شهدت إيران على مدار الأسابيع الماضية، سلسلة من الحوادث والاغتيالات شملت منشآت صاروخية وعناصر متخصصة في مجالي الطائرات المسيَّرة والجوفضائية، فضلًا عن مهندسين لتدخلها الإقليمي والعمل بالوكالة في سوريا. هذه الحوادث نُسبت جُلها إلى إسرائيل في ظل الأوضاع المتوترة بين الجانبين في ظل ما تقُوده تل أبيب من حملات تهدف في المقام الأوَّل ردع العودة إلى الاتفاق النووي، وإجبار طهران على التراجع إلى حدودها والتخلي عن برنامجها الصاروخي والمسيرات. لتخرج بذلك الحرب الدائرة بين الجانبين من مساحة الظل إلى العلن بعد ما تحدثت الصحافة الأمريكية عن ضلوع وإبلاغ إسرائيل للولايات المتحدة بدورها في عمليات التي تقوم بها داخل إيران.
عمليات غامضة
شهدت إيران خلال شهر مايو مجموعة من عمليات القتل والتخريب المنسوبة إلى إسرائيل، اغتيل على إثرها مسؤولين عن التدخل الإقليمي لإيران (العقيد حسن صياد خدائي الضابط في فيلق القدس) حيث أطلق اثنين يركبان دراجتين ناريتين النيران عليه وفرَّا هاربين، وعملية تخريب استهدفت وحدة بحثية تابعة لوزارة الدفاع في “بارتشين” حيث لقي المهندس إحسان قدبيغي، مصرعه على إثرها، ووصفها قائد جامعة الإمام الحسين محمد رضا آهنغر، بعملية تخريب صناعية. كما توفي أيوب انتظاري العالم في مجال الجوفضاء في إيران. كذلك توفي كلًا من محمد عبدوس وعلي كماني الضابطين في وحدة الجوفضاء في سمنان، حيث محطة الخميني الفضائية في حادثتين مشبوهتين، وهما يعملان في صناعة الطائرات المسيَّرة.
وإثر ذلك، تحوَّلت استراتيجية إسرائيل تجاه إيران بدلًا من الاقتصار على الملف النووي، إلى تبني تعريفًا أوسع للتحدي الذي تواجهه والتدابير التي ستتخذها لمواجهته، في إطار استراتيجية رئيس الوزراء نفتالي بينت السابق «مبدأ الأخطبوط» بعد فترة من استراتيجية الحملة بين الحروب في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
تغيَّر قواعد الاشتباك
تركَّزت استراتيجية إيران خلال السنوات الماضية على محاصرة إسرائيل والبقاء بعيدة لا تتدخل إلا لوجستيًّا في دعم حليفها، حزب الله، تمامًا كما حدث في حرب يوليو 2006م. لهذا كانت لا ترد على الغارات الإسرائيلية التي كانت تستهدف قواتها في بعض الأحيان أو كانت تستهدف الصواريخ المهرَّبة إلى حزب الله، كما كان الامتناع الإيراني عن الرد على إسرائيل داخل الأراضي المحتلة حصيلة أوضاع معقدة مرتبطة بالداخل والخارج الإيراني.
وبدأ تغيَّر قواعد الاشتباك في مساحات حرب الظل بعدما تعرَّضت السفينة «ميرسر ستريت» المملوكة إسرائيليًا في أغسطس 2021م، لهجوم بواسطة طائرة انتحارية مسيرة قبالة سواحل عُمَان. وفي الوقت الذي نفت فيه طهران مسؤوليتها عن هذا الهجوم، اتهمت إسرائيل، والاتحاد الأوروبي، ومجموعة السبعة، والناتو، والولايات المتحدة، إيران بالوقوف وراء هذا الهجوم.
