يُعد هذا الكتاب الأكثر استخدامًا في الجامعات العالمية المعنية بتدريس تاريخ الشرق الأوسط، والجدير بالذكر أن تلك هي الطبعة الثانية عشر، حيث تم تنقيحها بشكل يتضمن أبرز المستجدات التي طرأت على المنطقة في السنوات الأخيرة.
يقدم الكتاب رؤية شاملة لمنطقة الشرق الأوسط، ابتداءً من فترة ما قبل الإسلام، وحتى الوقت الراهن.
صدر الكتاب في سبعة أجزاء، جاء الجزء الأول تحت عنوان «صعود الإسلام إلى ذروته في عهد الدولة العباسية»، تناول تاريخ المنطقة قبل نبي الإسلام (محمد)؛ حيث تطرق إلى الديانات التي كانت منتشرة آنذاك، والاندماج الثقافي الذي شهدته المنطقة تحت حكم الإمبراطوريتين الرومانية، والفارسية، وما أرستهما من عادات، وتقاليد، كانت بمثابة أنماطًا لدول خضعت في مرحلة لاحقة للحكم الإسلامي.
استعرض هذا الجزء صعود الإسلام في المنطقة، وأشار إلى أن مسألة نشر الدعوة لم تكن سهلة، والسبب في ذلك أن الإسلام كان يرغب في فرض أسلوب حياة كامل، الأمر الذي أدى إلى العديد من المواجهات، وفي هذا الصدد أشار الكتاب إلى أن تلك المواجهات كانت سببًا وراء احتواء القرآن على بعض الكلمات القاسية ضد اليهود.
أيضًا تطرق إلى مسألة الخلافة الإسلامية – التي وصفها الكتاب بذروة القوة الإسلامية، وما حققته من فتوحات في عهد الدولتين الأموية والعباسية.
تناول الجزء الثاني «الإمبراطوريات التركية من السلاجقة إلى العثمانيين» الانقسام الطائفي بين المسلمين، وظهور التشيع كقوة سياسية في الشرق الأوسط خلال القرنين العاشر والحادي عشر، ودخول الأتراك وصعودهم إلى السلطة، وما ترتب عليه من تغييرات عميقة في سياسات الشرق الأوسط.
تطرق هذا الجزء إلى الغزو المغولي، ووصفه بالأسوأ في تاريخ الشرق الأوسط. كما تناول الحروب الصليبية، واعتبرها مصدر إلهام للعرب في العديد من الروايات، والأفلام، لاسيما وأن مصر الفاطمية كانت لها علاقات تجارية وثيقة مع الدول الصليبية، هذا بالإضافة إلى أن بعض الحكام المسلمين كانوا حلفاءً للصليبيين.
سلَّط هذا الجزء الضوء على تاريخين هامين في تاريخ المنطقة؛ الأول عام 1260م حين انتصر المسلمون على المغول في موقعة عين جالوت، والثاني عام 1699م حين انهزم المسلمون عندما تنازل العثمانيون عن المجر لصالح هابسبورغ النمسا.
أشار الجزء الثالث «التوغلات الأوروبية ورد الفعل القومي» إلى عجز الحكام العثمانيين عن الحفاظ على نظامهم خاصةً وأنهم عانوا – على مدار تاريخهم – من العديد من التحديَّات أبرزها؛ الثورات الانكشارية أو كما أطلق عليها المؤلفان «مكائد البلاط»، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى الحروب التي خاضتها الإمبراطورية العثمانية مثل: حروب البلقان عام 1912م، والحرب العالمية الأولى عام 1914م.
تناول هذا الجزء عملية الإصلاح الغربي للمنطقة في القرن التاسع عشر، وأشار إلى أنه كان من المفترض على المصلحين أن يختاروا بعناية الأنظمة التي اقترضوها من أوروبا. وتمت الإشارة إلى أن مصر كانت الدولة الأسرع والأكثر دراماتيكية من أي بلد في الشرق الأوسط حيث خضعت للاحتلال الفرنسي، وكان احتلالاً قاسيًا قائمًا على تحصيل الضرائب، والرسوم الحكومية.
