تمثل السياسة المالية ذارعًا أول للدولة للقيام بدورها. ويتنوع هذا الدور منقسمًا إلى دور جبائي/ تجميعي يتمثل في تحصيل الإيرادات العامة، وآخر يختص بقيامها بالإنفاق العام على أوجه بعضها جاري وبعضها رأسمالي. وتُعرف السياسة المالية بمجموعة الإجراءات والأدوات التي تستخدمها الدولة للتأثير على النشاط الاقتصادي، وتتمثل أداتها في الموازنة العامة، حيث تكون وزارة المالية أو وزارة الخزانة هي المسؤول عنها، وتشمل بشكل رئيس أدوات الإنفاق العام ويتفرع منه الإنفاق الجاري والاستثماري. وفي الجانب الآخر، هناك الإيرادات العامة، متمثلة في الضرائب التي تستخدم كسياسة لحفز نشاطات الأعمال، وزيادة حصيلة إيرادات الدولة.
وإذا كان الحديث عن السياسة المالية وجد ضالته في ظل النظرية الكينزية –التي يصفها البعض بأنها نظرية معالجة أو بالأحرى منهج لعلاج الأزمة – خاصة مع توالي الأزمات والصدمات، تبدو الحاجة لسياسة مالية فعالة وتتسم بالتكيف أكثر من أي وقت آخر. كما يبدوا تحقيق الاستقرار الاقتصادي كنقيض لحالة عدم الاستقرار الاقتصادي، هدف تسعى إليه كافة الدول، في كل الأوقات. ويقصد بالاستقرار الاقتصادي، تلك الحالة التي يتحقق فيها التشغيل الكامل وتتفادى فيها حالات التضخم والكساد (أي يتم تحقيق الاستقرار السعري).
وعلى هذا النحو، يهدف هذا المقال إلى تقييم السياسات المالية العربية في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، مع محاولة وضع بعض التوصيات في الأجلين القصير والطويل.
تشخيص طبيعة الأزمة الاقتصادية الراهنة
أحدثت جائحة كورونا أزمة عميقة في أداء الاقتصادات ولم تستثن اقتصادًا متقدمًا أو ناميًا. وما فتيء العالم يخرج من تداعيات الجائحة، حتى ابتلي العالم بنشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا، تداعت على إثرها حالة من عدم اليقين والاضطراب، وتصاعد الاستقطاب العالمي وبلغ أشده. وكانت المؤشرات الاقتصادية في مرمي الأزمة؛ حيث ارتفعت معدلات التضخم، وتراجعت معدلات النمو، وبدت حالة عدم التأكد هي القاعدة وليست الاستثناء.
وتأسيسًا على ذلك، فقد شكّل الغزو الروسي لأوكرانيا صدمة جديدة وكبيرة لأسواق السلع الأساسية- حيث تسيطر روسيا وأوكرانيا على 30% من سوق إنتاج الغلال في العالم- فقد أدت الحرب إلى اضطرابات كبيرة في إنتاج وتجارة السلع التي تعتبر روسيا وأوكرانيا مصدرين رئيسيين لها. وعلى إثرها، إرتفعت الأسعار بشكل حاد لجميع سلع الطاقة وبعض السلع الغذائية، بما في ذلك القمح والبذور الزيتية[1].
وقد أدى هذا بدوره إلى إثارة مخاوف الطاقة والأمن الغذائي، لا سيما بالنسبة للأسر الأشد فقراً. وفي ظل إرتفاع الأسعار، سعى صناع السياسات إلى توفير الإغاثة للمستهلكين عن طريق الإعانات أو خفض الضرائب؛ ومع ذلك، فإن هذه العلاجات غير فعالة بشكل عام وقد تؤدي إلى تفاقم نقص العرض[2]. وعليه، فقد تصاعدت أسعار المواد الأساسية من نفط وقمح ومواد معدنية وغيرها. أي أن الأزمة أول ما أصابت أصابت أسواق السلع، وفي مقدمتها أسعار البترول والقمح، حيث إرتفعت الأول بنسبة 40$ من 75 دولار إلى 106 دولار بين نهاية ديسمبر ومنتصف مايو. وتزايدت أسعار القمح بنسبة 31٪ عما كانت عليه قبل الغزو الروسي، وقبل الغزو، كانت أوكرانيا وروسيا مسؤولة عن 30٪ من الصادرات العالمية.
