تنتهي زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل وفلسطين غداً الجمعة، بزيارة ختامية إلى الضفة الغربية.
بعد انتهاء زيارته إلى تل أبيب، سيزور بايدن غداً الجمعة مستشفى أوغستا فيكتوريا في القدس الشرقية عند الساعة العاشرة والنصف صباحاً، ثم سيتوجه إلى القصر الرئاسي ببيت لحم للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، لينتهي اللقاء الساعة الواحدة والنصف ظهراً، من المحتمل أن يعرج بايدن على كنيسة المهد، ومنها إلى مهبط طائرات ببيت لحم متوجهاً بالطائرة الهليكوبتر إلى مطار اللد الإسرائيلي ليغادر إلى مدينة جدة السعودية.
وليس من المتوقع أن تحمل زيارة الضفة الكثير من المخرجات سوى دعماً مالياً وتأكيداً على مسار حل الدولتين. فيما شهدت زيارته إلى إسرائيل التركيز على عدة ملفات يأتي على رأسها الموقف من إيران، وعلاقات إسرائيل بالدول العربية، وأخر ما توصلت إليه التقنيات العسكرية الإسرائيلية، والشراكات الاقتصادية بين إسرائيل ودول المنطقة.
ويمكن إيجاز مخرجات الزيارة كالتالي:
أولاً: إيران
- قال الرئيس بايدن في لقاء مع القناة 12 الإسرائيلية “أن إسرائيل أصبحت أكثر عرضة للخطر عام 2018 منذ انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي الذي توصل إليه الرئيس أوباما”، وأكد بايدن أن إسرائيل “ستكون أكثر أمناً باتفاق جديد”. وقال في معرض حديثه عن وجهة نظره بشأن أهمية العودة للاتفاق ” إن الشيء الأسوأ من إيران بشكلها الحالي هو وجود إيران نووية، وإذا تمكنا من العودة للاتفاق فيمكننا تقييد قدرة إيران في الحصول على أسلحة نووية، لقد كان خروج الرئيس ترامب من الصفقة خطأ فادح، فالإيرانيين أقرب إلى سلاح نووي الان مما كانوا عليه من قبل” .
- تقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد بالشكر للرئيس بايدن على قراره بعدم رفع الحرس الثورة الإيراني عن قائمة المنظمات الإرهابية. وتطرق أثناء حديثه إلى مقترح تشكيل تحالف من دول المنطقة المعتدلة لمواجهة إيران.
- يرى المراقبون أن أي تقدم في البرنامج النووي الإيراني سوف يعزز رغبة دول أخرى في المنطقة وعلى رأسها السعودية بامتلاك أسلحة نووية.
- تضمن الإعلان الذي بات يعرف بــ”إعلان القدس” العديد من البنود التي تؤطر للعمل الإسرائيلي الأمريكي المشترك، ومن أهم هذه البنود تأكيد التزام الولايات المتحدة بأمنها ورفاهيتها، والاعتراف بالبنية الإقليمية للتعاون بين إسرائيل والدول العربية. أما فيما يخص إيران فقد أشار “إعلان القدس” إلى أن البلدين يتعهدا باستخدام جميع عناصر وأشكال القوة الوطنية لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي. وفي هذا الشأن كانت قناة “كان 12” الإسرائيلية قد طرحت على الرئيس بايدن سؤالاً عمّا إذا كان مستعدّاً لاستخدام القوة من أجل ضمان عدم حصول إيران على السلاح النووي، وجاء رد بايدن: “نعم، إذا كان هذا هو الملاذ الأخير”.
