نزوح السوريين إلى لبنان.. أزمة جديدة

مارس 10, 2025 | تحليل استراتيجي, إنذار مبكر

يشهد لبنان حركة نزوح كثيفة على حدوده الشمالية، مع تدفق أعداد كبيرة من السوريين باتجاه منطقة عكار الحدودية، وذلك هروباً من الأحداث الأمنية المتصاعدة في مناطق الساحل السوري.

النزوح، الذي يأتي نتيجة للصراعات المستمرة في سوريا، يثير العديد من التساؤلات حول قدرة لبنان على استيعاب هذا العدد المتزايد من اللاجئين، وأثره على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في لبنان، الذي يعاني أساساً من أزمات عديدة.، وفق موقع الحرة 7“.

وفي هذا السياق، تبرز العديد من التحديات على الأصعدة السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، ما يستدعي بحث الحلول الممكنة للتعامل مع هذه الموجات المتتالية من النزوح.

النزوح نحو الشمال اللبناني

تشير التقارير إلى أن مناطق شمال لبنان، وخاصة عكار، تشهد تدفقاً غير مسبوق للنازحين من مناطق الساحل السوري.

ووفقاً للنائب اللبناني سجيع عطية، فإن مئات الأسر تتوافد على القرى العلوية في عكار، لدرجة أن المنازل باتت تستوعب عشرات الأسر في بعض الحالات. وبحسب تصريحات عطية، فإن عدد الوافدين في يوم واحد قد بلغ حوالي 10 آلاف شخص، في وقت لا توجد فيه معابر شرعية بين لبنان وسوريا بسبب القصف الإسرائيلي، ما يجعل حركة النزوح تزداد تعقيداً.

ولم تتمكن السلطات اللبنانية من اتخاذ تدابير فعالة لتنظيم عملية دخول اللاجئين، ولا توجد مراقبة واضحة من قبل الجيش اللبناني لضبط الحدود، ما يزيد من صعوبة التعامل مع الموقف.

هذا الوضع يثير القلق من تكرار الأزمات التي شهدها لبنان في السنوات الماضية، حيث يزيد عدد النازحين بشكل مستمر دون وجود خطة حقيقية لاستيعابهم وتنظيمهم.

مخاوف من النزوح

وعبر العديد من المسؤولين اللبنانيين، بينهم العميد المتقاعد جورج نادر، عن استيائهم من الوضع القائم، حيث يطرحون تساؤلات حول قدرة لبنان على استيعاب هذا الكم الهائل من النازحين.

فبحسب الأرقام، تجاوز عدد النازحين السوريين في لبنان مليوني شخص، وهو يعادل عدد اللبنانيين تقريباً في بعض المناطق، واستمرار تدفق اللاجئين قد يزيد من الضغوط على البنية التحتية اللبنانية، من مدارس ومستشفيات وشبكات مياه وكهرباء، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

وتأتي هذه المخاوف في وقت يشهد فيه لبنان أزمة اقتصادية خانقة، حيث أن توافد المزيد من اللاجئين يضيف عبئاً على الاقتصاد المتأثر بالأزمات المتعددة، إضافة إلى ذلك، فإن الوضع السياسي الهش في لبنان يعقد مسألة التنسيق بين الحكومة اللبنانية والمنظمات الدولية لمساعدة اللاجئين.

فلا مفوضية اللاجئين تقوم بدور فعال في إحصاء الداخلين الجدد، ولا تتوافر المساعدات اللازمة لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

ويرى البعض أن الحلول تكمن في تحمل المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، مسؤولياتهما في التعامل مع أزمة النزوح هذه.

فلبنان، بموارده المحدودة، لا يمكنه تحمل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن هذه الأزمة، وقد حذر العديد من الخبراء من أن زيادة أعداد اللاجئين قد تؤدي إلى تغييرات ديموغرافية قد تؤثر على استقرار لبنان على المدى الطويل.

من جهة أخرى، سعى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي إلى دفع ملف العودة قدماً من خلال زيارته إلى دمشق ولقائه مع المسؤولين السوريين، حيث تم الاتفاق على التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية لتسهيل عودة اللاجئين السوريين. ولكن لم يطرأ أي تقدم ملموس في هذا المجال، ويبقى الوضع كما هو عليه دون حلول جذرية.

ويبقى النزوح السوري إلى لبنان من القضايا الحساسة التي تتطلب تنسيقاً بين الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي، فاستمرار تدفق اللاجئين إلى لبنان يشكل تحديا كبيرا، ليس فقط من حيث تأمين احتياجاتهم الأساسية، بل أيضاً من حيث ضمان استقرار لبنان على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

ورغم أن الوضع يتطلب حلولاً سريعة، إلا أن هناك حاجة ماسة إلى استراتيجيات شاملة تنطوي على التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق استقرار طويل الأمد في لبنان والمنطقة.

🔗 رابط مختصر: https://roayahstudies.com/?p=7816