مع اقتراب الحرب الأهلية في سوريا من الانتهاء، يعود الصراع الدائر منذ عقود بين إسرائيل من ناحية و”محور المقاومة”؛ إيران وحزب الله وسوريا تدريجيًّا إلى دائرة الضوء؛ خاصة مع تصاعد مخاوف إسرائيل من تداعيات الوجود الإيراني العسكري بالقرب من حدودها، وتزايد قدرات حزب الله القتالية مع اكتسابه مهارات عملياتية وعمقًا استراتيجيًّا في الداخل السوري.
في هذا السياق، صدر عن معهد دراسات الأمن القومي بإسرائيل (INSS)، التابع لجامعة تل أبيب، في مارس 2021، تقرير بعنوان «الحرب القادمة في الشمال: السيناريوهات، البدائل الإستراتيجية، التوصيات».
أعد التقرير كلٌّ من: «أورنا مزراحي»؛ النائبة السابقة لمستشار الأمن القومي للسياسة الخارجية (2015 – 2018)، ومدير المعهد «أودي ديكل»، الذي شغل العديد من المناصب في الجيش الإسرائيلي، آخرها رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي في مديرية التخطيط لهيئة الأركان العامة، و«يوفال بازاك»؛ الخبير في التخطيط الاستراتيجي، وملحق الدفاع الأسبق لإسرائيل بدول وسط أوروبا.
يُعد التقرير تلخيصًا لبرنامج بحثي بدأه المعهد عام 2019؛ بهدف تقييم الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه الحرب القادمة لإسرائيل، والتي من المتوقع – كما أشار التقرير – أن تكون في الشمال تجاه لبنان، وتحديدًا ضد حزب الله الذي نجح – بدعم من إيران – في تعزيز مكانته خاصةً بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، وبناء قدرات عسكرية متقدمة قادرة على شن هجوم على إسرائيل في أي وقت.
يستند التقرير إلى فرضية أساسية مفادها أنه «من مصلحة إسرائيل، وحزب الله تجنب تلك الحرب، لكنها قد تندلع في أي وقت نتيجة لأي تدهور قد ينجم عن حدث محدد أو سوء تقدير من قبل أي من الجانبين».
يركز التقرير على أن إيران عضو رئيسي في تلك الحرب؛ بسبب مساعيها المستمرة نحو ترسخ تواجدها في المنطقة من خلال تمكين المحور الشيعي، مستغلة الحرب الأهلية في كلٍّ من سوريا، والعراق اللتين تحولت أجزاء كبيرة من أراضيهما إلى قواعد عسكرية إيرانية.
هذا بالإضافة إلى قوات الميليشيات الشيعية الموجودة في سوريا، وغرب العراق، والبؤر الاستيطانية التي أقامتها إيران بالقرب من حدود إسرائيل، والتي وصفها التقرير بالأخطر من حزب الله نفسه.
وبالتالي يرى التقرير أن حرب إسرائيل القادمة في الشمال ستكون ضد جبهة شيعية تحركها إيران موجودة في لبنان، وسوريا، وغرب العراق، وتُمَثِّل تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل.
تغيرات استراتيجية وتحديَّات مستقبلية:
تواجه إسرائيل خلال الفترة القادمة مجموعة من التهديدات، على رأسها الحشد العسكري لحزب الله الذي يمتلك في الوقت الراهن – وفقًا للتقرير – حوالي 150 ألف صاروخ من جميع النطاقات (قصيرة، ومتوسطة، وطويلة المدى)، والقادرة على تغطية جميع أراضي إسرائيل تقريبًا.
تزايد هذا التهديد خلال السنوات الأخيرة؛ بسبب الدعم الإيراني لمشروع الصواريخ دقيقة التوجيه. وفي هذا الخصوص، أشار التقرير إلى أن حزب الله يمتلك العشرات من تلك الصواريخ (الباليستية، وكروز، وأرض – بحر)، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة، ومن المتوقع أن تتضاعف تلك الأرقام خلال السنوات المقبلة.