- س: ماذا يعني التعهد الأمريكي الإسرائيلي المشترك بشأن استخدام جميع عناصر القوة الوطنية لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي؟
ج: يعني أنه إذا تأكدت كلاً من الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية أن إيران على بُعد فترة من أسابيع إلى 3 أشهر من إنتاج قنبلة نووية فإن الولايات المتحدة ستفكر جدياً في شن هجوم لمنع الانتشار النووي الإيراني أو إنتاج القنبلة. ويجب الإشارة إلى الفرق بين الاستجابة الإسرائيلية والأمريكية فيما يخص مستوى التأكد من وصول إيران لإنتاج للقنبلة، فلطالما ردت إسرائيل عسكرياً على احتمالات الجاهزية النووية الإيرانية لغرض الردع حتى لو كانت الجاهزية الإيرانية جزئية إلا أن الولايات المتحدة لا يمكنها الرد إلا في ظل وجود يقين كامل بوصول إيران إلى معدل إنتاج كامل وحقيقي للقنبلة النووية، ذلك لأن معدل المخاطر بالنسبة لإسرائيل يكون كبير جداً مهما كانت المؤشرات متواضعة وبالتالي تكون أكثر تحفزاً للرد، عكس الولايات المتحدة التي لن تعتد بالمؤشرات الاستخباراتية المتواضعة في الحالة الإيرانية بالذات.
ما يعني أنه إذا توافرت للاستخبارات الإسرائيلية معلومات بمعدل تأكيد غير مقنع تماما للولايات المتحدة بشأن وصول إيران لإنتاج قنبلة نووية فإن الولايات المتحدة لن تعتد بهذا المستوى من المعلومات غير المقنعة وغير المؤكدة، وبالتالي قد تقوم إسرائيل بالرد عسكرياً بمفردها مع الإبقاء على الولايات المتحدة خارج دائرة القرار رسمياً.
ثانياً: الإمكانيات العسكرية الإسرائيلية
- في سابقة بروتوكولية شهد مطار بن جوريون ساحة عرض معدات عسكرية شملت نظام “الشعاع الحديدي Iron Beam ” . هذا النظام ليس بديلاً لنظام القبة الحديدية Iron dome بقدر ما يشكل النظامين الدفاعيين حالة من التكامل مع بعضهما البعض بما يعزز من كفاءة اعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى. كما شمل العرض توضيح لنظام الصواريخ الباليستية المعروف باسم ARROW3 الذي طورته إسرائيل بالتعاون مع وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية. حيث بلغت تكلفة الشراكة الأمريكية الإسرائيلية في تطوير وتحديث أنظمة الدفاع الصاروخي وعلى رأسها القبة الحديدية نحو مليار دولار.
- قال مسؤولون بوزارة الدفاع الإسرائيلية أن أداء سلاح الليزر قد فاق التوقعات، حيث تم اختباره بالذخيرة الحية في صحراء جنوب إسرائيل، حيث تكن من تدمير صاروخ باليستي وقذيفة مورتر وطائرة مسيرة، وهي ذات الأسلحة التي من المحتمل استخدامها في شن هجوم من إيران أو الميليشيات التابعة لها أو المقاومة الفلسطينية. وقد سلم وزير الدفاع الإسرائيلي للرئيس بايدن جزء من الطائرة المسيرة التي استطاع نظام الليزر الجديد إسقاطها.
- ترى إسرائيل أنها ستحرز فائدة سياسية كبيرة من وراء نظام شعاع الليزر الحديدي وتعتبره أحد أهم أصولها بما سيمكنها من كسب الدعم وتوسيع تحالفاتها في المنطقة مع الدول التي تشاركها القلق من التهديدات الإيرانية والتي قد تسعى للحصول على هذا النظام الدفاعي الجديد.
ثالثاً: الشراكات الاقتصادية
- قامت إسرائيل بإعداد مبادرة (ممرات التكامل الاقتصادي) التي تستهدف تعزيز الشراكة الإقليمية التجارية من خلال إنشاء شبكة نقل إقليمية تشمل سكك حديدية وطرق سريعة تربط إسرائيل والأردن والسعودية والخليج، ومنها إلى آسيا وأوروبا.
- ستتيح المبادرة الإسرائيلية ضمان وجود خط مباشر بين الخليج والبحر المتوسط بما يسمح بتقليص المدة اللازمة للشحن وبما يضمن تسهيل وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي والعالمي.
