في نوفمبر 2021، أدانت هيئة المحلفين الأمريكية، يانجون شو، وهو ضابط استخبارات صينية كبير بالتجسس. وقد ألقى القبض على شو في بلجيكا في 2018، ويعتبر أول ضابط استخبارات صيني يتم ترحيله إلى الولايات المتحدة. وتظهر قضيته كيف سعت الصين للحصول على أسرار صناعية كي تساعد على تعزيز قواتها المسلحة.
لقد ألقى القرار التاريخي للمحكمة الضوء على كيفية استخدام الصين للتجسس للحصول على ميزة عسكرية واقتصادية على الولايات المتحدة وبقية العالم.
نجح مسؤولو مكافحة التجسس الأمريكيون في استدراج يانجون شو، وهو ضابط استخبارات صيني كبير، للخروج من الصين في عام 2018 ثم تسليمه إلى الولايات المتحدة لمحاكمته لمحاولته سرقة تكنولوجيا محركات الطائرات المتقدمة، والتي كافح الجيش الصيني لتطويرها.
هذه القضية ليست سوى الأحدث في سلسلة عمليات التجسس التي نفذتها بيجين بهدف سرقة الأسرار الصناعية والعسكرية من الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها وحتى من روسيا – السرقة التي سمحت للجيش الصيني ببناء ترساناته من الأسلحة المتطورة بسرعة.
حالة شائعة، نتيجة غير شائعة
في 5 نوفمبر 2021، أدانت هيئة محلفين فيدرالية شو – نائب مدير القسم في المكتب السادس بوزارة أمن الدولة بمقاطعة جيانغسو، وكالة الاستخبارات الرئيسية للحزب الشيوعي الصيني – بتهمة “التآمر ومحاولة ارتكاب التجسس الاقتصادي وسرقة الأسرار التجارية.”
كان ضابط المخابرات الصيني ينسق عملية للوصول إلى مروحة محرك طائرة جنرال إلكتريك للطيران، وهي قطعة تقنية لم تتمكن أية شركة أخرى من إعادة إنتاجها.
في عام 2017، تواصل أستاذ جامعي صيني، بديفيد زينج، وهو موظف بشركة جنرال إلكتريك للطيران، لتقديم عرض تقديمي باسم جامعة نانجينغ للملاحة الجوية والفضائية. تم إجراء هذا التقديم من خلال موقع لينكد-إن، والذي أصبح وسيلة للاستخبارات الصينية لتحديد الأهداف الأجنبية، بما في ذلك الأمريكيون.
على الرغم من أن “جنرال إلكتريك” للطيران لديها قواعد صارمة بشأن مثل هذه العروض التقديمية، لكن زينج تجاهلها وذهب إلى الصين دون إخبار مديره.
خلال العرض، واجه زينج صعوبات تقنية مع جهاز الكمبيوتر المحمول، والذي احتوى على خمس وثائق تدريب خاصة بالشركة. عرض المضيفون المساعدة، فاستغل طالب صيني الفرصة وأدخل محرك أقراص مصغر في الجهاز في محاولة واضحة لإدخال برامج ضارة أو لنسخ محتويات جهازه – و “أصلح” المشكلة. وقد حصل زينج على راتب قدره 3500 دولار للرحلة.
بعد أن توصل مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن زينج لم يسلم أي معلومات سرية عن طيب خاطر، بدأ موظف جنرال إلكتريك للطيران التعاون مع الوكالة لإغراء شو بالخروج من الصين. ونجح بالفعل في ذلك عام 2018. تم القبض على شو في بلجيكا وأصبح أول ضابط استخبارات صيني يتم تسليمه إلى الولايات المتحدة.
وفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل، استخدم شو منذ عام 2013 أسماء مستعارة متعددة لاستهداف شركات الطيران الأمريكية والخبراء في هذا المجال. كان يدعوهم إلى الصين بحجج أكاديمية ثم يستدرجهم ببطء للتجسس.
إن حدث اعتقاله وإدانته فريدان ويسلطان الضوء على صراع غامض تحاول فيه بيجين انتزاع التفوق العالمي من الولايات المتحدة باستخدام أي وسيلة ممكنة. الأسرار العسكرية ليست الهدف الوحيد. تقدر وكالة مكافحة التجسس الأمريكية الكبرى أن بيجين تسرق ما بين 200 و600 مليار دولار من الأسرار الاقتصادية من الولايات المتحدة كل عام.
قال آلان كوهلر، مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي لمكافحة التجسس، إن تصرفات شو كانت شكلاً من أشكال “التجسس الاقتصادي الذي ترعاه الدولة” من قبل الحزب الشيوعي الصيني لسرقة الأسرار التكنولوجية والتجارية الأمريكية.
وقال كوهلر: “بالنسبة لأولئك الذين يشككون في الأهداف الحقيقية لجمهورية الصين الشعبية، ينبغي أن تكون هذه دعوة للاستيقاظ. إنهم يسرقون التكنولوجيا الأمريكية لصالح اقتصادهم وجيشهم.”
كيف تكتسب الأفضلية بوسائل أخرى
تسعى الصين للحصول على أحدث التقنيات المتاحة، إذ تستخدم وكالة الاستخبارات الرئيسية للحزب الشيوعي الصيني ثلاث طرق تكميلية لسرقة أو الحصول على الأسرار العسكرية والصناعية.
أولاً، مع عمليات الاستخبارات البشرية التقليدية التي تسعى إلى تجنيد مواطنين أجانب للتجسس على بلدانهم.
ثانيًا، باستخدام جامعيين غير تقليديين، مثل الطلاب أو الأكاديميين، الذين ليسوا ضباط استخبارات ولكن لديهم إمكانية الوصول إلى مواد حساسة أو سرية من خلال عملهم.
أخيرًا، تستخدم وكالة الاستخبارات الرئيسية للحزب الشيوعي الصيني الهجمات الإلكترونية لسرقة المواد الصناعية والشخصية والاقتصادية والعسكرية الأكثر حساسية وتصنيفًا في الدول الأجنبية.
بموجب قانون الأمن القومي الصيني، يتعين على كل مواطن وشركة صينية التعاون مع الحزب الشيوعي الصيني في مسائل الأمن القومي. في الممارسة العملية، يعني هذا أن الشركات الصينية التي تتعامل مع شركات أجنبية مطالبة بمشاركة أية تقنية أو معلومات تحصل عليها مع الجيش الصيني أو أجهزة المخابرات.
وبالمثل، يُتوقع من الباحثين وطلاب الدراسات العليا العاملين في مشروعات العلوم أو التكنولوجيا أو الهندسة أو الرياضيات مشاركة أبحاثهم مع بكين.
دائمًا ما تكون الشركات الأمريكية على رأس القائمة المستهدفة، لكن الدول “الصديقة” ليست آمنة من ذلك أيضًا.
في وقت سابق من هذا العام، تم الإبلاغ عن أن مكتب روبن المركزي للتصميم للهندسة البحرية، وهو أحد المكاتب الرئيسية لتصميم الغواصات في روسيا، قد تعرض لهجوم إلكتروني من المحتمل أن يكون من الصين. وفي عام 2012، سُجن أكاديميان روسيان لنقل معلومات عن صواريخ نووية إلى المخابرات الصينية.