كذلك، تمكن حزب الله من ابتكار خيار هجوم بري ضد إسرائيل، وذلك من خلال تشكيل قوة كوماندوز مدربة تضم آلاف المقاتلين تسمى «قوات الرضوان»، والتي اكتسبت خبرة كبيرة في المشاركة في الحرب في سوريا. وفي هذا الصدد، يؤكد التقرير على أن حزب الله سيعتمد على تلك القوات خلال الحرب للاستيلاء على مناطق رئيسية في شمال إسرائيل.
من ناحية أخرى، تمكنت إيران من تحقيق تغيير استراتيجي كبير من خلال انتشار قواتها في سوريا بالقرب من حدودها مع إسرائيل مستغلة حاجة الرئيس بشار الأسد لها. وعلى الرغم من نجاح إسرائيل في تقويض جهود إيران لإنشاء قواعد عسكرية في الساحة السورية، إلا أنها لم تمنع تركيب بطاريات صواريخ أرض – أرض، وطائرات مسيرة هجومية.
أيضًا يشكل وجود روسيا في المنطقة، نتيجة مشاركتها في الحرب في سوريا تغييرًا مهمًا في ميزان القوى. هذا بالإضافة إلى أن عدم استعداد الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية لإعادة إعمار سوريا ساعد على خلو الساحة للتواجد الروسي وأصبح لديها قوات بحرية، وجوية، وأنظمة دفاع جوي، فضلاً عن القواعد الروسية الموجودة على ساحل البحر المتوسط المتاخم لإسرائيل.
انطلاقًا من التغييرات الإستراتيجية التي طرأت على المنطقة في الآونة الأخيرة؛ حدد التقرير مجموعة من التحديَّات التي قد تواجه إسرائيل خلال الفترة القادمة، وهي كالتالي:
- تعدد جبهات القتال: ففي حالة نشوب صراع عسكري واسع النطاق في الشمال مع حزب الله، لن تكون إسرائيل قادرة على منع عناصر المقاومة الموجودة في الجبهات الأخرى من الانضمام إلى المعركة؛ حيث ستعمل إيران على تنشيط وكلائها في المنطقة، وخاصةً الميليشيات الشيعية في سوريا، وغرب العراق، بالإضافة إلى سعيها نحو إشراك النظام السوري.
وفي الوقت نفسه، سيكون هناك احتمال لإطلاق صواريخ موازية من قطاع غزة، سواءً من قبل «الجهاد الإسلامي» الممول من إيران أو من قبل «حماس».
- التهديد العسكري للجبهة الداخلية الإسرائيلية: فمن المتوقع أن تعاني إسرائيل من أضرار واسعة النطاق مثل: ضرب منشآت جيش الدفاع الإسرائيلي، وكذلك البنى التحتية الإستراتيجية؛ كالموانئ البحرية والجوية، ومرافق الطاقة والمياه والنقل؛ ومن ثمَّ شل الاقتصاد الإسرائيلي. ولهذا أشار التقرير إلى أن إسرائيل ستدفع خلال الحرب القادمة – في حالة نشوبها – ثمنًا باهظًا لم تشهده في حروبها السابقة.
- ستمثل الحرب القادمة اختبارًا لتكنولوجية إسرائيل العسكرية؛ بسبب التقدم الذي أحرزه حزب الله، وإيران ووكلائهما في مجالات الدفاع الجوي، والحرب الإلكترونية، والطائرات المسيرة، وصواريخ أرض – بحر.
- المشاركة الروسية في الحرب، وهنا أشار التقرير إلى أنه يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يأخذ موقف موسكو في الاعتبار، ومنع أي تهديد للنظام السوري، وكذلك حرصها على توازن القوى بين إسرائيل وخصومها.
- تحديَّات دولية؛ حيث ستعتمد الشرعية التي تحصل عليها إسرائيل لتحركاتها على العلاقة بين الضرر الذي يلحق بالسكان المدنيين الإسرائيليين، وتلك التي يلحقها الجيش الإسرائيلي بالبنى التحتية المدنية في سوريا ولبنان.
سيناريوهات الحرب:
أشار التقرير إلى ثلاثة سيناريوهات متوقعة لإسرائيل في تلك المواجهة، وهي:
أولاً: حرب لبنان الثالثة، والتي ستكون مشابهة في طبيعتها للحربين السابقتين (1982، 2006) اللتين شنتهما إسرائيل ضد تهديد جبهة واحدة وهي الجبهة اللبنانية ممثلة في حزب الله.