من الواضح أن إيران لم تنجح حتى الآن في بناء منظومة ردع في مجال حروب الظل مع إسرائيل، وأصيبت صورتها كدولة جسور وقادرة في مواطن كثيرة. ولذلك، ما لم يكن هناك ردٌّ إيراني فإن إسرائيل ستواصل عملياتها ضد إيران. لهذا أدركت إيران بقيادتها الأصولية اليوم، أن عدم الرد بقوة وحزم سوف يجعل إسرائيل حرة في توجيه أية ضربات أمنية في الداخل والخارج الإيرانيين.
لكن ومع عمليات التخريب والاغتيالات الأخيرة في إيران، يبدو أن تغييرًا جريئًا قد حدث لقواعد الاشتباك، إذ ستنقل الاشتباكات إلى داخل إيران، إذ كانت العملية ضد قاعدة المسيَّرات في كرمانشاه، وقتل خدائي في العاصمة أوَّل تجلي لهذا النهج الجديد.
«الأخطبوط» والطعن بألف طعنة
في أغسطس 2021، كشف موقع «أكسيوس» عن تقديم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، خطَّة للرئيس الأميركي جو بايدن، بعنوان «القتل بألف طعنة» خلال زيارته إلى الولايات المتحدة.
وتتضمن استراتيجية بينت بحسب مسؤولين إسرائيليين مواجهة إيران من خلال مجموعة من الإجراءات الصغيرة عبر عدة جبهات – عسكرية ودبلوماسية – بدلاً من توجيه ضربة واحدة دراماتيكية. بينت أكَّد خلال شرحه لعقيدة الأخطبوط، أن بلاده لم تعد تلعب مع المخالب، مع وكلاء إيران، وأنشئت معادلة جديدة من خلال استهداف المنبع.
وتهدف استراتيجية بينيت الذي تبنَّاها منذ أن كان عضوًا في حكومة نتنياهو الأخيرة، إلى نقل المعركة ضد طهران إلى داخل الأراضي الإيرانية، فضلًا عن توسيع غاراتها على المواقع والتمركزات الإيرانية في سوريا، إذ أشارت صحيفة «وال ستريت جورنال» إلى أن إسرائيل شنَّت أكثر من 400 غارة ضد إيران وحلفائها في سوريا منذ عام 2017.
السياق الإيراني
حاولت طهران وعبر مسؤوليها العسكريين خاصةً التأكيد على رد بلادهم على الهجمات الإسرائيلية داخل وخارج إيران، وأن إيران لا تجلس مكتوفة الأيدي وترد الصاع صاعين. وفي هذا الإطار أكَّد القائد السابق للحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري، أن إيران كانت ولا تزال توجَّه ضربات لإسرائيل، وتحافظ طهران على السرية والتحرك الخفي في هذه الإجراءات في ظل ما تتعرض له من ظلم. كما لفتَ أيضًا إلى أن أعداء إيران ينسبون أحداثًا تقع في إيران لأنفسهم في إطار الحرب النفسية والإعلامية، رغم أنها ليست من عملهم.
تقرأ إيران تصاعد التحركات الإسرائيلية في سياق أوسع يشمل محاولات إجبارها على القبول باتفاق لإحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015، لا يلبي احتياجاتها، ولا يضمن لها أي شيء من مكاسب الاتفاق. طهران ترى أن العمليات الإسرائيلية جعلت تل أبيب تعمل بانفعال للإخلال بمسار المفاوضات، وتسعى لخلق إجماع ضد إيران، ورفع ملفها إلى مجلس الأمن الدولي ثانيةً. وتقرأ أن تل أبيب هي التي ستضرر أكثر من الجميع من التنفيذ الكامل للاتفاق النووي. ولهذا تبذل جهودًا لإفشاله.
كذلك تضع إيران الأعمال التخريبية والإرهابية المنسوبة إلى إسرائيل في إطار أوسع، ترى فيه إسرائيل أداة للدبلوماسية القسرية لأمريكا ضد إيران.