كذلك قفز الذهب إلى قمم يومية جديدة عند 1856 دولارًا للأونصة، وهو تحول دراماتيكي من الإنزلاق المبكر إلى منطقة 1830 دولارًا؛ حيث تعرض الدولار لضغط بيع متجدد بينما أدى تخفيف عوائد سندات الخزانة أيضًا إلى إضفاء المزيد من التفاؤل على المضاربين على الذهب. في ذات السياق، ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى ما يزيد عن 7.6 دولار لكل مليون وحدة [3].
و كمحصلة للحرب الدائرة، فقد توقع صندوق النقد الدولي، أن يتباطأ النمو العالمي من 6.1٪ في 2021 إلى 3.6٪ في 2022 و 2023. وهذا أقل بمقدار 0.8 و 0.2 نقطة مئوية في 2022 و 2023 مما كان متوقعًا في يناير. بعد عام 2023، من المتوقع أن ينخفض النمو العالمي إلى حوالي 3.3٪ على المدى المتوسط. أدت الزيادات في أسعار السلع الناتجة عن الحرب وتوسيع ضغوط الأسعار إلى توقعات تضخم 2022 بنسبة 5.7 في المائة في الاقتصادات المتقدمة و 8.7 في المائة في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية – بزيادة 1.8 و 2.8 نقطة مئوية عن المتوقع في يناير الماضي. وتشير توقعات صندوق النقد الدولي أيضا إلى تراجع توقعات النمو في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا إلى تراجع من 5.7% عام 2021 إلى 3.7% عام 2023. بما يشير ضمنيًّا إلى التأثير الكامن للحرب الروسية على منطقة الشرق الأوسط.
ونتيجة أيضا لما تقدم، من المتوقع أن ترتفع أسعار الطاقة بأكثر من 50 في المائة في عام 2022 قبل أن تتراجع في عامي 2023 و 2024. ومن المتوقع أيضا أن ترتفع الأسعار غير المتعلقة بالطاقة، بما في ذلك الزراعة والمعادن، بنسبة 20 في المائة تقريبًا في عام 2022. ومع ذلك، من المتوقع أن تظل أسعار السلع الأساسية أعلى بكثير من متوسط آخر خمس سنوات. و في حالة الحرب المطولة، أو فرض عقوبات إضافية على روسيا، قد تكون الأسعار أعلى وأكثر تقلبًا مما هو متوقع حاليًا[4].
السياسات المالية العربية والتكيف مع الأزمة
على صعيد الاقتصادات العربية، لم تكن تداعيات الأزمة الراهنة عنها ببعيد، فقد لخصت دراسة فريد بلحاج [5] القنوات الرئيسية لتأثير الأزمة في خمس فئات وهي: (1) صدمات أسعار الغذاء، لاسيما القمح؛(2) زيادات أسعار النفط والغاز؛ (3) عزوف المستثمرين عن المخاطر/جنوحهم إلى الاستثمارات الآمنة، الأمر الذي قد يؤثِّر على تدفقات رؤوس الأموال الخاصة على الأسواق الصاعدة ككل؛ (4) تحويلات المغتربين؛ (5) السياحة.
وفي ظل وجود قنوات عديدة مثل تلك المعروضة آنفا، يمكن تقسيم البلدان العربية إلى ثلاثة فئات رئيسة أولها الفئة المصدرة للنفط، والتي من المتوقع أن تنتعش جراء الارتفاع الكبير لأسعار النفط؛ حيث قفز من 75.3 دولارا للبرميل في 31 ديسمبر 2021 إلى 105.5 دولار للبرميل حتى 11 مايو 2022. بما يشير إلى تصاعد بنسبة 40% خلال 5 أشهر فقط. وبما سيؤثر إيجابا على المالية العامة للبلدان العربية المصدرة للنفط، حيث ستزيد إيراداتها النفطية.
شكل (1) اتجاهات أسعار النفط بين نهاية 2021 وحتى 11 مايو 2022
Source: https://www.statista.com/statistics/326017/weekly-crude-oil-prices/.