أرجع الجزء الرابع «الحرب العالمية الأولى وعواقبها» جذور المعاناة العربية إلى إعلان بريطانيا قيام وطن قومي لليهود في فلسطين. كما تناول استقلال تركيا عن الحلفاء عام 1923، وإعلان مصطفى كمال أتاتورك رئيسًا للبلاد.
أيضًا أشار هذا الجزء إلى أن الوعد بالاستقلال كان سرابًا؛ حيث وضعت القوى الأوروبية خططًا لتطوير تلك البلدان بما يخدم مصالحها؛ فبالنسبة للعراق كانت السيطرة البريطانية مدعومة بتفويض من عصبة الأمم، وسلسلة من المعاهدات، أما مصر فقد خاضت صراع طويل ومعقد من أجل الاستقلال.
أشار الجزء الخامس «الصراع العربي الإسرائيلي» إلى أن صراع إسرائيل ضد العرب هو صراع من أجل الاستقلال اليهودي، تمثل أولاً في ردع الفلسطينيين الأصليين، ثم مواجهة الإمبريالية البريطانية، وأخيرًا محاربة جيوش الدول العربية.
يرى هذا الجزء أن أغلب تصريحات المسئولين الإسرائيليين – فيما يتعلق بحروبهم ضد العرب – دارت حول الدفاع عن أراضي إسرائيل وليس توسيعها، وعلى الرغم من ذلك كان الإسرائيليون يتباهون بسيطرتهم على الأراضي التي تم الاستيلاء عليها.
يرى الجزء السادس «عودة الإسلاميين» أن إيران لعبت دورًا استراتيجيًّا في الجهود الأمريكية لاحتواء التوسع السوفيتي. وفي مصر حقق الدين مكاسب كبيرة بين كلٍّ من المسلمين، والمسيحيين عقب هزيمة 1967. أما الفلسطينيون فكانوا منقسمين؛ بعضهم أيد الانتفاضة باعتبارها كفاحًا شاملاً ضد الاحتلال، وبالفعل تحقق ذلك في ديسمبر 1987، أما الذين ظلوا تحت إدارة إسرائيل فرأوا ضرورة المشاركة في السياسة الإسرائيلية.
تناول هذا الجزء الفترة الممتدة من عام 1990 وحتى عام 2001، ومن أبرز الأحداث التي تضمنها: غزو العراق للكويت عام 1990، وحرب الخليج عام 1991، وهجمات 11 سبتمبر 2001.
أشار الجزء السابع والأخير «الربيع العربي وعواقبه» إلى نجاح الانتفاضات في تغيير القيادة في بعض الدول مثل: مصر، وتونس. وبالنسبة لسوريا، واليمن، وليبيا، فقد تحول الربيع إلى شتاء قارس بسبب الحروب الأهلية، هذا فضلاً عن ظهور ما سُمي بـ «تنظيم الدولة الإسلامية« (داعش).
تناول هذا الجزء الحرب الأهلية السورية، وما ترتب عليها من نتائج مثل: الخلاف السعودي التركي، ومقاطعة السعودية لقطر، ودعم إيران لنظام بشار الأسد بحجة أن هزيمة الأسد ونظامه ستفيد إسرائيل.
في الختام، أكد الكتاب على أهمية الدور الذي مارسه الفاعلون الخارجيون في المنطقة، بدايةً من الغزو الفرنسي لمصر عام 1798م، مرورًا بالحربين العالميتين الأولى والثانية وصعود الدور البريطاني في المنطقة، وأخيرًا الحرب الباردة والتنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي على المنطقة التي انتهت بهزيمة السوفييت، إلا أن الدور الروسي لا يزال قائمًا والحرب الأهلية السورية أكبر دليل على ذلك. أما الولايات المتحدة الأمريكية والتزامها تجاه الشرق الأوسط فلا تزال محلاً للشك.