تستضيف نيودلهي قمة دول مجموعة العشرين “G20” يومي الـ9 والـ10 من سبتمبر 2023، وسط جدل واسع حول قدرتها على خلق توافق بين المشاركين في ظل غياب رئيس الصين شي جين بينج وكذلك نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وتضم قائمة حضور القمة أبرز شخصيات تستضيفها الهند في تاريخها، بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إلى جانب زعماء اليابان وأستراليا وفرنسا وألمانيا.
ويشارك رئيس الوزراء الصينى، لى تشيانج، في القمة، بينما سيمثل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بلاده بدلا من الرئيس فلاديمير بوتين، كما ستشهد القمة حضور الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي ورؤساء البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية.
ورغم أن القمة تقام تحت عنوان “أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد”، غير أن غياب شي جين وبوتين أفقد الشعار معناه، على الرغم من محاولات قادة غربيين التقليل من أهمية الغياب والتأكيد على المضي قدما في إنجاح القمة.
ورأى المستشار الألماني أولاف شولتس، أن القمة “لا تزال مهمة” رغم غياب روسيا والصين، موضحا أن مجموعة العشرين لا يزال عليها تقديم مساهمة مهمة و”التزام كبير” يتعين الوفاء به، خاصة في ظل زيادة أهمية مجموعة بريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
غير أن بايدن كان أكثر صراحة أو تشاؤما إزاء غياب الرئيس الصيني، وعبر بوضوح عن “خيبة أمله” إزاء غياب شي جين بينج عن قمة مجموعة العشرين.
وقال بايدن: “أشعر بخيبة أمل لكني سأتمكن من رؤيته”.
وجاء تعليق بايدن على خلفية إعادة واشنطن وبكين، خلال الأشهر الأخيرة، إطلاق الحوار بينهما عبر سلسلة زيارات لبكين أجراها مسؤولون أمريكيون كبار، بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
ويهدد غياب الزعيمين وضع مجموعة العشرين كمنتدى للقيادة العالمية، في ظل اتساع الفجوة والتباينات بين الدول الأعضاء، ومع سعي مجموعة من الأعضاء للانخراط في تكتلات موازية مثل بريكس مؤخرا.
كما يمثل الغياب ضربة لرئاسة الهند الحالية للتجمع متعدد الأطراف ووضع قمة نيودلهي نفسها، وليس من قبيل المبالغة أن يشكل هزة قوية لمكانة مجموعة العشرين باعتبارها منتدى القيادة العالمية البارز، وسط انقسامات عميقة بين أعضائها.
ويتخذ الزعيمان موقفا مؤثرا من قمة مجموعة العشرين، بهدف التأكيد على أن القمة تمثل اتجاه الغرب ولا تمثل العالم ككل أو القوى الكبرى في العالم.
ويفاقم تعقيد الموقف أنها المرة الأولى التي يغيب فيها شي أو أي رئيس صيني عن قمة مجموعة العشرين، وهو ما يمثل ضربة لجهود التكتل الذي تشكل أساسا لإيجاد توافق في الآراء بين أقوى دول العالم، على الرغم من التناقضات الاجتماعية أو الاقتصادية.
وفي المقابل، تقود الولايات المتحدة الأمريكية الاتجاه الغربي لممارسة ضغوط عنيفة على موسكو وبكين، سواء على خلفية الحرب في أوكرانيا، وكذلك الصراع الأمريكي الصيني من جانب آخر، وهو الصراع الذي بدأ منذ سنوات من خلال الحرب التجارية وأزمة تايوان.
واستبق وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف انعقاد القمة بكيل الاتهامات للدول الغربية، بل وذهب حد التحدي بقوله إن بلاده “لن توافق على تبني إعلان قمة مجموعة العشرين إذا لم يعكس موقف روسيا بشأن الأزمات العالمية”، بما في ذلك أوكرانيا.
وشدد على أنه إذا أرادت القوى الغربية إعادة كتابة تفويض مجموعة العشرين لتحويلها إلى منتدى على غرار الأمم المتحدة يركز على الأمن الدولي، فسوف تذكرها روسيا بالصراعات الأخرى في العالم اليوم “التي تمتد جذورها إلى الحروب التي أطلقها الغرب. وإذا أرادوا ذلك، فيجب عليهم أن يبذلوا قصارى جهدهم”.
أبرز التحديات أمام القمة
وفي ظل الخلافات العميقة والتباينات الواضحة بين البلدان العضوة في المجموعة، يصعب توقع نجاحها في الخروج بقرارات هامة أو ذات جدوى فيما يتعلق بالملفات المطروحة، حيث تواجه القمة عدة تحديات عالمية لعل أبرزها:
– أزمة الغذاء التي تلوح في الأفق
– ندرة الطاقة
– تغير المناخ الواضح
– تداعيات الصراع في أوكرانيا
وكانت مجموعة العشرين قد تمكنت من الاتفاق على بيان مشترك، غير متوقع في قمة 2022 في بالي، ولكن المناقشات التي جرت هذا العام تحت رئاسة الهند اتسمت بصدع يبدو أنه لا يمكن جسره بين الدول الغربية من جهة، وروسيا والصين، من جهة أخرى، خاصة بملف الحرب في أوكرانيا.
وتشمل قائمة أبرز حضور القمة، أنتوني ألبانيز، رئيس وزراء أستراليا وسيريل رامافوسا، رئيس جنوب أفريقيا وإيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، وفوميو كيشيدا، رئيس وزراء اليابان، وجورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا.
فضلا عن جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وعلاوة على ذلك، ستشهد أيضًا مشاركة رئيسي هيئتين أوروبيتين، وهما تشارلز ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية.
وتتكون مجموعة العشرين من 20 دولة تساهم بشكل مشترك بحوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و75% من التجارة الدولية، وتؤكد هذه الأرقام تأثيرها الكبير، حيث أن القرارات المتخذة، أو التي لم يتم اتخاذها، داخل المجموعة لها وزن كبير.
وتأسست مجموعة العشرين في الأصل عام 1999 لمعالجة الأزمة المالية العالمية، وركزت في البداية على وزراء المالية ومحافظي البنوك الكبرى، وبمرور الوقت اتسع نطاقها، وهو أمر بالغ الأهمية بشكل خاص الآن خلال فترة تتسم بالعديد من التحديات.