نجحت الولايات المتحدة في التوصل لاتفاقات سلام خليجية إسرائيلية، فكانت البداية الإمارات وتلتها البحرين، وتتوقع الإدارة الأمريكية انضمام دول أخرى خليجية وعربية لمعاهدات سلام مع إسرائيل.
وقد هاجمت الخارجية الإيرانية عملية التطبيع محذرة من أي تدخل من إسرائيل في معادلات منطقة الخليج، وكذلك مع إعلان البحرين السلام إسرائيل حملت طهران المنامة عواقب أي تدخل إسرائيلي في أمن منطقة الخليج.
لماذا الآن؟
تزامن السلام الخليجي الإسرائيلي مع قرب الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، في ظل العثرات التى تواجه حل أزمة كورونا، ومقتل جورج فلويد والفجوة بين ترامب وبايدن، حيث لا يزال بايدن متقدماً في استطلاعات الرأي على ترامب.
حيث يعتبر الرئيس الأمريكي انضمام دول خليجية للسلام مع إسرائيل بمثابة إنجاز تاريخي يُحسب له ولإدارته. عوضاَ عن أن هذه الخطوة تمثل ضغط جديد على إيران، باعتبار متانة العلاقات بين إيران والحركات الإسلامية التي تتغذى على القضية الفلسطينية.
أما في إسرائيل، فقد حقق رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”، مالم يحققه رؤساء وزراء سابقين خاصة في علاقات إسرائيل الخارجية، حيث تمثل الاتفاقيات الأخيرة فرصة لتوسيع الشراكات الاقتصادية مع دول غنية وزيادة عدد خطوط الطيران ما يعني زيادة بالتبعية في أعداد السائحين.
ويواجه “نتنياهو” في الداخل الإسرائيلي عدة أزمات، أبرزها عدم قدرته على تحقيق العدد الكافي من مقاعد البرلمان لتشكيل الحكومة، نتج عنها 3 انتخابات خلال عام واحد، تقاسما على إثر الأخيرة “نتنياهو” وخصمه زعيم حزب الليكود “بيني غانتس” منصب رئيس الوزراء؛ إذ سيستمر نتنياهو في المنصب لمدة 18 شهرا، يكون خلالها “غانتس” نائبا له ووزيرا للدفاع، ثم يصبح رئيسا للوزراء في أكتوبر 2021 لمدة 18 شهرا أخرى.
كما يواجه نتنياهو اتهامات جنائية قضايا فساد، وينتقده كثير من الإسرائيليين في إدارته لأزمة كورونا، والمصاعب الاقتصادية الناتجة عنها.
أما في دول الخليج، فإن إيران تمثل تهديداً حقيقياً، خصوصاً مع تصاهد الدعم الإيراني للتظاهر في منطقة الخليج وتحديداص في البحرين عام 2011، لذلك يعطي التعاون الأمني والعسكري مع إسرائيل قوة أكبر في مناهضة التمدد الإيراني.
كما تدعم دول الخليج سياسات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، وتفضل أن يبقى لفترة ثانية في البيت الأبيض، لا سيما بعد خروجه من الاتفاق النووي عام 2018، الذي وقعه الرئيس الديمقراطي “باراك أوباما” عام 2015، والذي تعتبره دول الخليج أحد أسباب تمدد نفوذ إيران في المنطقة بعد رفع العقوبات.
رد الفعل الإيراني
جاء رد الفعل الإيراني على تطبيع العلاقات البحرينية الإماراتية مع إسرائيل، غاضباً ومحذراً من عواقب اتفاقيات السلام، حيث اعتبر المرشد الأعلى “علي خامنئي” أن الإمارات “خانت العالم الإسلامي”، فيما أكد مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية “علي أكبر ولايتي” أن الإمارات والبحرين ستدفعان ثمن هذه الاتفاقيات، فيما أشار أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام “محسن رضائي” إلى أن تطبيع الدول العربية مع إسرائيل هي هدية ترامب الانتخابية على حساب فلسطين، وأن التطبيع البحريني هو تطبيع نظام وليس شعبي.
أما الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، فحذر الإمارات والبحرين من “عواقب” التطبيع مع إسرائيل وأثره على الأمن في المنطقة، فيما بين رئيس مجلس الشورى الإيراني “محمد باقر قاليباف” أن تطبيع الإمارات والبحرين لعلاقاتهما مع إسرائيل سيزعزع أمن منطقة الخليج بالكامل، وأمريكا تجبر دولا في منطقة الخليج على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، واعتبر رئيس السلطة القضائية “إبراهيم رئيسي” أن العدو يسعى إلى شن حرب نفسية وإعلامية واقتصادية هدفها يأس الإيرانيين.
فيما هدد الحرس الثوري البحرين بأنها ستواجه انتقامًا من شعبها والفلسطينيين بسبب تطبيعها، وأكد رئيس هيئة الأركان الإيرانية “محمد باقري”، أن القوات المسلحة الإيرانية ستتعامل مع الإمارات وفق معادلات جديدة، وذلك عند إعلانها التطبيع، محملاً الإمارات مسؤولية أي استهداف لأمن إيران القومي.