ثانيًا: حرب الشمال، والتي ستختلف عن حربي لبنان في أمرين أساسيين:
- العدو: حيث لن يقتصر على حزب الله فحسب، إنما سينضم إليه شركاء آخرين في المحور الشيعي الذي ترسخوا في الشمال، وهم: المليشيات الشيعية في سوريا والعراق، والجيش السوري الذي مازال في مرحلة إعادة التأهيل، والقدرات العسكرية الإيرانية في سوريا وغرب العراق.
- ساحة الحرب: حيث ستشمل لبنان، وسوريا، وغرب العراق، ومن المقرر أن تُنَشِّط إيران وكلائها في المنطقة، وسيكون هناك احتمال إطلاق صواريخ من غرب العراق.
ثالثًا: حرب عامة ضد إيران: يرى التقرير أن إيران متورطة بشكل مباشر وليس فقط من خلال وكلائها، وبالتالي من المتوقع إطلاق إيران صواريخ باليستية، وكروز من أراضيها باتجاه أهداف في إسرائيل.
يرجح التقرير السيناريو الثاني (اندلاع حرب الشمال)، وحدد مجموعة من الأحداث التي قد تتسبب في اندلاعها، وذلك على النحو التالي:
أولاً: الساحة اللبنانية:
قد يحدث تصعيد بين اسرائيل وحزب الله يؤدي إلى اندلاع حرب واسعة النطاق، وقد يكون التصعيد احتكاكًا على طول الحدود أو حادثًا متطورًا في أعقاب حملة محدودة نفذها الجيش الإسرائيلي، أو ردًا على عملية عسكرية محددة بدأها كلا الجانبين. على سبيل المثال في أغسطس 2019 أطلق حزب الله صاروخ “كورنيت” المضاد للدبابات على مركبة للجيش الإسرائيلي، وذلك في أعقاب غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة على مجمع لحزب الله في بيروت. ونتيجة لعدم وجود إصابات اكتفت إسرائيل برد بسيط، لكن كان من الممكن أن تنتهي الأمور بشكل مختلف.
ثانيًا: الساحة السورية:
أشار التقرير إلى أن سوريا أصبحت ساحة صراع بين إسرائيل والمحور الشيعي، خاصةً وأن نظام الأسد سمح بالترسيخ العسكري لإيران ووكلائها – بما في ذلك حزب الله – التي جاءت لمساعدة النظام في حربها ضد المتمردين.
خلق هذا الواقع احتكاكًا عسكريًّا مع إسرائيل قد تنتج عنه حرب أوسع نتيجة أي عمل عسكري من قبل أحد أعضاء المحور الشيعي ضد إسرائيل حتى لو كان محدودًا مثل: هجوم على طول الحدود، أو إطلاق صواريخ على الأراضي الإسرائيلية.
قد تشهد تلك الساحة تصعيدًا عسكريًّا مباشرًا بين إسرائيل وإيران؛ إما من خلال تحرك إحداهما ضد الآخر أو قرار من إيران لتحفيز حزب الله وأعضاء آخرين في المحور الشيعي ضد إسرائيل دون التورط المباشر في هذه الحرب.
