين بأربع مقاعد، وفاز السلفيين بأربع مقاعد، وحصل النواب الشيعة على 6 مقاعد.
ورغم أن الإخوان المسلمين في الكويت يجيدون إدارة أمورهم مع الدولة، إلا أنهم منذ أن اتخذوا قراراً بالتوقف عن مقاطعة الانتخابات عام 2016 فإن توجه الإخوان منذ ذلك الوقت هو السعي نحو الحصول على تدعيم قوتهم ونفوذهم في الكويت بأي شكل من الأشكال حتى لا يتأثر وجودهم في الساحة الكويتية بالتراجع الذي حدث للإخوان المسلمين في المنطقة بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013 . وبالتالي في حالة وقوع أزمة حكم بعد رحيل الأمير صباح الأحمد فإن الإخوان المسلمين سوف يعملون على استثمار هذه الفرصة كلما كان ذلك ممكناً لتأييد شخصية مطروحة تكون الأقرب إليهم.
4- تمر دولة الكويت حالياً عبر مسار اقتصادي خانق ساهمت فيه عدة عوامل وعلى رأسها تدني أسعار النفط ، حيث لا يزال النفط يشكل 90% من إيرادات خزينة الدولة. وقد أعلنت الحكومة الكويتية أن تدني أسعار النفط تسبب في عجز بقيمة 9.2 مليار دينار بموازنة 2020-2012 [5] وهو العجز الأكبر في تاريخ الكويت. حيث تراجعت أسعار البرميل إلى 30 دولار عن سعر الأساس المتوقع بخمسين دولار في الموازنة العامة. بالإضافة إلى جائحة فيروس كورونا التي تسببت بدورها في ضغوطات اقتصادية، عوضاَ عن كشفها لبعض العيوب المتراكمة منذ سنوات في البنية الإدارية والحكومية. حيث قال رئيس مجلس الوزراء الكويتي في هذا الشأن أن الوضع الاقتصادي للدولة ليس جيد. ما يعني أن الأمير الجديد وولي عهده سوف يرثان هذا الوضع قريباً.
ما هي احتمالات حدوث خلافات أثناء تولي الأمير الجديد للحُكم؟
للكويت سابقة في هذا الشأن عام 2006 ، عندما وقعت خلافات داخل الأسرة الحاكمة حينها بشأن خلافة الأمير الراحل (جابر الأحمد). فبحسب الدستور الكويتي وقانون توارث الإمارة فإنه يحق لولي العهد حينها (سعد العبدالله سالم الصباح) أن يصبح أميراً للبلاد، إلا أن أصواتاً تصاعدت في هذه الأثناء بأن الحالة الصحية لولي العهد الشيخ سعد العبدالله لا تمكنه من إدارة شؤون البلاد على النحو المطلوب. وقاد هذه المساعي الأمير الحالي (الشيخ صباح الأحمد) الذي كان رئيساً للوزراء حينها.
كان السبب الذي أعلنه الرافضين لتولي الشيخ (سعد العبدالله) إمارة الكويت أن حالته الصحية لن تعينه على إدارة شؤون البلاد، وهو شرط واجب توافره في من سيتولى منصب الأمير وذلك بحسب المادة الثالثة من قانون توارث الإمارة الذي ينص على ( أن يتمتع الأمير بالقدرة الصحية على ممارسة صلاحياته)، وإذا ثبت غير ذلك يقوم مجلس الوزراء بعرض الأمر على مجلس الأمة في الحال لنظره في جلسة سرية، وإذا ثبت للمجلس بصورة قاطعة فقدان الشرط أو القدرة الصحية المنوه عنها، قرر أغلبية الأعضاء انتقال ممارسة صلاحيات الأمير إلى ولي العهد بصفة مؤقتة أو نهائية.
إلا أن هذا البند الدستوري فيما يخص تسمية ولي عهد لم يتم تفعيله، حيث لم يكن الأمير الجديد قد تولى شؤون البلاد ليقوم بتسمية ولي عهد جديد، أي أن منصب ولي العهد كان شاغراً في هذه الأثناء. وبموجب قانون توارث الإمارة فإنه إذا خلا منصب الأمير قبل تعيين ولي العهد، يقوم مجلس الوزراء بممارسة جميع اختصاصات رئيس الدولة لحين اختيار الأمير في خلال ثمانية أيام. حيث كان يتولى رئاسة مجلس الوزراء في هذه الأثناء الشيخ صباح الأحمد الذي أصبح أميراً للبلاد.
