مقدمة
تعد «الوحدة 8200» إحدى أقوى أذرع هيئة الاستخبارات الإسرائيلية ويمتد عملها إلى أنحاء العالم نظرًا لما تملكه من إمكانيات وخبرات تستطيع من خلالها تغذية مختلف المؤسسات الإسرائيلية بالمعلومات اللازمة بعد جمعها من خلال اختراقات وعمليات تجسس يعتمد معظمها على العمل السيبراني الذي يتميز فيه العاملين بها.
ونظراً لأهمية الوحدة في إسرائيل فإن السرية تحيط بها بشكل كبير وصل إلى عدم الإعلان عن هوية العاملين بها حتى قائدها، وهو الأمر الذي كان واضحًا عند تسليم وتسلم قيادة الوحدة في 28 فبراير الماضي حيث حرص الجيش الإسرائيلي في بيانه على تمويه وجه القائد في صور الحفل التي تم الإفراج عنها.
وعلى الرغم من عدم السماح بنشر معظم المعلومات حول الوحدة وتشغيلها، إلا أنه على مر السنين تم الكشف عن عدد من التفاصيل حولها، وحول خريجيها الذين شغلوا أكثر المناصب المرغوبة في عالم التكنولوجيا الفائقة بإسرائيل نظرًا لما تمتعوا به من خبرات عملية في هذا المجال أثناء خدمتهم في تلك الوحدة.
ماهي الوحدة “2800”؟
الوحدة «8200» أو وحدة «SIGINT» الإسرائيلية، هي وحدة الجمع المركزية لجناح المخابرات وأرقى الوحدات وأكثرها تزيينًا في الجيش الإسرائيلي، وتهدف إلى جمع وفك تشفير المعلومات المشفرة باللغات الأجنبية، فضلًا عن تشغيل وسائل جمع المعلومات وتحليلها ومعالجتها ومن ثم توزيعها على الشركاء العملياتيين سواء كانوا داخل الجيش الإسرائيلي أو خارجه.[1]
المهام
1- جمع المعلومات باستخدام أساليب الاستخبارات التقليدية والمبتكرة (مع التركيز على الحلول التكنولوجية لجمع المعلومات)
2- فك رموز المعلومات التي تم جمعها في مجموعة متنوعة من اللغات الأجنبية، ومعالجتها في خطط عمل.
من هم العاملين بالوحدة؟
القوى العاملة داخل الوحدة تعد «قوى استثنائية» ويتم اختيار أعضاءها بعناية بعد العديد من الفحوصات والتدريبات المكثفة على مجموعة كبيرة من المهن التكنولوجية والاستخباراتية، ولذلك تشتهر بالابتكار والإبداع التكنولوجي والذكائي في التعامل مع التحديات الاستخباراتية لإسرائيل، ويعمل العديد من خريجي الوحدة في مناصب رئيسية في الاقتصاد الإسرائيلي وفي قيادة التكنولوجيا العالية الإسرائيلية «هايتك»، كما أن لديهم نفوذ شعبي كبير.
العمل في تلك الوحدة يعد حلمًا للضباط في إسرائيل، لأنها إحدى وحدات النخبة في سلاح المخابرات وتعطي هيبة كبيرة بمجرد القبول في إحدى مناصبها، فضلًا عن فرص العمل التي لا حصر لها التي ستوفره الخدمة فيها.[2]
كيفية الانضمام للوحدة 8200؟
هناك قسم في الوحدة يسمى بـ«قسم الكشف»، وهو مسؤول عن تحديد الذين لديهم بيانات وإمكانيات مناسبة للوظيفة بعد التقديم فيها، وهناك شروط أولية تؤهل إلى استدعاء «8200» للفرد الراغب للانضمام لها:
1-مجالات الدراسة لا بد أن تتعلق بالتفكير التحليلي (الرياضيات – الفيزياء – علوم الكمبيوتر والإلكترونيات)، وليس من الضروري التوسع في كل هذه الموضوعات للقبول بالوحدة.
2-المشاركة في برامج خاصة بالتعاون مع سلاح الاستخبارات الإسرائيلي.
3-معرفة اللغة العربية والفارسية بمستوى مُعين، وتعتبر المعرفة عالية المستوى باللغات الأجنبية ميزة ولكنها ليست إلزامية.