مخاطر محتملة وتدابير ملزمة:
رسم التقرير سيناريو تخيلي بالتهديدات التي يمكن أن تتعرض لها إسرائيل في حالة نشوب الحرب، وهي على النحو التالي:
- إطلاق نحو 1000 صاروخ من لبنان على إسرائيل يوميًّا، إلى جانب مئات الصواريخ الموجهة بدقة. ويشير التقرير إلى أن هذا الرقم لا يستند إلى معلومات استخبارية، ولكنه يستند إلى تحليل أنماط إطلاق حزب الله خلال حرب لبنان الثانية عام 2006؛ حيث أطلق وقتها نحو 14 ألف صاروخ، أي ما يعادل ثلث ترسانته البالغة حوالي 40 ألف صاروخ؛
- إطلاق صواريخ بعيدة المدى من سوريا، والعراق؛
- إطلاق الصواريخ الموجهة بدقة على أهداف استراتيجية؛ كالمطارات، والبنى التحتية الحيوية، ورموز الحكومة (الكنيسيت، والمجمع الحكومي)، ومقر جيش الدفاع الإسرائيلي، وبطاريات الدفاع الجوي، والقواعد العسكرية، ومراكز القيادة؛
- إطلاق الصواريخ الباليستية على المراكز السكانية المتزامنة مع الصواريخ الدقيقة؛ لتعطيل فعَّالية أنظمة الدفاع الجوي؛
- استمرار إطلاق الصواريخ باتجاه الجبهة الداخلية الإسرائيلية خلال العملية البرية الإسرائيلية في عمق الأراضي اللبنانية؛
- قيام قوات “الرضوان” التابعة لحزب الله، والميليشيات الشيعية الموجودة في الجولان السوري بتنفيذ عمليات برية؛ بهدف الاستيلاء على أراضي في إسرائيل، وبالتالي قد تشهد تلك الحرب احتلال مناطق يسكنها مدنيون في الجولان والجليل، وإحداث إصابات بشرية أكثر من الحروب السابقة؛
- إطلاق الهجمات الإلكترونية على البنى التحتية الحيوية في إسرائيل؛ كمراكز القيادة والتحكم، والبنى التحتية الحيوية؛ بهدف تعطيل الاقتصاد والأنظمة الأمنية؛
- إطلاق حملات معرفية عبر وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية؛ لزعزعة المواقف الإسرائيلية، وتقويض الروح المعنوية؛
- حدوث اضطرابات كبيرة في الموانئ الجوية والبحرية، مما يحد من إمكانية الوصول إليها.
أشار التقرير إلى ضرورة تركيز صنَّاع القرار في إسرائيل خلال الفترة القادمة على تحييد التهديد العسكري الذي يمثله المحور الشيعي حول حدود إسرائيل، وذلك من خلال:
- تقليص نفوذ إيران، وإضعاف حزب الله في لبنان سياسيًّا وعسكريًّا مع أهمية الحفاظ على شرعية تحركاتها العسكرية؛
- العمل على فرض اتفاقيات دبلوماسية طويلة الأمد؛
- تعزيز مكانة إسرائيل على الساحتين الإقليمية (من خلال الدول التي أبرمت معها اتفاقيات سلام)، والدولية مع التركيز على الدعم الأمريكي؛
- استنفاذ جميع السبل لتجنب الحرب، وذلك من خلال استمرار اتباع سياسة الردع.
وفي حالة أن اضطرت إسرائيل لخوض الحرب، أشار التقرير إلى أن الضربة الاستباقية هي السبيل للانتصار بالحرب، وتطرق إلى شكلين لها، هما:
- الضربة الوقائية: بهدف التصدي للهجوم المتوقع ببضع ساعات أو أيام من أجل تعطيل خططه، لخلق ميزة عسكرية واتخاذ زمام المبادرة. وفي تلك الحالة، سيهاجم الجيش الإسرائيلي بشكل استباقي عندما يتضح أن المحور الشيعي على وشك بدء الحرب؛
- الحرب الاستباقية: وهي هجوم بدأ بهدف إلحاق أضرار جسيمة بالعدو قبل أن يكون جاهزًا للحرب وأثناء عمله على قوته العسكرية طويلة المدى.
وفي هذا الصدد، ركز التقرير على خطورة الصواريخ دقيقة التوجيه التي يمتلكها حزب الله، واعتبرها المحدد الرئيسي نحو المضي قدمًا في هذا الاتجاه، وفي هذا الصدد أشار إلى أنه في حالة امتلاك حزب الله أكثر من 500 صاروخًا – على سبيل المثال – فإن هذا سيمثل خطرًا كبيرًا، وفي هذه الحالة سيتعين على إسرائيل التفكير في شن حرب استباقية.
في ضوء ذلك، يرى التقرير أن هناك ثلاثة بدائل استراتيجية أمام صنَّاع القرار في إسرائيل من أجل تحقيق الأهداف المرجوة للحرب، وهذه البدائل هي:
- ضربة استباقية لإزالة خطر الصواريخ الموجهة بدقة؛
- حرب محدودة لتفكيك وإضعاف قوى المحور الشيعي في الساحة الشمالية؛
- حرب عامة لإزالة التهديد الاستراتيجي وإحداث تغيير جوهري.