ومن المتوقع أن يرتفع معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة ليسجل نحو 7.5٪ عام 2022 مقارنة بـ 5.7٪ عام 2021، بينما من المتوقع حدوث تراجع نسبي في معدل التضخم عام 2023 ليصل إلى 7.0٪. وتعكس الزيادة في معدلات التضخم تأثير تحديات سلاسل التوريد الدولية والزيادات المسجلة في أسعار السلع الزراعية والصناعية ومنتجات الطاقة بسبب التطورات العالمية الحالية. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تظهر بعض الضغوط التضخمية خلال أفق التوقعات بسبب الزيادة المتوقعة في مستويات الطلب الكلي؛ ارتفاع معدلات ضريبة الاستهلاك في بعض الدول العربية، وتأثير المرور نتيجة انخفاض قيمة بعض العملات العربية مقابل العملات الرئيسة، وتأثير عوامل التضخم الأخرى التي تختلف من دولة عربية إلى أخرى[6].
وعلى صعيد البلدان العربية فرادى، يمكن تلخيص آثار الأزمة في تصاعد معدلات التضخم، حيث تسارع معدل التضخم في مصر إلى 13.1٪ في أبريل 2022 من 10.5٪ في مارس مقارنة ب5.6% في ديسمبر 2021. أي أنه تزايد بأكثر من ضعفين. وفي الأردن، ارتفع إلى 2.5 بالمئة في مارس 2022 من 2 بالمئة في فبراير. وكذلك في فلسطين سجل 3.62٪ في مارس 2022 من 2.97٪ في فبراير من نفس العام. على نفس المنوال، ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2٪ في مارس 2022 من 1.6٪ في شهر فبراير. وقد تسارع معدل التضخم السنوي في قطر إلى 4.42٪ في مارس 2022 من 3.99٪ في فبراير. وفي البحرين إلى 3.9٪ في مارس 2022 من 3.2٪ في فبراير. وفي الجزائر، يتزايد إلى 9.60٪ في فبراير من 9٪ في يناير 2022. وكان الارتفاع أعلى في المغرب إلى 5.3٪ في مارس 2022 من 3.6٪ في فبراير. ومن 7.2% إلى 7.5 في تونس بين مارس وأبريل[7].
الماليات العامة العربية: إبحار ضد التيار
على مدار السنوات الثلاث الأخيرة وبالتحديد (2019-2021)، عانت المالية العامة العربية من وضعيات صعبة، تعسرت على إثرها مراميها وتصدعت أركانها. وما فتئت أزمة جائحة كورونا التي أجبرت العالم على الإغلاق القسري وأوقفت النشاط الاقتصادي عنوة، حتى دخل العالم في حرب جديدة من لم يكن طرفا فيها، أصيب بشررها، اندلعت من الجانب الروسي تجاه دولة أوكرانيا.
لذلك، فقد استهل العقد الجديد بأزمات المتولية والمتتالية وذات الأبعاد غير المحدودة، فلا يبرح العالم عامة والعالم العربي خاصة خروجا من أزمة حتى يدخل في أزمة أخرى. وتنتج المنطقة العربية مجتمعة ما يقارب من 2432 مليار دولار بالأسعار الجارية للدولار الأمريكي عام 2021، غير أنها أكثر المناطق العالمية التهابًا وأكبرها تصدعًا بالأزمات سواء كان ذلك نتاج أزمة نابعة من الداخل أو نزاعات وصراعات تأتي من العالم الخارجي.
ونظرًا لشدة اتصال المنطقة العربية منطقة محورية بالاقتصاد العالمي، إما لكونها منتج رئيسي للنفط العالمي، وأخرى لكونها تمتلك مفاتيح المرور لحركة التجارة العالمية، من باب المندب إلى قناة السويس وصولاً إلى مضيق جبل طارق. دومًا ما تُحدث الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية وطأة شديدة على هذه المنطقة.
وتأتي السياسة المالية دوما في مرمى البصر، كأحد أكثر السياسات التي يلتجأ إليها، للحد من آثار الصدمات والأزمات. وبالنظر إلى أن السياسات المالية قد أنهكت على مدار السنوات الماضية لتلافي تبعات انخفاض أسعار النفط من جانب تداعيات فيروس كورونا والإغلاق الاقتصادي؛ حيث بادر صانعو السياسات بتقديم حزم تحفيزية للخروج من الوضع الاقتصادي المتأزم. وعادة ما تركن الدول العربية إلى حزم التحفيز المالي، لاحتواء الأزمة ومنها الأزمة الراهنة؛ حيث عمدت إليها عديد من البلدان العربية، ومن بينها مصر التي أعلنت عن تقديم استحقاقات موازنة العام المالي 2022/2023، لتبدأ من إبريل بدلاً من يوليو من عام 2022.