4-الضباط الذين يتم تحديدهم على أنهم مناسبون، يتم دعوتهم إلى سلسلة مملة من الفحوصات التي ستشمل اختبارات في مجالات مختلفة (تكنولوجية وشخصية وغيرها) ومقابلات شخصية وتصنيف أمني دقيق للغاية، وتصل مدة عملية الفحص إلى حوالي عام.
ومن أجل زيادة الفرصة في القبول في الوحدة 8200 يجب أن تحصل في اختبارات التصنيف النفسي التقني الأولى على أكثر من 70%، وعلى أكثر من 54% في مجموعات اختبارات الجودة[3].
ما مسارات التخصص في الوحدة؟
تضم الوحدة مساران للتخصص؛ الأول تحت اسم مسار «أوفيك» ويسلكه المرشحون ذو قدرات عالية وبيانات مناسبة، ويتلقى من يريد أن يسلك هذا التخصص تدريبات قبل بدء الخدمة العسكرية، فضلًا عن تعلم اللغتين العربية والفارسية واللتان تظهر الوحدة اهتمامًا خاصًا بهما من بين اللغات، كما أنه ليس هناك شرطًا للمعرفة المسبقة بهذه اللغات، حيث تشمل التدريبات لغات ربما لم يعرفها المُرشح من قبل.
أما المسار الثاني هو مسار «ماتان» ويتعامل هذا المسار مع البحث وتطوير المصادر، وسيكون المرشحون المناسبون مؤهلين لشغل منصب يجمع بين العمل التكنولوجي والعمل الاستخباري.
وهناك وحدات فرعية يمكن للمرشحين الانضمام لها:
1-وحدة «حتساف»
«حتساف» هو الاسم العبري لنبات «العُنْصَلُ»، ودور الوحدة هو جمع المعلومات الاستخباراتية من مصادر مُعلنة مثل الراديو والتلفزيون والإنترنت والشبكات الاجتماعية.
2-الوحدة العملياتية لـ8200
تتمثل مهمتها في جمع معلومات استخبارية محدثة وإرسالها إلى المقاتلين في الوقت الفعلي.
ماذا يفعل خريجو الوحدة 8200؟
هناك جمعية تُسمى بـ«جمعية خريجي 8200» أنشأها خريجو الوحدة بهدف الحفاظ على تراث الوحدة ودعم أنشطة المجتمع والدولة في مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال، وتنظم تلك الجمعية مؤتمرات تهدف إلى تعزيز التواصل بين أعضاء الجمعية بهدف البحث عن وظائف ودعم مبادرات الأعمال (الشركات الناشئة)[4].
في عام 2011 أنشأت الجمعية برنامجًا لتعزيز ريادة الأعمال والابتكار تتمثل رؤيته في الاستفادة من شبكة خريجي الوحدة في مجموعة متنوعة من المجالات والمناصب العليا في الاقتصاد لمساعدة رواد الأعمال الشباب على تحقيق طموحاتهم في مجال ريادة الأعمال.
البرنامج يشجع رواد الأعمال من مختلف المجالات ومن بينها مجالات أمن المعلومات والإنترنت والهواتف المحمولة والطاقة الخضراء والمعدات الطبية وغيرها، وخلال البرنامج يتم منح رواد الأعمال الفرصة في المشاركة في العديد من الأحداث التي تتعلق بصناعة التكنولوجيا الفائقة ورأس المال الاستثماري في الدولة، حيث يقدمون شركاتهم إلى أفضل المستثمرين في الاقتصاد.