كما ترى أن هدف إسرائيل من وراء عمليات الاغتيال والتخريب في إيران، هو إثارة أجواء انعدام الأمن واستعراض ضعف المنظومات والأنظمة الدفاعية في إيران. بما يعني تغيَّر استراتيجية تل أبيب من احتواء إيران النووية من خلال الإجراءات غير التقليدية، إلى الحد من قدرات إيران والإيحاء بالضعف الأمني وإظهار إيران ضعيفة على الساحة الدولية. لكن هذا لا ينفي القصور في العمل الأمني والاستخباراتي داخل إيران الأمر الذي تسبب في استغلال ثغراته للقيام بعمليات تخريب واغتيالات، وهو ما تجلى في عزل رجل الدين حسين طائب من منصبه رئيسًا لجهاز استخبارات الحرس الثوري، وهو الجهاز الأشرس للاستخبارات في إيران من بين ما يقرب من 17 جهاز استخبارات في إيران، وتعيين العميد محمد كاظمي خلفًا له، ثم بدء عملية يطلق عليها البعض تطهير الأجهزة الأمنية والاستخباراتية من عناصر طائب والنفوذ.
الضعف الاستخباراتي
بحثت فصليّة جامعة الدفاع الوطني في إيران خلال دراسة بعنوان «مَواطِنُ ضعف المجتمع الاستخباراتي في إيران من حيث الهيكل والوظيفة»، فكّكت فيها نقاط ضعف الاستخبارات في إيران.
الدراسة قسَّمت نقاط ضعف الاستخبارات إلى (أ) أضرار بنيوية (والتي تشمل القوانين (انعدام الشفافية أو عدم التحديث، والتعيينات، والتنظيمات ومؤسسة مجتمع الاستخبارات)، (ب) أضرار وظيفية (والتي تشمل الأضرار الوظيفية للاستخبارات في مجالات جمع المعلومات وتحليلها والاستخبارات المضادة).
ومن ضمن ما أشارت إليه الدراسة من نقاط ضعف بنيوية اختيار تعيين وزير الاستخبارات من علماء الدين المجتهدين، الأمر الذي يؤدي إلى إيجاد مآزق في مهام الوزارة؛ ولهذا جاء تعيين كاظمي كتحييد لنقطة الضعف هذه، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار التدرج الوظيفي لكاظمي في مجال الاستخبارات والأمن، فضلًا عن كونه عسكريًا على عكس العرف السائد.
كما ذكرت الدراسة التي وافق على نتائجها 17 عسكري ورئيس استخبارات سابق، عدم تحمَّل أي جهاز استخبارات مسؤولية الفشل الاستخباراتي، مما يؤدي إلى عجز كبار مسؤولي النظام عن تشخيص المسؤول عن الفشل. كذلك يبرز فقدان الإدراك المشترك بين المجتمع الاستخباراتي، والتعارض في توزيع المهام، علاوة على المنافسات غير الشريفة وعدم الثقة في كافة الأجهزة كأحد نقاط الضعف المجتمع الاستخباراتي في إيران.
كما حدَّدت الدراسة 13 نقطة ضعف مهمة للمجتمع الاستخباراتي الإيراني في التحليل، وذكرت أن الضعف في تحليل المعلومات عادةً ما يتم بحسب العقلية الخاصة بالمسؤول، دون الاكتراث بتحليلات وفرضيات أخرى مطروحة.
كما يُنتقد مجتمع الاستخبارات لجهة رؤيته المبدئية على صعيد جمع المعلومات والتحليلات، وبسبب التبعية المؤسساتية العمياء، مما يدفع لاستبعاد أي تصوّر أو تحليل يخالف توجهات مؤسسة ما.
حدود الرد الإيراني
تدرك طهران محاولات إسرائيل من خلال استراتيجية الحملة بين الحروب، وعبر إجراءات دومينو ومؤذية ومخربة، ولاسيما الاعتماد على المكافحة الخفية والسرية بين الحروب، تهديد وجود الجمهورية الإيرانية.