- تستهدف المبادرة الاستثمار في البنى التحتية الموجودة بالفعل سواء في إسرائيل وتحديداً خط سكة حديد من ميناء حيفا إلى بيسان الذي يقع على بعد 10 كيلومترات من الحدود مع الأردن، أو في السعودية عبر الاستثمار في خط قطار شمال- جنوب الذي يربط شرق ووسط المملكة بالشمال وصولا الى الحدود الأردنية، ولاحقاً الاستثمار في خط سكك حديد الخليج المتوقع له ربط كافة دول مجلس التعاون سوياً.
- تحدث بايدن في لقاءه مع فضائية “كان12” الإسرائيلية عن جهود دمج إسرائيل في المنطقة وتطوير العلاقات مع الهند والإمارات، وتطرق إلى قضية تطبيع العلاقات مع السعودية الذي قد يأخذ وقتاً، ورغم ذلك فإنه يرى أن تعميق العلاقة والقبول المتبادل قد يحدث. وفي هذا الشأن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في اللقاء الصحفي الذي جمعه مع بايدن توجيه رسالة إلى السعودية مفادها أن يد إسرائيل ممدودة للسلام، قائلاً (سيدي الرئيس أطلب منك نقل رسالة بأن يدنا ممدودة للسلام ونحن مستعدون لمشاركة خبراتنا العلمية.. إذا العالم فهم أننا سندافع عن أنفسنا وقيمنا فالسلام سيحل).
رابعاً: اجتماع مجموعة i2-u2
- يركز الاجتماع الافتراضي بين دول مجموعة i2u2 التي تضم ( الإمارات-الهند- أمريكا-إسرائيل) على حلول الأمن الغذائي والطاقة النظيفة والفرص الاقتصادية التي ستتضاعف بالتوازي مع التوسع في اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.
- يهدف الاجتماع إلى الاستثمار في القدرات الخاصة بكل دولة من دول المجموعة، وفي هذا الشأن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي (أن هذه المجموعة ليست للعمل الخيري ، فنجن نريد تغيير العالم للأفضل لكننا في نفس الوقت نود خلق فرص لكل بلد من بلدان المجموعة سواء لقطاع الأعمال أو القطاع العلمي ، ولا يمكن لكل دولة على حده مواجهة الضرر الذي ألحقه بنا التغير المناخ والمخاطر التي طالت الأمن الغذائي).
- ستقوم دولة الإمارات باستثمار 2 مليار دولار في القطاع الزراعي بالهند عبر استخدام التكنولوجيات الذكية والاستفادة من المياه العذبة، وستقدم إسرائيل والولايات المتحدة كافة اشكال الخبرة والدعم التكنولوجي والخبرة في هذا الشأن لتحقيق الأمن الغذائي في جنوب اسيا والشرق الأوسط
- ستتعاون الدول الأربع في مشاريع الطاقة النظيفة في قطاع طاقة الرياح والطاقة الشمسية وتحزينها بنظام البطاريات في ولاية غوغجارات الهندية بإجمالي 300 ميجاوات.
خامساً: الانتخابات الإسرائيلية
- ستجري الانتخابات الإسرائيلية مطلع نوفمبر القادم، في أوضاع مرتبكة، لتصبح الخامسة خلال أقل من 4 سنوات.
- يشغل “يائير لابيد” الوزارة المؤقتة حالياً وهو الأقرب لتطلعات بايدن، ورغم ذلك كان نتنياهو ضمن الحاضرين في استقبال بايدن .
- يحاول بايدن تمرير رسالة أنه على مسافة واحدة من الجميع، رغم إشارات أمريكية سابقة بأن الإدارة الأمريكية لا تفضل حكومة يتزعمها الليكود وأن بايدن يفضل حكومات الوسط واليسار التي تعتير مريحة التعامل.
- قالت صحيفة جيروساليم بوست في هذا الصدد (أن البيت الأبيض ينظر إلى أي حكومة يقودها نتنياهو على أنها مصدر محتمل للصداع). وقال القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك” ألون بينكاس” (أن تجربة إدارة بيادن مع نتنياهو كانت “سلبية” وأن أي ائتلاف محتمل سيشكله نتنياهو سيمثل “مشكلة” للولايات المتحدة وسيجلب حالة من عدم الاستقرار وسيجبر واشنطن على الانخراط بشكل أعمق في الشؤون والمشاكل الإسرائيلية).