حاصل ما تقدم، يمكن تلخيص آثار الأزمة الحالية على المالية العامة العربية في اتجاهين، الأول يشير إلى الرواج الذي ستشهده البلدان المصدرة للنفط على خلفية ارتفاع أسعار النفط وانتعاش موازنتها مقابل ركود حاد خاص بانخفاض حصيلة الرسوم الجمركية للدول الساحلية وذوي الموانئ، مع حالة من التضخم الركودي التي تضرب عديد من بلدان المنطقة خاصة مصر ولبنان وتونس.
وبحسب توقعات إبريل 2022، من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين، فإن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ستنمو بنسبة 5.2٪ في عام 2022، وهو أسرع معدل منذ عام 2016. ومع ذلك، تسود حالة من عدم اليقين مع المسار غير المتوقع للحرب في أوكرانيا، وعدم اليقين العلمي بشأن المسار التطوري للفيروس المسبب لـ COVID-19. وقد يكون الانتعاش الاقتصادي متفاوتًا حيث تخفي المتوسطات الإقليمية اختلافات واسعة بين البلدان. وبالفعل، قد يستفيد منتجو النفط من أسعار الطاقة المرتفعة جنبًا إلى جنب مع معدلات التطعيم المرتفعة لـ COVID-19، بينما تتأخر البلدان الهشة والمستوردة للنفط. وإذا تحققت هذه التوقعات، فقد لا يتعافى 11 اقتصادًا من أصل 17 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول نهاية عام. يأتي هذا مدعوما بزيادة إنتاج النفط وأسعاره في الأسواق الدولية واستمرار حزم التحفيز المعتمدة في الدول العربية التي بلغت قيمتها التراكمية 396 مليار دولار خلال الفترة (2020-2022)[8].
ومع ذلك، فإن المتغيرات الجديدة لفيروس كورونا، وأسعار النفط المتقلبة، واستمرار المأزق السياسي بشأن الإصلاحات الأساسية، تشكل مخاطر سلبية. ومن المرجح أن تكون احتمالية تفشي فيروس كورونا الجديد COVID-19، و ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين، وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، من هذه المخاطر. وأشارت توقعات عام 2023، إلى أنه من المتوقع أن ينخفض معدل النمو في الدول العربية إلى 4.0٪ بسبب تراجع الطلب العالمي، والانسحاب التدريجي حزم التحفيز، والانخفاض المتوقع في أسعار السلع الأساسية.
نحو سياسة مالية فعالة لمواجهة الأزمة
يجب التذكير أولا أن السياسة المالية وحدها لا تستطيع أن تحد من الأزمة وتحتاج إلى تنسيق مع غيرها من السياسات كالسياسة النقدية والتجارية. خاصة وأن طبيعة الأزمة ومسبباتها لا يمكن التحكم فيها أو التنبؤ الدقيق بطول أمدها. وهو ما يشير حتما إلى أولوية التركيز على ضبط أوضاع المالية العامة وتقليل معدلات العجز وعدم الإفراط في الاستدانة.
وتكمن أدوات السياسة المالية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة في حلول مباشرة وآنية، وهنا يتم التركيز على الأجل القصير؛ حيث تركن الحكومات إلى النظر إلى الإنفاق العام في شقه الجاري على أنه الملاذ الآمن في أوقات الأزمات، وتهرع إليه لزيادة ضخ السلع في الأسواق لكبح جماح الطلب أو تقديم حزمة لتعزيز الحماية الاجتماعية لمواجهة ارتفاعات أسعار السلع الأساسية.
ومن هنا، يمكن لواضعي السياسات التخفيف بشكل أفضل من تأثير الأسعار المرتفعة على الأسر ذات الدخل المنخفض من خلال التدابير المستهدفة، بما في ذلك التحويلات النقدية. وقد تسببت صدمات أسعار السلع الأساسية السابقة في استجابات السياسات والأسواق التي أدت إلى زيادة مصادر الإمداد، وبالنسبة لصدمات أسعار النفط، أدت إلى زيادة كفاءة الاستهلاك والاستبدال بعيدا عن النفط. وبمرور الوقت، من المرجح أن يؤدي الارتفاع الأخير في الأسعار مرة أخرى إلى زيادة كفاءة استهلاك الطاقة وانتقال أسرع بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وبشكل عام، تمثل الحزم التحفيزية أو حزم الحفز المالي، خيارًا استراتيجيًّا لصانعي السياسات المالية، يتم الاعتماد عليه في أوقات الأزمات، حيث يعكس تطورات الإنفاق الجاري الصرف الطاريء والمُستجد على أوجه ضبط الأسواق والحماية الاجتماعية. على النقيض من ذلك، قد يتراجع الإنفاق الرأسمالي وهو ما يؤثر حتما في الأجل المتوسط والطويل على عملية التنمية. خاصة وأن البلدان العربية تعاني من عجز هيكلي مزمن في موازنتها، يقودها بين وقت وآخر إلى الاقتراض من مصادر داخلية وخارجية من خلال أدوات تمويل قصيرة الأجل (كأذونات الخزانة أو السندات أو الصكوك)، وكذلك القروض والسلف.