كما ترى طهران ضرورة الرد على الإجراءات الإسرائيلية في عمق الأراضي الإيرانية بالدرجة التي استباحت فيها سيادتها، وفرض معادلة ردع جديدة تكبَّد تل أبيب خسائر معنوية بالدرجة الأولى فضلًا عن الخسائر المادية والبشرية في سياق استراتيجية “التهديد مقابل التهديد”. كما تعتبر استمرار الأوضاع الحالية سيؤدي إلى نسف توازن القوى في المنطقة، والإضرار بمواصلة المفاوضات النووية، وإضعاف شركاء إيران الإقليميين.
ويمنح خبراء الحق لإيران في استغلال الأدوات اللازمة إذا ما دخلت إيران وإسرائيل في حرب باردة نووية، لكن مع الأخذ في الاعتبار ترسَّخ عقيدة “أخلق عدو طالما لا عدو لك” التي تنتهجها إسرائيل في الوقت الراهن محددة إيران كعدو رئيسي لها. وستكون إجراءات إيران بالتالي بالمعاملة بالمثل واستعداد رادع مبررة وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
وقد ارتأت الحكومة في وثيقة التحوَّل لحكومة الشعب (مسمى حكومة رئيسي) أن رفع التوترات وسوء الفهم وتعزيز العلاقات مع الجوار، والدور الفعال إقليميًا ودوليًا استراتيجية لمعالجة حدوث مشكلات في نطاق الجوار وحضور قوات عسكرية أجنبية في المنطقة. وحددت الدعم الشامل للمقاومة المناهضة للصهيونية بوصفها حق مشروع وموضع تأييد دولي. وظهرت بوادر ذلك في أثناء أداء إبراهيم رئيسي اليمين الدستورية رئيسًا لإيران بحضور ممثلين عن قوى محور المقاومة في الصفوف الأولى متقدمين عن ممثلين دول أوروبية وآخرين.
كذلك صُمَّمت العقيدة العسكرية الإيرانية لردع الخصوم من خلال زيادة التكاليف. وإذا فشل الردع الذي يمارس بشكل أساسي من خلال برنامج الصواريخ والوكلاء فإن إيران ستختار حرب الاستنزاف.
وعلى هذا الأساس، تبدو حرب الظل بين إيران وإسرائيل خلال الفترة القادمة أمام ثلاثة سيناريوهات؛ المهادنة والتصعيد والصمود، وهي سيناريوهات باهظة التكلفة لكلا الطرفين.
المهادنة: إيران وفي ظل تركيزها على إحياء تنفيذ الاتفاق النووي من جديد خلال مفاوضات فيينا والدوحة، قد ترى الاحتفاظ بحق الرد على الإجراءات المنسوبة لإسرائيل على أراضيها هو الطريق الأسلم في ظل الحرب الهجينة القائمة ضدها حاليًا، والتي تحدَّث عنها القائد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، وعدم الرد في الوقت الحالي انتظارًا لما تسفر عنه المفاوضات. كما من الممكن أن يستدل البعض في طهران أن مسار التوتر بين إيران وإسرائيل يتصاعد يوميًا، وعاقبة تلك التهديدات الشديدة العسكرية وغير العسكرية الاشتباك المباشر. ووفقًا لحسابات هذا السيناريو وداعميه، فإن كلفة المواجهة بين إيران وإسرائيل أكثر من مصالحها.
هذا السيناريو لا يمكن التعويل عليه كثيرًا، نظرًا لتأكيد حكومة إبراهيم رئيسي في بداية عهدها أن سياساتها لن تبدأ بالاتفاق النووي ولن تنتهي عنده. وشهد أداء الرئيس رئيسي اليمين الدستورية رئيسًا حضور بارز لقوى ما يسمى “محور المقاومة”. كما شهدت الزيارات الخارجية لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، التركيز على زيارات دول المحور مثل لبنان وسوريا واللقاء مع قادة الفاعلين من غير الدول المقرَّبة لإيران مثل حزب الله وقادة حماس والجهاد الإسلامي.