كيف ينظر الإسرائيليون إلى العاملين بالوحدة 8200؟
«مصعد 8200» أو «جواز سفر».. هكذا يطلق على الوحدة من بعض الإسرائيليون نظرًا لما يتمتع به العاملين فيها من مميزات كبيرة سواء أثناء الخدمة أو بعد انتهاء مدة خدمتهم، كما تشكل نقطة انطلاق أكثر أمانًا في سوق العمل الإسرائيلي الذي غزاه العديد من خريجو الوحدة وأسسوا شركات تكنولوجيا، وفي وقت لاحق تولوا مناصب عليا في صناعة التكنولوجيا الفائقة، ولذلك رأوا المصطلح الأنسب للوحدة هو المصعد الذي يأخذ من يستقله إلى الأعلى ولأماكن ومجالات مرموقة وتصبح حياته أسهل وكل الأبواب تُفتح له لكسب الملايين سواء بسبب سمعة الوحدة أو الخبرات التي يتلقاها أثناء العمل فيها.[5]
شهادات خريجو الوحدة
يقول «جلعاد أدين» مالك إحدى الشركات الإعلامية والرئيس التنفيذي السابق ورئيس تحرير القناة العاشرة الإسرائيلية والقائد السابق للوحدة، إن سبب تولي خريجي الوحدة هذه المناصب له إجابات واضحة وهي أن «الأفضلية في الجيش للوحدة 8200، لأن الأمر يتطلب من لديهم إمكانات عالية قبل حتى الانضمام للوحدة، وأيضاً لا ينجح الناس بالضرورة بمجرد خدمتهم في الوحدة 8200، صحيح أن الفرد يحصل على أدوات في مجال التكنولوجيا العالية عندما يعمل في الوحدة، ولكن لماذا يصبح بعض خريجي الوحدة قضاة وأكاديميين وممولين ومديرين تنفيذيين؟ فمن سن الـ17 عام يحدد الجيش فيهم الإمكانيات العالية، والقدرة على معالجة البيانات واتخاذ القرارات بسرعة، إذ حددت الوحدة الأشخاص ذوي الإمكانيات الأعلى منذ المرحلة الثانوية ومن هنا نفهم لماذا أصبحت لديهم تلك الفرص»[6].
ويرى «آفي حسون» كبير العلماء في وزارة الاقتصاد الإسرائيلية والذي مازال يحتفظ بوظيفة سرية في تلك الوحدة، أن الخدمة فيها قد شكلت شخصيته إلى حد كبير ووصفها بـ«المدرسة الرائعة» التي تشجع الفرد على التفكير بشكل مستقل.
كيف انخرطت الوحدة في العمل القتالي؟
قبل حوالي 4 سنوات تم تشكيل سرب مقاتلين من الوحدة 8200 ليكونوا على معرفة قتالية وتكنولوجية في الوقت نفسه، فهم في الأساس تقنيون ويكتسبوا من خلال التدريبات خبرات قتالية تؤهلهم لتنفيذ مهام مزدوجة في أراضي العدو، ويقول أحد قادة الوحدة السابقين ورتبته عميد: «نأتي بالمقاتلين على أعلى مستوى، وهم أيضًا تقنيون على أعلى مستوى، وبإمكانهم أن يفعلوا في أراضي العدو أو بالقرب منها ما لا يستطيع المطورون والمبرمجون القيام به عن بُعد»[7].
كيف توظف 8200 إمكانياتها للتجسس؟
قبل سنوات قليلة أثارت الوحدة الكثير من التعليقات بسبب دورها المكلفة به في الحرب الإلكترونية بسبب ما تملكه من قدرات فائقة في مجال التكنولوجيا وتجديد يواكب التطور، وتعلق هذا الأمر بتجنيد العاملين في الوحدة لشباب صغيري السن لتتجاوز المهمة من مجرد رصد إلكتروني تقليدي إلى عملية تجنيد واسعة.
كما أدلى المسؤولون الإسرائيليون باعترافات تفيد بتحول عمل الوحدة من الدفاع إلى الهجوم في مجال تكنولوجيا المعلومات والذي يفصل بينهم خط رفيع.[8]
وتنوعت أدوات التجسس والتجنيد وعليها الكثير من الشواهد من بينها استخدام الرسائل النصية بهدف اختراق الهواتف المحمولة ليصبح صاحبه “جاسوس متجول” يمكن من خلاله الحصول على معلومات بالصوت والصورة، وهو الأمر الذي تستخدمه أجهزة مخابرات في الدول المتقدمة.
ربما هذا الأمر ليس بجديد، ولكن عندما يتعلق الأمر بشركة إسرائيلية بعينها وارتباطها بأقوى أنواع الاختراقات يصبح هنا الأمر مختلفًا خصوصًا عندما يتعلق الأمر بـ«الوحدة 8200»، حيث تمكنت معاهد بحث متخصصة في بعض الحالات من الوصول إلى عنوان محدد لشركة إسرائيلية خاصة وهي «إن إس أو» استطاعت أن تكشف ثغرة في هواتف «آي فون» التي تتمتع بحماية قوية مقارنة بالهواتف المحمولة الأخرى، وطورت برنامجًا لاختراقها عن بعد واستخدامها كأداة تجسس.