وبالتالي، فإن تسمية أمير الكويت قد مرت في هذا الظرف عبر مسارين، وهما :
1- المسار العُرفي القبلي أو ما يُعرف بالمبايعة: حيث اجتمع شيوخ آل الصباح في “دار سلوى” مقر إقامة رئيس الوزراء حينها الشيخ صباح الأحمد، ليتفقوا فيما بينهم على تسمية الأمير الجديد، وبعد مشاورات أخذت بعض من الوقت خرج “الدخان الأبيض” من دار سلوى كإشارة إلى أن المجتمعين قد اتفقوا فيما بينهم على مبايعة شخص ما ليصبح أمير الكويت، وهو الشيخ صباح الأحمد رئيس الوزراء. ليتبقى أن يتم وضع هذه المبايعة في إطارها الدستوري.
2- المسار الدستوري: قام مجلس الوزراء بإحالة نتيجة المبايعة إلى مجلس الأمة في 24 يناير 2006 للحصول على الموافقة بتسمية الشيخ صباح الأحمد أميراً للكويت، وهو الأمر الذي تم بالفعل. ليقوم بدوره بتزكية أخيه غير الشقيق الشيخ نواف الأحمد الصباح ليصبح ولياً للعهد، حيث وافق مجلس الأمة على هذه التزكية في فبراير 2006 . وبالتالي أصبح حكم الكويت في فرع آل الجابر وليس آل سالم.
ما هي الأسماء الكويتية التي تبرز على الساحة في حالة حدوث خلافات؟
في حالة حدوث أزمة حكم بعد وفاة الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد، فإن الأزمة قد تكون بنسبة كبيرة بشأن ولاية العهد وليس الإمارة ، باعتبار أن ولي العهد الحالي والذي من المفترض أن يكون أميراً للكويت بحسب الدستور يبلغ من العمر 82 عاماً ويعاني أمراض مزمنة. أي أننا قد نكون أمام أزمة بشأن ولاية العهد وليس الأمير.
وفي هذا الشأن يبرز أربعة أشخاص يتم تداول أسمائهم في الكويت وهم:
1- الشيخ ناصر صباح الأحمد
2- الشيخ أحمد الفهد الصباح
3- الشيخ محمد صباح السالم.
4- الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح
يوصف هذا المزيج بأن شخصياته مجتمعة أو منفردة هم القادرين على الأخذ بيد الكويت نحو مستقبل أفضل.رغم أن أي منهم ليس مؤهلاً دستورياً لإمارة البلاد.
1- الشيخ ناصر صباح الأحمد
النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية سابقاً، وهو النجل الأكبر للأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد، ويبلغ من العمر 72 عاماً. له نشاط ملحوظ في الإعلان عن أهمية التصدي للفساد، عوضاَ عن طرحه المستمر لمشاريع اقتصادية بناءة من أجل مستقبل أفضل للكويت في إطار رؤية 2035.
ومقارنة بولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد يحوز الشيخ ناصر الصباح شعبية ملحوظة في الكويت كونه أكثر نشاطاً. كما أن الداخل الكويتي يعتبره من هؤلاء الذين يستطيعون الأخذ بيد الكويت نحو مستقبل أكثر ازدهاراً، خصوصاً أنه دائم الحديث عن أهمية التصدي للفساد. حيث حازت مقابلته التلفزيونية العام الماضي مارس 2019 على اهتمام منقطع النظير في الداخل الكويتي مقارنة بلقاءات الشخصيات الحكومية الأخرى، حيث يوصف بأنه صاحب نهج تنموي ويستهدف تحول الكويت إلى بلد يعتمد على الإنسان وليس البترول ويحمل في جعبته العديد من المشاريع الناهضة أهمها تطوير المنطقة الشمالية في الكويت وتطوير الإدارة الحكومية.
