يجمع الخبراء والمحللون على أن كامالا هاريس، مرشحة الرئاسة الأمريكية، لن تخرج كثيرا عن إرث الرئيس جو بايدن، في السياسة الخارجية، حال فوزها بحكم البيت الأبيض.
وخضعت علاقات هاريس مع قادة العالم الرئيسيين وشركاء الولايات المتحدة، للتدقيق منذ صعودها إلى بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، حيث يبحث العاملون في مجال السياسة الخارجية عن أدلة في سجلات المكالمات والقراءات حول كيفية تعامل رئاسة نائبة الرئيس مع ارتباطات الولايات المتحدة حول العالم بشكل مختلف، وفق مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.
ويرى أعضاء بارزون في السلك الدبلوماسي بواشنطن، إن رئاسة كامالا هاريس لن تختلف كثيرًا عن إدارة بايدن عندما يتعلق الأمر بالدعم الأمريكي لأوكرانيا وانخراط الولايات المتحدة مع الحلفاء عبر الأطلسي.
لكنهم ما زالوا يراقبون ليروا كيف يمكن لإدارة هاريس أن تضع لمساتها الخاصة على الارتباطات والشراكات متعددة الأطراف، حيث ستبني على الجهود التي بُذلت في عهد جو بايدن.
ونقلت المجلة عن السفير الإستوني، كريستجان بريك قوله: “نحن بالتأكيد نتوقع قدرًا كبيرًا من الاستمرارية في السياسة الخارجية”.
ومع ذلك، أشار إلى أن بلاده تريد أن ترى إدارة هاريس تقدم “إشارات واضحة وفهمًا واضحًا لوجهات نظرها، بما في ذلك القضايا التي تريد الحفاظ عليها، وما ستدخله من تغييرات أيضًا”.
لا توقعات بتحولات كبيرة فورية
وأوضح آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق في الشرق الأوسط لإدارات ديمقراطية وجمهورية، “قد تكون لاعبا أكثر نشاطا، لكن هناك شيئا واحدا لا ينبغي أن تتوقعه، وهو أي تحولات كبيرة فورية في جوهر سياسة بايدن الخارجية”.
فعلى سبيل المثال، أشارت هاريس إلى أنها لن تحيد عن دعم بايدن القوي لحلف شمال الأطلسي وستواصل دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا.
ويتناقض هذا بشكل حاد وسط تعهد الرئيس السابق دونالد ترامب بإجراء تغيير جذري في علاقة الولايات المتحدة مع التحالف والشكوك التي أثارها بشأن إمدادات الأسلحة المستقبلية إلى كييف.
وقالت السفيرة الكندية كيرستن هيلمان، إنه بينما تتوقع بلادها أيضًا الاستمرارية في السياسة الخارجية الأمريكية بعهد هاريس، إلا أنها أشارت إلى أن نائبة الرئيس لديها خبرات وأولويات مختلفة ستؤثر على سياستها الخارجية.
وفيما يتعلق بالصين، أبقت هاريس نفسها منذ فترة طويلة ضمن التيار السائد بين الحزبين في واشنطن بشأن حاجة الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ الصين، خاصة في آسيا.
ويقول محللون إنها من المرجح أن تحافظ على موقف بايدن المتمثل في مواجهة بكين عند الضرورة بينما تسعى أيضا إلى إيجاد مجالات التعاون.
وقامت هاريس بعدة رحلات تهدف إلى تعزيز العلاقات في منطقة آسيا المهمة اقتصاديا، منها رحلة إلى جاكرتا في سبتمبر لتنوب عن بايدن في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وخلال الزيارة، اتهمت هاريس الصين بمحاولة إجبار جيرانها الأصغر على مزاعم سيادتها على مناطق في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.
وأرسل بايدن هاريس في زيارات لتعزيز تحالفات مع اليابان وكوريا الجنوبية، الحليفتين الرئيسيتين اللتين يساورهما القلق إزاء التزام ترامب بأمنهما.
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
أما ملف السياسة الخارجية في منطقة الشرق الأوسط، فيتوقع أن يحتل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مكانة متقدمة على جدول أعمالها وخاصة إذا كانت حرب غزة لا تزال مستعرة.
ورغم أنها أيدت بايدن، كونها نائبته، في دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعدما شنت حركة حماس هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر، سبقت الرئيس أحيانا وانتقدت النهج العسكري لإسرائيل.
وقالت في مارس 2024 إن إسرائيل لا تفعل ما يكفي لتخفيف”الكارثة الإنسانية” التي وقعت خلال اجتياحها البري لغزة.
ويقول محللون إن مثل هذه اللهجة أثارت احتمالا بأن أقل ماستتبناه هاريس هو لهجة أقوى من بايدن تجاه إسرائيل إذا تولت الرئاسة.
وبينما يتمتع رئيسها (81 عاما) بتاريخ طويل مع سلسلة من القادة الإسرائيليين لدرجة أنه وصف نفسه بأنه “صهيوني”، تفتقر هاريس (59عاما) إلى هذا الارتباط الشخصي الشديد بإسرائيل.
لكن المحللين لا يتوقعون تحولا كبيرا في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.