نشر مركز تريندز للبحوث والاستشارات، وهو مركز بحثي إماراتي دراسة تستهدف رصد وتحليل النشاط الإعلامي والاتصالي لجماعة الإخوان المسلمين مع التركيز على أهداف ومستقبل هذا النشاط.
أكدت الدراسة على أن أحد أهم أهداف النشاط الإعلامي للجماعة منذ نشأتها الترويج لفكرة أستاذية العالم وإحياء الخلافة الإسلامية، والدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية.
وأشارت الدراسة إلى الجماعة قد حققت نجاحات في تطوير أداواتها وممارساتها الإعلامية لتحقيق أعلى معدلات الانتشار الجماهيري، وتقديم الإسناد لمعاركها السياسية. وقد أجادت الجماعة في صناعة خطاب مزدوج لتحقيق أهجاف براغماتية، وصقل العبارات وإعادة بناء التاريخ والملاحم التي ميزت فترات تاريخية من أجل ضمان توسيع قاعدة الاستقطاب
لفتت الدراسة إلى أن الخطاب الإعلامي ظل يتمحور حول أطروحتين مركزيتين تختزلان الرؤية الأيديولوجية للجماعة لكل من الدين والدولة؛ تتمثل الأولى في “سمو الدعوة وقدسـية الرسالة”، بينما تتجلى الثانية في “ترابط الدين والسـياسة”.
وقد سمحت أطروحة “ترابط الدين والسـياسة” للجماعة بالولوج إلى السـياسة بواسطة الدين والتدخل في الدين بواسطة السـياسة، وهي أطروحة تأسست على جملة شعارات روجتها الجماعة عبر أدواتها الإعلامية والاتصالية، مثل شعار “الإسلام هو الحل” الذي بات يعبر عن لازمة في خطاباتها الأيديولوجية؛ وبهذا أتاحت هذه الأطروحة للجماعة ممارسة التَّقِيَّة والبراغماتية في خطاها نحو التغيير السـياسـي، ومن ثم التعبير عن مفهومها لحاكمية الشـريعة وجاهلية المجتمع بلغة تحظى بالمقبولية في الأوساط المسلمة.
ومؤخراً، لم تتأخر جماعة الإخوان المسلمين عن اللجوء إلى وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة والإعلام الرقمي وامتلاك أدواته ووسائله، حيث وجدت فيه أداة ناجعة تساعدها من جانب في كسـر احتكار الدول لهذا المجال ولنشـر أفكارها بصورة أسـرع في المجتمعات العربية، ووسـيلة مهمة للدفاع عن الجماعة وتحسـين صورتها بالترويج لنفسها بوصفها جماعة معتدلة تؤمن بالديمقراطية والحريات العامة من جانب آخر.
كما تم تشغيل الأدوات الإعلامية للنيل من الخصوم سواء من خلال التقليل من القدر أو الشأن أو حتى التسخيف، كما لجأ هذا الإعلام إلى أسلوب بث الشائعات بغرض التأثير في هؤلاء الخصوم.
وأشارت الدراسة إلى أن الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين قد اتسم بالاعتماد على المشايخ والدعاة وعلماء الدين وليس على الخبراء والمتخصصـين، وتقديم ذوي الثقة على أصحاب الخبرات والكفاءات.
وكانت البراغماتية سمة أساسـية من سمات إعلام الإخوان؛ حيث غدت وسائل الإعلام المختلفة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أدوات للدفاع عن أفعال أو قرارات الجماعة، حتى لو كانت متناقضة مع الأسس التي قامت عليها أو المبادئ التي شكلت أدبياتها.
وأكدت الدراسة على أن إعلام الإخوان قد ابتعد عن أخلاقيات العمل الإعلامي، حيث افتقد المصداقية، ودأب على بث بعض الأخبار المزيفة وتضخيم الأخبار وتهويلها، وغابت عنه الدقة والموضوعية، كما حرض بعد ثورة 30 يونيو وعزل محمد مرسـي على العنف ضد نظام الحكم في مصـر وضد بعض المؤسسات وأصحاب مهن معينة، ودعم الجماعات المسلحة التي مارست العنف والإرهاب في البلاد، وسعى كذلك لتغذية التوتر في المجتمع المصـري.
واختتمت الدراسة برصد مجموعة من المؤشـرات على عدم قدرة إعلام الإخوان بعد عام 2013 على الاستمرارية؛ ومنها: الصـراعات والانقسامات الداخلية التي انعكست على هذا الإعلام، وانتشار الفساد داخله كما في قناة “الشـرق”، وضعفه وعدم قدرته على مواجهة القنوات المصـرية المنافسة له، وتحوله إلى أداة في يد تركيا.
ما يعني أن إعلام الإخوان وبحسب الدراسة يواجه في هذه المرحلة أزمة حقيقية كبرى تضعه على طريق الاختفاء أو “الموت الإكلينيكي” بالنظر إلى مجموعة من العوامل؛ من بينها: فقدانه بيئته الأصلية التي كان يعمل فيها وهي البيئة المصـرية، وغياب التعاطف من قِبل الشعب المصـري، وخسارته الملاذ الذي وفرته تركيا له، وصعوبة إيجاد ملاذ آخر له، وتحوُّله إلى مجرد منصة ممولة بمال سـياسـي بهدف التشهير بالخصوم، بالإضافة إلى الخلافات الداخلية التي تعانيها الجماعة، وفشلها في تحقيق أهدافها.