ومن الواضح أن الشيخ ناصر الصباح قد قرر أن يجعل من مكافحة الفساد قضيته الأساسية، وهي القضية التي تزعج الشارع الكويتي، وحتى يكون في نقطة تماس أكثر جماهيرية فإنه قام بتدشين حساب على تويتر في 23 مايو 2020 لتكون التغريدة الثانية بعد قيامه بالتهنئة بعيد الفطر ( محاربة الفساد معركة تبدأ بتطهير مؤسسات الدولة من فاسديها ومن ارتبط بهم دون تمييز. خصوصاً في ظل ظروف اقتصادية صعبة، فلا تنمية ولا عدالة في الدولة بوجود الفاسدين في مؤسساتها. وغير ذلك لايكون إلا إفساد فوق إفساد. وما نراه أقل مما نتمناه.) [6]
فيما يخص نمط علاقاته الدولية، يتبع الشيخ ناصر صباح الأحمد خطاً سياسياً قريباً من الجميع، سواء في المحيط الخليجي أو العربي. لطالما أعلن عن أهمية تقديم الدعم للعراق وإيران في مشاريع الإعمار والبنية التحتية بما يساهم في أن تصبح هذه المنطقة جاهزة لاستقبال طريق الحرير. كما أشاد بالجهود التي يبذلها كل من الشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان. بالإضافة إلى أنه يتبع نفس المسار الذي خطه الأمير الحالي الشيخ صباح فيما يخص العلاقات الإيجابية مع قطر التي يزورها كثيراً ويحمل نفس الرغبة في القيام بدور الوسيط من أجل حلحلة الأزمة الخليجية.
2- الشيخ أحمد الفهد الصباح
ابن أخ الأمير الحالي الشيخ صباح، والنجل الأكبر للشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح، رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، شغل رئاسة عدة حقائب وزارية منها الإعلام، والطاقة، والصحة، ورئيساً لأوبك عام 2005، وشغل منصب رئيس جهاز الأمن الوطني عام 2006.
استقال الشيخ أحمد الفهد من منصبه عام 2011 كنائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الإسكان ووزير دولة لشؤون التنمية . كما استقال عام 2017 أيضاَ من جميع مناصبه الرياضية وأهمها الاستقالة من منصب رئيس اللجنة الأولمبية الآسيوية في قضية رشوة عام، حيث ورد في القضية التي نظرتها المحاكم الأمريكية أنه عمل على تسهيل وصول توماس باخ لرئاسة اللجنة الأولمبية الدولية عام 2013 . وقد أنكر الشيخ أحمد الفهد كل هذه التهم مُجتمعة معتبراً إياها تُهم لأغراض التشهير والابتزاز السياسي على يد أطراف كويتية، وهو المبرر الذي يجد له قبولاً داخل المجتمع الكويتي. ولا يزال يحظى الشيخ أحمد الفهد بجماهيرية ملحوظة على المستويين الشعبي والرسمي، حيث تم إعادة انتخابه عام 2019 رئيساً للمجلس الأولمبي الآسيوي لرئاسة جديدة مدتها خمسة أعوام.
ساهم تركيز الشيخ أحمد الفهد على النشاط الرياضي أن أصبح أكثر اقتراباً من قطر خصوصاً في ظل اهتمام الأخيرة بتوسيع نشاطاتها الرياضية ويأتي على رأس هذه النشاطات استضافة الدوحة لكأس العالم 2022، وهي الاستضافة التي حظيت بكل الدعم من الشيخ أحمد الفهد على المستويين الشخصي والرسمي كونه يُصنف أحد أشهر المسؤولين الرياضيين العرب.
حيث أكد في عام 2014 أنه يدعم إحتضان قطر لكأس العالم معتبراً أياه انجاز عربي. وفي عام 2015 قال أن إقامة قطر لكأس العالم 2022 “أمر محسوم” مبدياً انزعاجه من الحملات التي تشنها الصحف الغربية على ملف الدوحة. كما دعى أيضاَ إلى ضرورة أن تكون الرياضة خارج إطار السياسة. كما أعلن عن دعمه في هذه الأثناء لجوزيف بلاتر لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم في الوقت الذي كان الأمير على بن الحسين أحد المرشحين. عوضاَ عن تأييد الشيخ أحمد الفهد للطلب الذي تقدمت به قطر في سبتمبر 2019 باستضافة دورة الألعاب الآسيوية لعام 2030 حيث أشاد بما وصفه “بالمشهد الرياضي في قطر وثراء أجندتها الرياضية بما يؤكد المكانة الدولية للعاصمة الدوحة في الخارطة العالمية”[7]
على مستوى علاقاته بالمكونات السياسية في الداخلية، ساهمت أحداث عام 2011 في تمرير تصور أن الشيخ أحمد الفهد أقرب للمكونات الإسلامية والقبلية في الكويت، حيث دعم موقف الإخوان المسلمين والشيعة والأصوات القبلية الرافضة للمرسوم الأميري القاضي بإعادة النظر في قانون الدوائر الخمسة المنظمة لانتخابات مجلس الأمة[8]. وتم اعتبار هذا الدعم محاولة من الشيخ أحمد الفهد لبناء قاعدة جماهيرية ضمن التكتلات السياسية والقبلية الصلبة في البلاد بعد إخفاقه في تعزيز نفوذه داخل دولاب الأسرة الحاكمة.