- بالإشارة إلى ما سبق، سوف توفر زيارة بايدن دعماً غير مباشر لحكومة لابيد في لحظة تاريخية مهمة بالمنطقة، رغم كل محاولات بايدن بإخفاء موقفه المؤيد لحكومة اليسار والوسط والرافض لحكومة الليكود عموماً ولنتنياهو خصوصاً.
سادساً: فلسطين
- تقدمت عائلة الصحفية الفلسطينية الحاملة للجنسية الأمريكية شيرين أبو عاقلة بطلب للقاء الرئيس بايدن أثناء زيارته الضفة الغربية، إلا أن الطلب لم تتم الموافقة عليه وبدلاً من ذلك دعت وزارة الخارجية عائلة أبو عقيلة إلى زيارة واشنطن.
- من المتوقع أن تسفر الزيارة عن قيام إسرائيل بمنح 1500 تصريح عمل للفلسطينيين بما يمكنهم من دخول إسرائيل والعمل فيها، بالإضافة إلى منح الفلسطينيين عدة تراخيص بناء في 6 قرى فلسطينية بالضفة الغربية.
- من المتوقع أن يعمل بايدن على إعادة فتح البعثة الأمريكية للفلسطينيين في القدس لموازنة الإبقاء على السفارة الأمريكية في القدس بعد أن قام ترامب بنقلها مسبقاً من تل أبيب، وذلك لضمان التأكيد الأمريكي على مسار حل الدولتين.
- سيقدم بايدن حزمة من المساعدات للفلسطينين تقدر بحوالي 100 مليون دولار.
- لا تزال هناك خلافات جارية بشأن صيغة البيان المزمع الإعلان عنه بعد لقاء بايدن والرئيس الفلسطيني أبو مازن. حيث قالت مصادر فلسطينية أن الجانب الأمريكي طلب من الجانب الفلسطيني الموافقة على بيان مشترك يعلن فيه عباس مباركته لاتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، حيث أشارت المسودة إلى أن (التطبيع العربي الإسرائيلي سيسهم في حل القضية الفلسطينية ويسهل بدء مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليون). إلا أن أبو مازن يرفض إصدار البيان بهذه الصياغة. كما رفض كذلك عبارة تتعلق بعدم مسؤولية إسرائيل عن العدوان في حي الشيخ جراح والتطهير العرقي في القدس، مُعتبراً أن ذلك لا يعكس حقيقة هذا العدوان المستمر في القدس الشرقية)
سابعاً: أوكرانيا
- بالتزامن مع زيارة بايدن قامت إسرائيل بإرسال حزمة من المساعدات الخفيفة الموجهة إلى “خدمة الطوارئ” في أوكرانيا، ومعظمها تتكون من خوذ للحماية ودروع واقية من الرصاص.
- تراعي إسرائيل إحداث حالة من التوازن في موقفها تجاه أوكرانيا، نظراً لقلقها من الوجود الروسي في سوريا على حدودها الشمالية واحتمالات اتخاذ روسيا أي رد فعل سلبي تجاه تل أبيب كتسهيل أي هجمات ضد إسرائيل تأتي من الأراضي السورية، وحاجة تل أبيب لتنسيق الهجمات الجوية ضد أهداف إيرانية في سوريا، وفي الوقت ذاته تود إسرائيل التأكيد على دعمها للجهد الأمريكي في قيادة الجهود العالمية لدعم أوكرانيا، لكنها ستحافظ على هذا الدعم في مستوى لا يزعج موسكو ولن تمنعه تماماً بما يجعل واشنطن تصل حد الاستياء، وستحاول الدبلوماسية الإسرائيلية في واشنطن إقناع الإدارة الأمريكية بشكل مستمر بحساسية الموقف الإسرائيلي كون تل أبيب فيما يخص توجيه الدعم إلى أوكرانيا تخاطر بجلب تهديدات أمنية على حدودها الشمالية.