ومما لا شك فيه أن هناك علاقة كبيرة بين الشركات الخاصة التي تتولى عمليات تطوير البرمجيات في إسرائيل والـ«الوحدة 8200» وخصوصًا أن مديريها من خريجي تلك الوحدة، وهذا الأمر يتيح للاستخبارات الإسرائيلية استخدام تلك القدرات لصالح إسرائيل عن طريق عملية التجسس التي تقوم بها الوحدة التي ينطق معظم العاملين فيها باللغة العربية والفارسية. ويؤكد تلك الفرضية ما كشفته معاهد متخصصة بأن شركة «إن إس أو» وحدها استهدفت حوالي 180 شخصًا ببرامجها للتجسس خلال عامين فقط.
وبالعودة إلى عام 2018، نجد أنه في إطار مواكبة لغة العصر للحفاظ على مستوى عمليات التجنيد عبر الإنترنت فإن الوحدة جندت مجموعات من طلاب المرحلة الثانوية للعمل على شبكات التواصل الاجتماعي بـ«لغة الشباب» للحديث مع هذا الجيل بأسماء مزورة وعربية في أغلب الأحيان نظرًا لاستهداف الجمهور العربي، ومن هنا يمكن تسهيل المهمة وعدم ترك مجال للشك من قبل الشخصية المستهدفة.[9]
وعن استخدام الوحدة لتطبيقات التواصل الاجتماعي، يقول أحد القادة السابقين: «يبدو أن العصر الجديد هو جنة تكنولوجية، فكل شخص لديه جهاز كمبيوتر، والجميع يتصفح الإنترنت ويرسل رسائل البريد الإلكتروني، وكل شخص لديه هاتف محمول، وفيس بوك، وواتساب، كل هذا ينتج كمًا لا نهائيًا من المعلومات، يحتاج المهاجم فقط إلى تطوير أدوات وأساليب لجمع هذه المعلومات وتحليلها».
ما الدور الذي تقوم به الوحدة 8200 تجاه إيران؟
اشتراط الوحدة على المتقدمين للعمل فيها بمعرفة اللغتين العربية والفارسية بالإضافة إلى نوعية العمل التي تقوم به الوحدة يؤكد أنها تركز وتهدف إلى تنفيذ اختراقات لجمع معلومات مسبقة من دول تعتبرها من الأعداء مثل إيران وعدد من الدول العربية وخصوصًا لبنان بمنطقتها الجنوبية التي تعد مصدر قلق كبير للجبهة الشمالية في إسرائيل لتواجد تنظيم «حزب الله» اللبناني فيها[10]، بالإضافة إلى الحدود مع سوريا الذي يتواجد فيها أيضًا أعضاء التنظيم الذين ينخرطون في النزاع المسلح هناك ويشن عليهم الطيران الإسرائيلي من وقت لآخر هجمات بعد الحصول على معلومات تفيد بالاستعداد لأي تحرك لا ترغب فيه إسرائيل سواء كان هجوم عليها أو غيره.
كما حمل حديث رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، في حفل تسليم وتسلم قيادة الوحدة 8200 يوم الأحد الموافق 28 فبراير 2021، إشارات واضحة في هذا الشأن عندما منح الوحدة وسامًا تقديرًا لها على اختراقات استخبارية في إشارة لدورها في الأنشطة المتعلقة بإيران التي تحدث عن تهديداتها، وأكد أنها تتطلب معلومات استخباراتية مُحدثة للوقع ضد الصواريخ والاختراقات والنشاط السيبراني، أو حتى ضد السفن والطائرات[11].
