منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إثر الهجوم الذي شنته حركة حماس يوم السابع من أكتوبر، يتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف بشكل شبه يومي.
إلا أن حدة التوترات تصاعدت إلى حد كبير متزامنة مع تهديدات إسرائيلية بشن هجوم موسع على الجبهة الشمالية مع لبنان.
كما شهدت مناطق لبنانية عدة من ضمنها الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، سلسلة من الحوادث المفاجئة انفجرت فيها بشكل متزامن أجهزة اتصالات ونداء لاسلكية محمولة “بيجر” يستخدمها عناصر من حزب الله، ما أدى إلى وقوع قتلى وأكثر من 2800 مصاب، وانهالت المخاوف من هذا التصعيد.
إلا أن إسرائيل التي التزمت الصمت حتى الآن، ولم تعلن أي تغيير في استراتيجتها، وفقا لهيئة البث الإسرائيلية.
فيما أفادت الهيئة بأن القادة، بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت ومعهم آخرون من الجيش والأمن، قد تواجدوا في اجتماع في وزارة الدفاع مساء الثلاثاء، لإجراء مشاورات بعد العملية.
وحمّل حزب الله إسرائيل المسؤولية عن انفجار أجهزة الاتصالات في أنحاء لبنان، متوعداً بالرد.
كذلك أفاد بأن الأجهزة المختصة في حزب الله تقوم حالياً بإجراء تحقيق واسع النطاق أمنيا وعلميا لمعرفة الأسباب التي أدّت إلى تلك الانفجارات المتزامنة.
وقال إن الأجهزة الطبية والصحية تقوم أيضا بمعالجة الجرحى والمصابين في عدد من المستشفيات في مختلف المناطق اللبنانية.
وأسفر التصعيد، منذ أكتوبر 2023، عن مقتل أكثر من 479 شخصاً على الأقل في لبنان، بينهم أكثر من 313 عنصراً من حزب الله، و93 مدنياً على الأقل، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية.
تحذير أمريكي من حرب شاملة
وسبق هذا الهجوم، تحذير أمريكي لإسرائيل من شن حرب ضد لبنان، مؤكدة أنها تدعم الوصول إلى “حل دبلوماسي” لإنهاء التصعيد على الحدود الشمالية لإسرائيل، وذلك وفق ما نقلته وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية.
وجاء التحذير الأمريكي على لسان المستشار البارز للرئيس جو بايدن، المبعوث الأمريكي إلى لبنان، آموس هوكستين، خلال لقاء مع مسؤولين بارزين في إسرائيل.
وقالت 3 مصادر مطلعة لموقع “أكسيوس” الأمريكي، إن هوكستين حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من “شن حرب في لبنان” قد تزداد اتساعا، في وقت أعلنت فيه الحكومة الإسرائيلية توسيع أهداف الحرب الجارية حاليًا، لتشمل إعادة مواطنيها النازحين من شمالي البلاد إلى منازلهم.
ونقل الموقع عن مصدرين، أن هوكستين “أكد لنتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، خلال اجتماعه معهما بشكل منفصل، أن الولايات المتحدة لا تعتقد بأن اندلاع صراع أوسع مع لبنان، سيحقق هدف عودة النازحين إلى الشمال”.
وقال المبعوث الأمريكي إن اندلاع حرب شاملة مع حزب الله هو “مخاطرة بإشعال فتيل صراع إقليمي أوسع نطاقا وأطول أمدًا”، حسب المصادر التي أكدت أيضًا أن واشنطن “لا تزال ملتزمة بالحل الدبلوماسي في لبنان، سواء مع صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن (مع حماس في غزة) أو بشكل منفرد”.
كما أشار مصدر مطلع على المحادثات أيضًا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، إلى التحذيرات نفسها من جانب هوكستين.
من جانبها، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، تحذيرات مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي وفي دوائر أخرى من المنظومة الأمنية، من “خطوات متهورة في الشمال تخطط لها الحكومة”.
وقال أحد المسؤولين للصحيفة، إن هذه الخطوات “تحمل في طياتها خطرا حقيقيا للغاية لإشعال حرب شاملة، ليس فقط على الحدود مع لبنان، بل في المنطقة بأكملها. ولا تضمن هذه الخطوات على الإطلاق حلاً يسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم”.
وقال نتنياهو للمبعوث الأمريكي، إنه “لا يمكن أن تتم عودة المواطنين إلى منازلهم شمالي إسرائيل، حال عدم وجود تغيير جذري في الوضع الأمني على الحدود مع لبنان”، وفق بيان لمكتبه.
وأضاف نتنياهو: “إسرائيل تقدّر وتحترم دعم إدارة بايدن، لكنها في النهاية ستفعل كل ما هو ضروري للحفاظ على أمنها، وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان”.
انتهاء فرص الحل الدبلوماسي
فيما أوضح بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن جالانت أبلغ هوكستين خلال اجتماعهما، أن إمكانية الحل الدبلوماسي للوضع على الحدود الشمالية “انتهت”، معتبرا أن السبب هو “مواصلة حزب الله ربط نفسه بحماس، ورفضه إنهاء الصراع”.
وأضاف الوزير، الذي ذكرت تقارير إسرائيلية أن نتنياهو “يسعى إلى تغييره”،: “الطريقة الوحيدة لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم، ستكون عبر عمل عسكري”.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون منذ شهور، إن إسرائيل “لا يمكنها قبول” إخلاء البلدات الواقعة عند حدودها الشمالية إلى أجل غير مسمى، غير أن التساؤلات تثور بشأن مدى استعداد الجيش لشن عملية عسكرية في جنوب لبنان، بينما تواصل القوات عملياتها في غزة.
ويضغط بعض الأعضاء اليمنيين في الحكومة الإسرائيلية من أجل التحرك، ودعا وزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير إلى إقالة خصمه القديم جالانت.
وقال في بيان، عبر منصة إكس،: “نحن بحاجة إلى قرار في الشمال، وجالانت ليس الشخص المناسب لاتخاذه”.