الدولة اللبنانية:
من ناحية أخرى، تطرَّق التقرير إلى وضع لبنان – بعيدًا عن حزب الله – في الحرب، وطرح سؤال أساسي وهو: «هل من الأصوب مهاجمة الدولة اللبنانية بأكملها أم الاقتصار على مهاجمة القوة العسكرية لحزب الله»؟
استعرض التقرير وجهتين نظر يترددان داخل مؤسسة الدفاع الإسرائيلية حول هذا الشأن؛ الرأي الأول، ويرى أن استهداف الدولة اللبنانية سيساعد على تقصير مدة الحرب؛ حيث سيتسبب إلحاق الضرر بالبنى التحتية في لبنان، وجيشه، ومؤسساته الحكومية في ممارسة ضغوط دولية شديدة لوقف إطلاق النار.
أما الرأي الثاني؛ فيرى أن ضرب البنى التحتية اللبنانية لن يكون له أي قيمة بل بالعكس سيساهم في نشر نفوذ إيران وحزب الله بعد الفراغ السياسي الذي ستحدثه الحرب في لبنان.
حرب إعلامية:
يعترف التقرير بكفاءة حزب الله في استخدام أدوات الإعلام للتأثير على وعي الجماهير، وتوقع باستمرار اتباع هذا النمط خلال الحرب القادمة باستخدام سياسات التخويف والردع ضد الإسرائيليين عبر جميع أنواع وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، والعمل على تضخيم نجاحات حزب الله بغض النظر عن النتائج الفعلية للحرب.
ويقدم التقرير مجموعة من الاقتراحات بشأن تفعيل الحملات الإعلامية قبل الحرب وخلالها، وذلك عبر استهداف الفئات التالية:
أولاً: الجمهور الإسرائيلي:
- قبل الحرب: من خلال إطلاع المواطنين على خطورة الهجوم الذي من المتوقع أن تتعرض له الجبهة الداخلية خلال الحرب القادمة، وإبلاغهم بأحدث قدرات حزب الله للمساعدة في الاستعداد للمعركة.
- أثناء الحرب: من خلال التأكيد على أن الالتزام بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية سيساعد في تقليل الضرر مع تسليط الضوء على قوة جيش الدفاع الإسرائيلي وقدرته على التغلب على التهديدات. وفي الوقت نفسه، العمل على نقل الرسائل التي تدحض تصريحات النصر لحزب الله، وأعضاء المحور الشيعي.
ثانيًا: المحور الشيعي:
- قبل الحرب: من خلال التأكيد على عدم رغبة إسرائيل في خوض حرب ضد حزب الله وإيران، والإشارة إلى أن استمرار التعزيز العسكري من قبل حزب الله، وبالأخص مشروع الصواريخ الموجهة بدقة هو ما سيؤدي إلى اندلاعها.
- أثناء الحرب: التأكيد لحزب الله على أن إسرائيل لديها القدرة على مواصلة القتال، طالما كان ذلك ضروريًّا لكسب الحرب، ولمواجهة أي تهديدات يصدرها الحزب بشأن إلحاق الأذى بالإسرائيليين.
أما بالنسبة لإيران ووكلائها، أشار التقرير إلى أنه على إسرائيل التأكيد على أنها تدرك دعم طهران لحزب الله وأعضاء المحور الآخرين الذين يهاجمون إسرائيل، وتحذرها من أن أي هجوم على إسرائيل من سوريا أو العراق سيؤدي إلى رد إسرائيلي قاسٍ.
ثالثًا: النظام السياسي في لبنان وشعبه:
- قبل الحرب: من خلال التأكيد على أن حزب الله هو المسئول عن الوضع المتردي للبنان ويقوده إلى الحرب لأسباب لا علاقة لها بلبنان، مع الإشارة إلى علاقته الوطيدة بإيران التي تسعى إلى جر المنطقة إلى الحرب. وفي الوقت نفسه، من الضروري التشديد على أن لبنان ليس في حاجة إلى حزب الله – الذي يستخدم سكانه كدرع بشري – للدفاع عنه، كما ثَبُتَ في كارثة مرفأ بيروت في أغسطس 2020.