التصعيد الشامل: تهدف إسرائيل في جزء من تكثيف نطاق وتواتر هجماتها داخل إيران خلال العام الماضي، كشف إخفاقات الحرس الثوري في حربه السرية مع إسرائيل على أمل أن تؤدي إلى نشوب صراع بين القادة السياسيين ومؤسسة الدفاع والاستخبارات. وهو ما تؤكده تصريحات القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي، خلال مراسم تسليم وتسلم قيادة جهاز حماية استخبارات الحرس الثوري، إذ لفت إلى أن العدو يرغب في أن يسلب الثقة بالنفس من الإيرانيين، ويضعفهم من الداخل، ويسقطنا من أنظارنا، واصفًا ذلك بأخطر نوع هجوم. لكن هذا السيناريو مستبعد طالما لم تتهدد الخطوط الحمراء لكلا الجانبين، وطالما بقيت الهجمات وعمليات التخريب عند هذا المستوى.
الصمود والمقاومة: استراتيجية تقوم فيها إيران بتنفيذ إجراءات وتحركات ونشاطات تكون رادعة لإسرائيل، بما سيجبر تل أبيب على التراجع إثر تقييم سلبي للحرب وأي عمل تخريب آخر ضد إيران، وتقوم أجزاء هذه الاستراتيجية على: القدرات العسكرية/الحروب بالوكالة/الدبلوماسية النشطة/ القدرات الاقتصادية/ القوة الوطنية. وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا، والأقل ضررًا للطرفين. وقد ترى القيادة العسكرية في إيران ضرورة تصعيد وتيرة الأعمال العسكرية ضد الكيان الصهيوني بهدف إجباره على التراجع والانكماش داخل حدوده، مستغلة في ذلك فترة الفراغ السياسي الموجودة في إسرائيل حاليًا مع حل الكنيست الإسرائيلي وعقد انتخابات برلمانية خامسة خلال فترة قصيرة، واستغلال هذه الفترة الضبابية التي ستنعكس بالضرورة على التقييمات الأمنية والعسكرية حتى تشكيل حكومة جديدة في تل أبيب. كما ستستهدف إيران من هذا السيناريو تحذير الدول التي طبَّعت علاقاتها مع إسرائيل خلال الفترة الماضية، والتنبيه على خطورة أي نصب لأجهزة رادار مبكر أو أي أجهزة عسكرية إسرائيلية أخرى بالقرب من أراضيها.
ختامًا.. تدرك طهران أنها في القلب من حرب هجينة استنزافية موجهة ضدها وتستهدف الإطاحة بنظامها، وفي نفس الوقت لا يمكن لها أن تساوم وتتنازل عن أي من أدوات ردعها في ظل بيئة إقليمية مشبَّعة بعداءها. لهذا تتحرك في أبعاد مختلفة للتخفيف من وطأة هذه الحملة، ومحاولة تجفيف منابع القلق منها. كما تدرك أن إسرائيل تتغذى على عداء إيران لكسب المزيد من الأكسجين اللازم لاستمرارها على قيد الحياة بعد إقرار علاقات مع دول عربية مختلفة في القلب منها الحلقة الأولى لأمنها القومي (الإمارات والبحرين-والعلاقات المتنامية مع أذربيجان وتركيا). ومع الأدوات العسكرية والنظامية وشبه المسلحة، تعمل طهران على تشبيك مصالحها الاقتصادية والتجارية مع دول حلقات أمنها القومي وعلى رأسها دول الجوار المباشر (16 دولة) إلى ما وراءها بحيث تبعد قليلًا شبح الحرب الهجينة عنها. وفي غضون ذلك، تعتقد بضرورة فرض معادلة ردع جديدة بعد ما شهدته أراضيها من عمليات تخريبية استهدفت رأس مالها العسكري (المسيرات والقدرات الصاروخية فضلًا عن الملف النووي)، والتي قد تأتي بلغة خشنة وعبر صواريخها لدى القوات الموالية لها بدرجات تتلاقى مصالحها معها مثل حزب الله والجهاد الإسلامي وغيرها.