كجزء من ذلك الحفل الذي أقيم في قاعدة «جليلوت» وهي المقر الرئيسي لـ8200، قدم كوخافي شهادة تقدير للوحدة في ضوء الاختراقات الاستخباراتية المختلفة في عدة مجالات إلى جانب الشراكة في أنشطة تنفيذية واسعة النطاق، قائلًا: «هذا هو المكان المناسب للتأكيد على أن الجيش الإسرائيلي يتصرف وسيعمل في مواجهة التهديدات التي تعرضنا للخطر سواء في الدائرة القريبة أو الدائرة البعيدة، وكالعادة سيفعل ذلك من خلال المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي توفرها شعبة المخابرات.. وأحد أهم أرجلها بالطبع وحدة 8200 الاستثنائية والتي تتمتع بجودة استخباراتية ممتازة تستند إلى اختراقات غير مسبوقة».
لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها تكريم الوحدة بسبب عمليات تتعلق بإيران، ففي يونيو من 2020 قام قائد جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي “أمان” بعد هجوم إلكتروني نفذته إسرائيل ضد إيران، وصد محاولة لمهاجمة منشآت المياه في إسرائيل برفع مستوى الكلور في مياه الشرب عن طريق قراصنة إيرانيين.[12]
ما التحول الذي طرأ على الوحدة 8200 بعد الثورات العربية؟
قبل ثورات المنطقة العربية، كان تقدير الجيش الإسرائيلي تجاه اندلاع حرب مع إسرائيل قليل للغاية، وتعزز ذلك التقدير لأسباب غير مُخطط لها بعد اندلاع تلك الثورات، وحول ذلك اهتمامات الوحدة تجاه المنطقة، حيث تركزت على مواقع التواصل الاجتماعي التي يرتادها الشباب العربي والتي كان على رأسها موقعي «فيس بوك» و«تويتر».
إلا أن الواقع الجديد في المنطقة تطلب تحركًا أكثر من الاستخبارات الإسرائيلية وتحديدًا من الوحدة 8200 عندما يتعلق الأمر بوسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت تراقب ساحة الإنترنت بشكل أكبر ومختلف، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى زيادة الاستثمار في الاستخبارات الإعلامية الجديدة.
يقول أحد القادة السابقين لوحدة «حتساف» التابعة لـ8200، إنه «منذ ذلك الحين تكثف الاستخدام بشكل كبير، ولم يعد من الممكن الانخراط فقط في وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة أو النظر فقط إلى ما يفعله القادة، فعالم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي فرصة جديدة لا نهاية لها في جمع المعلومات، فهذا جزء لا يتجزأ من صورة الاستخبارات».
ويضيف أنه إلى جانب الاستماع التقليدي لوسائل الإعلام وقراءة الصحف، يجلس جنود وحدة «حتساف» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ويشاهدون مقاطع الفيديو على موقع «يوتيوب» ويتابعون الأنشطة في مجموعات «فيس بوك» و«إنستجرام»، كما أنهم يستخدمون التطبيقات ويجمعون المعلومات من المدونات، مضيفًا أنه «من خلال تلك المنشورات التي لا تخضع لقواعد الرقابة وغير مشفرة، يمكن للجيش الإسرائيلي إثراء صورته الاستخباراتية حول المزاج الشعبي العام في العالم العربي».
يؤكد قائد حاتساف الأسبق، بأن وحدته موجودة منذ ما يقرب من 30 عامًا، إلا أنها لم تنخرط في بشكل كبير على شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة إلا بعد أحداث الربيع العربي حتى أصبحت مصدرًا رئيسيًا للمعلومات.[13]
خاتمة
بالنظر إلى الإمكانيات التي تتمتع بها الوحدة 8200 وقدراتها في العمل السيبراني والتكنولوجيا الفائقة ونوعية الاختراقات التي تنفذها تزامنًا مع التطور التكنولوجي الذي يعيشه العالم، فإنها نواة الاستخبارات الإسرائيلية التي تغذي كل المؤسسات التي يعتمد عملها على معلومات استخباراتية دقيقة سواء تعلق الأمر بالجانب الأمني أو السياسي أو الاقتصادي.
لا يقتصر عمل الوحدة على دول معينة ولكنها تعمل بشكل عام مع التركيز على المنطقة المحيطة بها عن طريق تنفيذ اختراقات تستطيع من خلالها قراءة مجريات الأمور لاستشعار الخطورة أو معرفتها قبل وقوعها وإبلاغ الجهات المسؤولة لتنفيذ ضربات استباقية.