- أثناء الحرب: من خلال التأكيد على أن إسرائيل تطمح إلى إنهاء الحرب وتقويم علاقاتها مع لبنان من خلال وقف تهديدات حزب الله. ولهذا السبب، تطالب إسرائيل باتفاق أفضل فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي تم تمريره في نهاية حرب لبنان الثانية في أغسطس 2006، والذي سيضمن على المدى القصير وقف التعزيز العسكري لحزب الله، ويدعو إلى إنشاء آلية طويلة المدى لنزع سلاح حزب الله، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى ازدهار لبنان.
رابعًا: المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي:
- قبل الحرب: نشر رسائل تسلط الضوء على الحشد العسكري لحزب الله، وتحديدًا مشروعها الصاروخي دقيق التوجيه الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها. ومن ناحية أخرى، التأكيد على أن إسرائيل ستعمل جاهدة على عدم إلحاق الضرر بالمدنيين والبنى التحتية، وفي حالة حدوث ذلك، فسيكون حزب الله هو المسئول عن ذلك.
- أثناء الحرب: التأكيد على تعرض إسرائيل للهجوم، واتخاذها كافة الوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها بما في ذلك تنفيذ ضربات ضد السكان المدنيين والبنى التحتية مع تحميل المسئولية لحزب الله الذي يستخدم السكان المدنيين كدروع بشرية.
وكذلك العمل على إقناع المجتمع الدولي بسرعة التدخل من أجل تقصير مدة الحرب، والمساعدة في الحد من الدمار في لبنان.
استراتيجية الخروج:
يشير التقرير إلى أن الوقت الأمثل لإنهاء الأعمال العدائية هو حين يتم التأكد من وضوح نتائج الحرب بحيث يعجز الطرف الآخر عن التلاعب بها، وخلق واقع أفضل من نظيره الذي تحقق بعد حرب لبنان الثانية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي لم يحقق الهدف الأساسي الذي تسعى له إسرائيل؛ وهو تفكيك حزب الله بل مكنه من إحكام سيطرته على جنوب لبنان، وتعزيز حشده العسكري.
تناول التقرير ثلاث آليات لإنهاء الحرب، وذلك على النحو التالي:
- الإنهاء أحادي الجانب؛ بحيث تعلن إسرائيل وقف الأعمال العدائية في الوقت الذي تختاره، بعد تقييم الانجازات التي تم تحقيقها مقارنةً بالخسائر المتوقعة في حالة استمرارها. إلا أن ما يعيب تلك الآلية أن القرار الإسرائيلي ليس بالضرورة أن يكون ملزمًا للطرف الآخر الذي يمكن أن يفسر قرار الإنهاء بالضعف، وبالتالي قد يستغل الموقف وتتحول الإنجازات العسكرية الإسرائيلية إلى نجاحات سياسية للطرف الآخر.
- الإنهاء القسري؛ حيث قد تؤدي أحداث الحرب وتعاظم الخسائر إلى وضع إسرائيل في موقف المجبر بحتمية وقف الحرب من خلال التدخل الدولي من قبل الأمم المتحدة أو أي من الدول الكبرى. ومن وجهة نظر إسرائيل يُفضل تجنب هذا الوضع.
- الإنهاء المنسق، ويمكن تحقيقه من خلال عدة احتمالات هي:
- وقف القتال الثنائي دون تدخل خارجي واحد، وهو احتمال ضعيف بسبب غياب قنوات اتصال مباشرة بين إسرائيل، وعناصر المحور الشيعي.
- استخدام القناة العسكرية التي تم تطويرها تحت رعاية “قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان: اليونيفيل” بين ضباط الجيش الإسرائيلي والقوات المسلحة اللبنانية. من وجهة نظر إسرائيل يُفضل عدم الاعتماد على هذه القناة باعتبارها غير قادرة على تأمين اتفاق واسع بعد الحرب.
