بعد عقود، تدرس الحكومة الفرنسية مقترحات تهدف إلى تخفيض التواجد العسكري الفرنسي في غرب القارة الأفريقية ووسطها، بما يشمل تشاد والجابون وساحل العاج، مما يقلص من نفوذها في تلك الدول التي تشهد تغيرات جيوسياسية بارزة، في وسط تنافس دولي محموم على القارة الأفريقية.
وبحسب وكالة رويترز، أفادت مصادر مطلعة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلّف مبعوثاً خاصاً بإعداد تقرير يتضمن خطة لخفض عدد القوات الفرنسية في أفريقيا من 2200 إلى 600 جندي فرنسي فقط في 2025.
وتنص التوصيات أن تحتفظ تشاد بالنصيب الأكبر من عدد القوات بـ300 جندي، بعد أن كان التعداد يصل إلى الألف، وذلك للأهمية البالغة لبقاء القوات الفرنسية فيها تلبية لاحتياجات التوسط في أزمة السودان المجاورة.
تدريب وتبادل معلومات
ينص التقرير على أن عمل الجنود الفرنسيين في المنطقة سيقتصر على التدريب وتبادل معلومات المخابرات والاستجابة لطلبات الدول من أجل المساعدة بناء على الاحتياجات.
يتزامن القرار الفرنسي مع مطالبات دول أفريقية وعلى رأسها تشاد والسنغال في الأيام الأخيرة بتخفيض التعاون العسكري مع فرنسا، وأبدت رغبتها بإلغاء اتفاقيات التعاون الدفاعي مع باريس وإغلاق قواعدها العسكرية. وطالبت تشاد بخروج الجيش الفرنسي من أربع قواعد على أراضيها، بعد عقود طويلة من “الاستعمار”.
ويعزي مراقبون أسباب قرار فرنسا إلى الوضع المالي الذي يرهق ميزانية باريس، كما أنه يأتي نتيجة تبعات الدور الذي تلعبه فرنسا في حرب أوكرانيا.
وبذلك، تخسر فرنسا تواجداً استراتيجياً على أراضي تشاد، التي تعتبر لاعباً أساسياً في الساحة الدولية، من خلال تعاونها مع الغرب للقضاء على المتشددين في المنطقة، بعد أن اضطرت فرنسا أيضاً لسحب جنودها من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بعد سلسلة الانقلابات العسكرية التي شهدتها البلاد الثلاثة.
تراجع فرنسي أمريكي ونفوذ صيني
ويأتي الانسحاب الفرنسي ليتبع نظيره الأمريكي، إذ سحبت الولايات المتحدة أيضاً قواتها من النيجر مباشرة بعد خروج آخر جندي فرنسي من هناك. وفي السياق، تعهدت بكين في سبتمبر 2024 بتقديم دعم اقتصادي لتمويل مشاريع في أفريقيا يفوق خمسين مليار دولار.
ولم يتوقف التعهد الصيني بالدعم على الاقتصاد فحسب، إذ تعهد الرئيس الصيني بتقديم مساعدات عسكرية للدول الأفريقية “دون مقابل”.
وأقامت بكين قاعدة في جيبوتي، الأمر الذي أثار قلق الأمريكيين، خوفاً من إقامة قواعد صينية على المحيط الأطلسي تهدد القواعد الأمريكية والأمن الأمريكي والأوروبي، وتزامناً مع تزايد نفوذ روسيا في القارة السمراء، إذ يسهم مرتزقة روس في دعم الحكومات العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى مساعدتهم في قتال المتمردين.