يمكن القول أن الشيخ أحمد الفهد يتمتع بحالة من الإثارة في الحركة والقدرة على التحمل والانتقال بين المربعات، بالإضافة إلى تاريخه مع الأزمات قد وفر له الخبرة في القيام بانسحابات تكتيكية قبل تعاظم الهجوم عليه، بما يوفر له فرصة في ترتيب أوراقه والعودة من جديد للواجهة.
3- الشيخ محمد صباح السالم الصباح
نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي السابق، يبلغ من العمر 65 عاماً، يتبع فرع آل سالم في أسرة الصباح.
على مستوى القبول في الداخل الكويتي، فإن الشيخ محمد صباح السالم يتم تعريفه دائماً بالدكتور، حيث يحمل العديد من الدرجات العلمية، وقد وفرت له مسيرته الأكاديمية وتقديم العديد من المحاضرات في الجامعات والمؤسسات البحثية حول العالم حالة من الوجاهة والقبول في الكويت وعلى وجه الخصوص الأجيال الأصغر سناً باعتباره من نخبة الكويت ونبلاءها.
يتمتع الدكتور محمد صباح السالم بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة[9] تعززها مسيرته كسفير للكويت في واشنطن لمدة 7 سنوات من 1993 حتى 2001. وله رؤية فيما يخص العلاقات الإقليمية مفادها ضرورة القضاء على الطائفية خصوصاً في العراق وإيران، باعتبار أن الطائفية أحد أهم مهددات الأمن القومي لأي بلد[10]. وله موقف واضح من السلوك السياسي الذي تتبعه إيران في المنطقة من حيث ضرورة قيام إيران بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
بالعودة إلى أزمة الحكم عام 2006، فقد كان من المفترض أن يصبح ولي العهد حينها (الشيخ سعد العبدالله السالم) الذي ينتمي لفرع آل سالم من أسرة الصباح أميراً للكويت ، إلا أن ترتيبات أخرى قد جرت حينها ليصبح الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي ينتمي لفرع الجابر أميراً للكويت وأخيه نواف المنتمي لفرع الجابر أيضاَ ولياً للعهد. ما عنى حينها أن فرع الجابر قد قام بالاستحواذ على إمارة الكويت وهو ما يتضاد مع الاتفاق الضمني بشأن مداولة الحكم بين الفرعين. وبالتالي فإن هناك احتمال لعودة الحديث عن أحقية فرع السالم في إمارة أو ولاية عهد الكويت، وفي هذا الشأن يبرز إسم الدكتور محمد صباح السالم في حالة ظهور أزمة خلافة فيما يخص الأمير أو ولي العهد.
4- الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح
رئيس مجلس الوزراء الكويتي سابقاً، يبلغ من العمر 80 عاماً، ويتبع فرع الجابر من اسرة الصباح. قدمت حكومته التي كان يرأسها استقالتها عام 2011 بعد خروج بعض التظاهرات في الشارع وتقديم النواب الإسلاميين في مجلس الأمة لاستجوابات للحكومة فيما يخص الإصلاح الحكومي والاقتصادي.
على المستوى الداخلي، يجمع الشيخ ناصر بين صفتي السياسي والتاجر، حيث يتمتع بثروة طائلة، ما جعله أقرب إلى طبقة التجار وبالتبعية المكون الشيعي في الكويت، وتعززت علاقاته مع إيران كونه شغل منصب سفير الكويت لدى إيران لمدة 10 سنوات خلال عقد السبعينات. إلا أن الشيخ ناصر المحمد قد لا يكون محل قبول لدى التيار الإسلامي الممثل في الإخوان المسلمين.