- وقف القتال من خلال الوساطة الدولية؛ بحيث يستجيب الطرفان لنداء دولي لإنهاء الحرب وبهذه الطريقة يتم التوصل إلى اتفاق. بالنسبة لإسرائيل هذا الاحتمال هو الأفضل؛ حيث سيضمن تحقيق مستوى معين من النجاح المتمثل في ترجمة النتائج العسكرية إلى واقع جديد وقد يؤدي إلى تفكيك حزب الله أو على الأقل تقييد نفوذه.
من المقرر أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بدور مركزي في مساعدة إسرائيل للتوصل إلى اتفاق عند نهاية الحرب، مع أهمية الأخذ في الاعتبار المشاركة الروسية في الحرب. لذا أشار التقرير إلى أهمية حشد روسيا لإخراج إيران ووكلائها من سوريا، وتهديد النظام السوري بأن استمرار تبعيته لإيران سيؤدي إلى إسقاطه.
في الختام قدم التقرير مجموعة من التوصيات، وهي على النحو التالي:
- بذل كافة الجهود اللازمة لتجنب الحرب، ووضع مجموعة من الإستراتيجيات اللازمة لتقصير مدتها في حالة اندلاعها، وذلك من خلال التأكد من توفر القدرة على تحقيق إنجازات مهمة ومفاجئة في بداية الحرب؛ لتسهيل عملية الانهاء؛
- إجراء التعديلات اللازمة لحشد قوات الجيش الإسرائيلي؛
- صياغة استراتيجيات إنهاء الحرب، من خلال الضغط على المجتمع الدولي للمطالبة بسرعة الإنهاء. ولن يتحقق هذا إلا من خلال التوسع الإسرائيلي في الأعمال العدائية؛ كضرب البنى التحتية – على سبيل المثال، وإحراج حزب الله؛
- التأكد من استعداد الجبهة الداخلية المدنية لخوض الحرب، وذلك من خلال تعيين هيئة وطنية مهمتها الإشراف على معالجة القضايا المدنية الملحة، بما في ذلك الأنشطة بين مختلف الكيانات المدنية ذات الصلة؛ لضمان تلبية احتياجات السكان المدنيين أثناء الحرب؛
- التأكد من الاستعداد الكافي لشن حرب أو ضربة وقائية؛
- صياغة استراتيجية للأمن القومي تتضمن مزيجًا من الهجوم الدقيق وقدرات المناورة السريعة والعميقة على عدة جبهات في وقت واحد، جنبًا إلى جنب مع القدرة الدفاعية المزدوجة على الجبهة العسكرية، وفي الساحة المدنية؛
- الإعداد المبكر لاستراتيجية حرب معرفية لمختلف الفئات المستهدفة؛ الجمهور الإسرائيلي، وحزب الله وأعضاء المحور الشيعي، والنظام اللبناني، والدوائر الإقليمية والدولية بحيث تتضمن تقديم صورة انتصار واضحة، مناهضة للصورة التي من المحتمل أن يقدمها العدو، والتي قد لا يكون لها أي أساس على أرض الواقع؛
- التنسيق المسبق مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ لضمان المساعدة العسكرية أثناء الحرب، فضلاً عن الدعم الدبلوماسي والتدخل عند الحاجة؛ بهدف تحييد التورط الروسي أثناء الحرب، والحد من نفوذها في صياغة اتفاقية ما بعد الحرب بشأن البنود التي تمثل إشكالية لإسرائيل؛
- عند مناقشة نهاية الحرب، من الضروري أن تطالب إسرائيل بصياغة آليات استقرار لمنع المزيد من بناء القدرات الهجومية لحزب الله، وإيران، ووكلائهما بعد الحرب مباشرةً، مع وضع نظام حدودي يشمل آليات رقابة وإنفاذ دولية، وآليات تنسيق واتصال بمشاركة قوات الأمم المتحدة.
كذلك يجب أن تتم ترجمة الإنجازات العسكرية إلى إنجازات دبلوماسية متمثلة في استقرار طويل الأمد. وذلك من خلال أهمية التوصل إلى قرار دولي بحل حزب الله، وإزالة الوجود العسكري الإيراني ووكلائها من لبنان، وسوريا.