حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل جروسي من أن إيران “ليست بعيدة” عن تطوير قنبلة نووية، وذلك مع وصوله إلى طهران لإجراء محادثات.
وتشتبه دول غربية، من بينها الولايات المتحدة، منذ أمد بأن إيران تسعى لتطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران باستمرار مؤكدة على أن برنامجها مخصص لأغراض مدنية سلمية.
وقال جروسي، في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية،: “إنها أشبه بأحجية، لديهم القطع، وقد يتمكنون يوماً ما من تجميعها”.
وأضاف: “لا يزال أمامهم مسافة ليقطعوها قبل أن يصلوا إلى تلك المرحلة. لكنهم ليسوا بعيدين، علينا أن نقر بذلك”.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة مكلفة بالإشراف على امتثال إيران للاتفاق النووي لعام 2015 الذي سحب منه دونالد ترامب الولايات المتحدة أحادياً خلال ولايته الرئاسية الأولى.
وتابع جروسي: “لا يكفي القول للمجتمع الدولي لا نملك أسلحة نووية ليصدّق. يجب أن نكون قادرين على التحقق من ذلك”.
ووصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الأربعاء إلى طهران حيث التقى وزير الخارجية عباس عراقجي. ومن المنتظر أن يلتقي أيضا رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي.
وتأتي الزيارة قبل جولة ثانية من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة السبت، بعد أسبوع من عقد البلدين أرفع محادثات بينهما منذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي في عام 2018. ووصف الجانبان الجولة الأولى بأنها “بناءة”.
تصريحات متناقضة
وفي وقت سابق، قال عراقجي إن تخصيب اليورانيوم “غير قابل للتفاوض” بعد أن دعا المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى إنهائه.
وأضاف، في تصريحات للصحفيين،: “أن تخصيب إيران لليورانيوم مسألة حقيقية ومقبولة”، وأكد عراقجي: “نحن مستعدون لإرساء الثقة استجابة للمخاوف المحتملة (بشأن النووي)، لكن قضية التخصيب غير قابلة للتفاوض”.
جاءت التصريحات بعد أن قال ويتكوف الثلاثاء إن أي ترتيب نهائي يجب أن يضع إطارا للسلام والاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط، ما يعني أنه يجب على إيران وقف برنامج التخصيب النووي والتسلّح والتخلّص منه.
وكان المبعوث الأمريكي قد دعا إيران إلى العودة إلى التخصيب بمستوى لا يتجاوز 3,67 في المئة، وهي النسبة القصوى المسموح بها بموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015.
في أحدث تقرير فصلي نشرته في فبراير، قدّرت الوكالة الدولة للطاقة الذرية أن إيران بات في حوزتها 274,8 كيلوجراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة 3,67% التي حددها اتفاق 2015.
بعد عودته إلى الرئاسة، فرض ترامب مجدداً عقوبات على طهران في إطار سياسة “الضغوط القصوى” التي أعاد العمل بها.
وفي مارس، وجه رسالة إلى المرشد االإيراني علي خامنئي يدعو فيها إلى إجراء محادثات، ملوّحاً في الوقت نفسه بعمل عسكري محتمل في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
وقبل جولة المحادثات الجديدة، دان عراقجي ما اعتبره “المواقف المتناقضة والمتضاربة” للإدارة الأمريكية.
وعبّر عن أمله في بدء المفاوضات بشأن إطار اتفاق محتمل لكنه شدد على أن ذلك يتطلب “مواقف بناءة” من الجانب الأمريكي.
الخطوط الحمراء الإيرانية
وأعلنت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن المحادثات المقررة السبت ستعقد في روما بوساطة عمانية، وهو ما أكده متحدث إيطالي، ولكن المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين لم يؤكدوا رسمياً مكان انعقاد الاجتماع.
ومن المقرر أن يزور عراقجي روسيا حليفة إيران، الخميس بحسب السفير الإيراني لدى موسكو كاظم جليلي. وأعلنت طهران في وقت سابق هذا الأسبوع أن الزيارة “مُخطط لها مسبقاً” وستتناول المحادثات الإيرانية – الأمريكية.
وقال عراقجي إن “الهدف من زيارتي إلى روسيا نقل رسالة خطية من المرشد الأعلى” إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
واستعداداً لمحادثات عُمان، أجرت إيران مباحثات مع روسيا والصين الموقعتين على اتفاق العام 2015.
وقبل أيام قليلة على الجولة الثانية من المحادثات في إيطاليا، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إنه يأمل التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة، على ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا).
والثلاثاء، أبدى المرشد الإيراني ارتياحه للمحادثات الأخيرة مع الولايات المتحدة لكنه حذر من أنها قد تكون في نهاية المطاف غير مثمرة، وقال إن “المفاوضات قد تسفر وقد لا تسفر عن نتائج” مؤكداً أن إيران حددت “خطوطها الحمراء”.
وكان الحرس الثوري الإيراني أعلن في وقت سابق أن قدرات إيران العسكرية غير مطروحة للنقاش في المحادثات.
وذكرت وكالة “إرنا” أن نفوذ إيران الإقليمي وقدراتها الصاروخية، والتي طالما انتقدتها الحكومات الغربية، هي من ضمن “خطوطها الحمراء” في المحادثات.