كما أن اشتراط الوحدة على قبول المتقدمين بها معرفة اللغتين العربية والفارسية بشكل أساسي حتى لو بنسبة بسيطة يؤكد أن الجزء الأكبر من عملها يستهدف الدول العربية، ليس التي تعتبرها عدو فقط ولكن التي تقيم معها سلام أيضًا كنوع من تأمين نفسها.
شمول الوحدة على لغات متعددة يشير إلى عمل أعضاءها في أنحاء العالم من خلال برامج التجسس التي يتم تطويرها، ولكن يظل التركيز على أكثر الدول التي ترى إسرائيل فيها تهديدًا وهي بالطبع المنطقة العربية وخصوصًا لبنان لتواجد تنظيم “حزب الله” فيها، وسوريا التي انخرط فيها عناصر من “حزب الله” ومن إيران، ومصر التي تشهد معها سلامًا باردًا.
ومن المؤكد أن تنامي دخول دول عربية جديدة في علاقات مع إسرائيل سيوفر بيئة خصبة لعمل تلك الوحدة في الفترة المقبلة نظراً لزيادة التعامل المباشر والانفتاح والتعرف على الأخر بشكل أكثر قرباً، وهي الظروف المفيدة لتيسير عمل الوحدة، وهو الأمر الذي يتحتم أن يتم وضعه في الاعتبار.
المصادر
[1] الوحدة 8200، موقع معهد «نوعيم» الإسرائيلي، يونيو 2018، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.machon-noam.co.il/%D7%A6%D7%94%D7%9C-%D7%94%D7%9B%D7%A0%D7%94-8200
[2] الوحدة 8200، مركز «نيف ريفح» البحثي الإسرائيلي، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.psychometry.co.il/cyber/8200_info.php
[3] [3] الوحدة 8200، موقع معهد «نوعيم» الإسرائيلي، يونيو 2018، مصدر سابق، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.machon-noam.co.il/%D7%A6%D7%94%D7%9C-%D7%94%D7%9B%D7%A0%D7%94-8200
[4] الوحدة 8200، مركز «نيف ريفح» البحثي الإسرائيلي، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.psychometry.co.il/cyber/8200_info.php
[5] مرحبًا بكم في مكتب العمل 8200، موقع «ذا ماركر» الاقتصادي الإسرائيلي، 14 أبريل 2014، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.themarker.com/career/1.2296657
[6] مرحبًا بكم في مكتب العمل 8200، موقع «ذا ماركر» الاقتصادي الإسرائيلي، 14 أبريل 2014، مصدر سابق، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.themarker.com/career/1.2296657
[7] الخروج من الظل.. مقاتلات الوحدة 8200 تنكشفن، الموقع الإلكتروني لصحيفة «يسرائيل هيوم» الإسرائيلية، 11 مارس 2021، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.israelhayom.co.il/article/860151
[8] ما هي الوحدة 8200 الإسرائيلية؟، موقع إذاعة «مونت كارلو» الدولية، 2 أكتوبر 2018، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://cutt.us/tEWHj
[9] وحدة الاستخبارات 8200 تدخل إلى منهج التعليم الثانوي، موقع صحيفة «كلكلست» الاقتصادية الإسرائيلية، 3 يناير 2018، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.calcalist.co.il/internet/articles/0,7340,L-3728746,00.html
[10] هكذا فجر “حزب الله” هاتف محمول في معمل 8200، الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، 9 سبتمبر 2013، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-3775995,00.html
[11] قائد جديد وشهادة تقدير من رئيس الأركان الإسرائيلي لـ8200، موقع وزارة الجيش الإسرائيلي، 28 فبراير 2021، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://cutt.us/z9y7c
[12] بعد تقارير الهجوم السيبراني في إيران.. شهادات تقدير لوحدات بالاستخبارات، موقع «واللا» الإسرائيلي، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي: https://news.walla.co.il/item/3369473
[13] هكذا يجمع الجيش الإسرائيلي معلومات استخباراتية حول التهديد التالي في وسائل التواصل الاجتماعي، موقع «ذا ماركر» الإسرائيلي، 4 أبريل 2013، ويمكن الاطلاع عليه على الرابط التالي: https://www.themarker.com/1.1984625