ويمكن إجمالًا توضيح تخوفات طهران من التطبيع في عدة عوامل:
- العامل الأمني،خصوصاً مع الاقتراب الإسرائيلي من الخليج.
- توتر للعلاقات البحرينية الإيرانية أكثر، فالمنامة تتهم طهران بالسعي للتوسع في المنطقة عبر أذرعها العسكرية والدينية، خاصة مع مخاوف المنامة من استغلال إيران للقاعدة الشيعية الكبيرة فيها، ووجهت البحرين اتهامات لإيران بدعم قلب نظام الحكم فيها، بينما تتهم إيران البحرين بأنها تستهدف رموزا شيعية، ما يعني وجود احتمالات لزيادة التوتر مع توسع التعاون البحريني الإسرائيلي.
- قد تؤثر العلاقات الإماراتية الإسرائيلية على العلاقات التجارية بين الإمارات وإيران.
- التحالف العربي الإسرائيلي، سينتج عنه تراجع لنفوذ إيران بالمنطقة، خاصة مع سياسات أقصى عقوبات التي تنتهجها الولايات المتحدة مع إيران.
ختاماً، يمكن القول أن ثمة تغييرات سوف تحدث نتجية التحول الاستراتيجي الأخير وتحدياً أمام إيران وتركيا وتنظيمات الإسلام السياسي. عوضاَ عن احتمالات أن يكون هذا التحول نواة لمنظمة إقليمية، أو تحالف عسكري. وهو ما سيتأكد لاحقاً مع نتيجة الانتخابات الأمريكية.
المراجع
– مراسم التوقيع على معاهدة السلام التاريخية في البيت الأبيض، سكاي نيوز عربية، 15/9/2020، https://bit.ly/3iRuPUQ
– جويس كرم، ترامب يراجع خياراته حول سورية، موقع قناة الحرة، 18/9/2020، https://arbne.ws/35RsQfJ
– طهران تدين بشدة اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الامارات والكيان الصهيوني وتصفها بـ “حماقة استراتيجية”، وكالة ارنا، 14/8/2020، https://bit.ly/3mxRM1L
– إيران تدين التطبيع بين البحرين والكيان الصهيوني، وكالة ارنا، 12/9/2020، https://bit.ly/2RI5wsl
– صفقة القرن في سطور، بي بي سي عربي، 29/1/2020، https://bbc.in/3iHRQcK
– ترامب يتراجع في استطلاعات الرأي أمام بايدن، الاتحاد، 6/9/2020، https://bit.ly/33M9B4e
– مصطفى كامل السيد، حساب الخسارة فى صفقة الإمارات وإسرائيل، الشروق، 16/8/2020، https://bit.ly/33NCDR4
– الانتخابات الإسرائيلية: بنيامين نتنياهو يعلن الفوز بعدما أظهرت استطلاعات تقدمه بفارق ضئيل عن منافسه بيني غانتس، بي بي سي عربي، 3/3/2020، https://bbc.in/2FTRVLM
– فيروس كورونا: لماذا يعترض إسرائيليون على أسلوب إدارة أزمة الوباء؟، بي بي سي عربي، 12/7/2020، https://bbc.in/2RK719o
– اتفاق البحرين وإسرائيل.. قطار السلام في محطة جديدة، العين الإخبارية، 11/9/2020، https://bit.ly/2Hi1B3F
– تعرف على النص الرسمي لإعلان تأييد السلام، الأيام، 16/9/2020، https://bit.ly/2ZSD2AR
– ترامب يرعى توقيع اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين ويعد بانضمام دول أخرى، فرانس 24، 15/9/2020، https://bit.ly/2Hi2aKP
– النص الكامل لمعاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل التي وقعت في البيت الأبيض، موقع الحرة، 16/9/2020، https://arbne.ws/3ccJmYP
– إيران تحمل الإمارات والبحرين “عواقب” التطبيع مع إسرائيل على الأمن في المنطقة، فرانس 24، 16/9/2020، https://bit.ly/3iRwnOE
– رضائي: حكم النظام البحريني لن يستمر بعد خيانته للأمة الإسلامية، وكالة سبونتك، 13/9/2020، https://bit.ly/3kBIlwr
– قاليباف: تطبيع الإمارات والبحرين علاقاتهما مع إسرائيل سيزعزع أمن منطقة الخليج، روسيا اليوم، 13/9/2020، https://bit.ly/32LVRaI
– لماذا خالفت البحرين التوقعات بخصوص مسار التطبيع مع إسرائيل؟، DW، 27/8/2020، https://bit.ly/32Mph8p
– الإمارات ثانية بعد الصين.. 13.5 مليار دولار قيمة التبادل التجاري مع إيران، الإمارات 71، 26/4/2020، https://bit.ly/32IZ5vx
- Maysam Behravesh, Hamidreza Azizi, Israel’s Peace Deals Are a Strategic Nightmare for Iran, foreign Policy, 14/9/2020, https://bit.ly/3cjjE4L