ونتيجة لذلك، تستمر الدول العربية في تقليل قدرات موازنتها المالية المُكبلة بديون داخلية وخارجية، بما يشير إلى عدم قدرة الموازنة العامة على تحقيق عنصر المرونة. وتجدر الإشارة إلى أن المديونية الخارجية للدول العربية قد تصاعدت من 683.8 مليار دولار إلى 725.1 مليار دولار بين عامي 2019 و2020. أي بنسبة 10% تقريبا. وتشكل نسبة إجمالي الديون العام 120% لمجموع الدول العربية، وذلك وفق بيانات صندوق النقد العربي.
وفي الأخير، فإن الأزمة الراهنة ستؤدي حتمًا إلى زيادة الإنفاق الجاري على حساب الإنفاق الرأسمالي في البلدان غير المنتجة للنفط، لمواجهة آثارها على التضخم خاصة. في المقابل، ستنعش مجموعة البلدان النفطية وتحدث رواجا في ميزانياتها، جراء ما تجنيه من عائدات نفطية، التي تشكل عنصرًا رئيسًا من الإيرادات حيث تصل نسبتها إلى قرابة 49% من إجمالي الإيرادات العامة. الأمر الذي يشير بجلاء إلى أهمية إعادة النظر في السياسات المالية العربية التي تعتمد في تمويل نفقاتها على الاقتراض.
ختامًا يمكن القول إن الطريق نحو التعامل الكفء مع اختلالات السياسات المالية العربية يبدأ بالعمل على الحد من الاقتراض الخارجي وعدم الإفراط في الاقتراض الداخلي؛ والاعتماد على التنمية المستقلة المعتمدة على الذات؛ والسعي نحو تنويع مصادر الطاقة في الاقتصادات غير المنتجة للنفط؛ والتسريع بالاستفادة من الوفورات النفطية والاحتياطات بالاستثمار في البشر والمعرفة؛ وتكثيف وتسليط الضوء على الطاقة الخضراء في المنطقة؛ والحث على تنويع مصادر التمويل والاعتماد على الصكوك أكثر من السندات.
[1] World Bank Group. 2022. Commodity Markets Outlook: The Impact of the
War in Ukraine on Commodity Markets, April 2022. World Bank, Washington, DC. License: Creative Commons Attribution CC BY 3.0 IGO.
[2] UNITED NATIONS. (2022). World Economic Situation and Prospects: April. Briefing, No. 159. https://www.un.org/development/desa/dpad/publication/world-economic-situation-and-prospects-april-2022-briefing-no-159/.
[3] تم الحصول على هذه البيانات من قاعدت بيانات Trading Economics على الرابط التالي https://tradingeconomics.com/commodity/ .
[4] World Bank Group. 2022. Commodity Markets Outlook: The Impact of the War in Ukraine on Commodity Markets, April 2022. World Bank, Washington, DC. License: Creative Commons Attribution CC BY 3.0 IGO.
[5] فريد بلحاج. (2022). ضغوط متفاقمة: الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مدونات البنك الدولي. مارس. https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices/compounded-stress-impact-war-ukraine-middle-east-and-north-africa.
[6] Daily News Egypt. (2022). Arab economies are expected to grow by 5% in 2022: AMF. April 22. https://dailynewsegypt.com/2022/04/20/778436/.
[7] تم الحصول على هذه البيانات من قاعدة بيانات Trading Economics.
[8] World Bank.(2022). MENA Economic Update: Reality Check: Forecasting Growth in the Middle East and North Africa in Times of Uncertainty. Publication. April 14. https://www.worldbank.org/en/region/mena/publication/mena-economic-update-forecasting-growth-in-the-middle-east-and-north-africa-in-times-of-uncertainty.