ورغم الدفع بإسم الشيخ ناصر المحمد ضمن قائمة المرشحين المحتملين، إلا أن الرجل الذي يبلغ من العمر 80 عاماً قد لا يكون على المستوى الشخصي راغباً في الدخول على خط أزمة محتملة ويعزز هذا السيناريو أنه قد يرغب في ألا يكون السبب في خسارة إبنه الشيخ أحمد ناصر المحمد لمنصب وزارة الخارجية.
استنتاجات
بالعودة إلى الوضع الحالي، فإن الشيخ نواف الأحمد يشغل منصب ولي عهد الكويت، وهو يبلغ من العمر 81 عاماً، ووضعه الصحي ليس على ما يرام. وهي نفس الأسباب التي أعلنها الرافضين لولاية الشيخ سعد العبدالله عام 2006. ورغم ذلك، ينص دستور الكويت وقانون توارث الإمارة على أن يُنادى بولي العهد ليصبح أميراً للبلاد في حالة وفاة الأمير الحالي. ما يعني أن الطريق مُعبد بدون مشاكل أمام الشيخ نواف الأحمد ليصبح أميراً للكويت، خصوصاً في ظل نفوذ فرع الجابر حالياً على أسرة الصباح.
وبالتالي، فإن الاحتمال الأكبر في حالة حدوث خلافات على الحُكم في الكويت قد يكون على منصب ولي العهد، حيث لا ينص الدستور على تسمية مُسبقة لولي عهد، ويظل الأمر متروك لتزكية الأمير الجديد وموافقة مجلس الأمة. وفي ظل بلوغ ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد من العمر 81 عاماً وكونه يعاني من أمراض مزمنة، فإن أي طرف سيرغب في الحصول على منصب الإمارة دون أن يتسبب في وقوع أزمة حكم أو أزمة دستورية سيضع عينيه حالياً على منصب ولاية العهد وليس الإمارة.
وبالإشارة إلى المعطيات التي تم سردها، يمكن القول أنه في حالة حدوث أزمة حكم على مستوى الأمير، فإن أقرب الشخصيات التي قد تستطيع الحصول على هذا المنصب هو الشيخ ناصر صباح الأحمد، وحيث أنه يتمتع بتقديرات سياسية جيدة، فإنه قد يقوم بتفويت الفرصة على حدوث شرخ داخل عائلة الصباح عبر قيامه بتزكية الشيخ محمد صباح السالم الذي يمثل فرع السالم بعائلة الصباح، كمحاولة منه لتضميد جراح آل سالم عقب أزمة الحكم التي وقعت عام 2006، على أمل أن يكون من شأن هذا التوازن دعم خططه للتصدي للفساد وإدارة مرنة لمستقبل أفضل للكويت ومراعاة للظروف الحرجة التي تمر بها الكويت.
أما إذا انحصرت أزمة الحكم على مستوى ولاية العهد، فقد يقوم الشيخ نواف الأحمد بتزكية ابن أخيه الشيخ ناصر الصباح ليصبح ولياً للعهد، وبالتالي يصبح أميراً للكويت لاحقاً.
ملاحظات ومراجع
[1] دستور الكويت http://extwprlegs1.fao.org/docs/pdf/kuw128727.pdf
[2] قانون توارث الإمارة في الكويت http://www.kna.kw/clt-html5/run.asp?id=1836
[3] هيئة مكافحة الفساد الكويتية (نزاهة) https://www.nazaha.gov.kw/ar/pages/aboutus.aspx
[4] توجيه أمير الكويت لهيئة مكافحة الفساد https://bit.ly/31jSWE5
[5] بيان وزارة المالية الكويتية https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2856285&language=ar
[6] تغريدة الشيخ ناصر الصباح https://twitter.com/nsaalsabah/status/1286345120816791552
[7]بيان المجلس الأولمبي بشأن ترشح قطر لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية
[8] للاستزادة بشأن نظام الدوائر الخمس في الكويت https://bit.ly/2XuoE09
[9] Remarks with Kuwait Minister of Foreign Affairs Sheikh Mohammed Sabah Al-Salem Al-Sabah
https://2001-2009.state.gov/secretary/former/powell/remarks/30625.htm
[10] محاضرة الشيخ محمد الصباح بجامعة استراليا الوطنية https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2595834&language=ar