محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا.. هل تكسران الحاجز؟

أبريل 24, 2025 | إنذار مبكر, تحليل استراتيجي

أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وللمرة الأولى، عن استعداد موسكو لخوض محادثات سلام مباشرة مع كييف وهو الذي لطالما وضع لمسار كهذا شروطاً دونها صعاب، وأولها إجراء انتخابات جديدة في أوكرانيا.

وقال بوتين، في حديثه للتلفزيون الروسي الرسمي إن القتال استؤنف بعد وقف إطلاق النار الذي أعلنه من جانب واحد للاحتفال بعيد الفصح، غير أن بلاده “منفتحة” على أي مبادرات للسلام، ويتوقع من كييف “نفس الموقف”.

وأضاف الرئيس الروسي: “لقد تحدثنا دائماً عن أننا نتبنى موقفاً إيجابياً تجاه أي مبادرات سلام”. وتابع: “نأمل أن يشعر المسؤولون في كييف بالطريقة نفسها”.

وفي وقت لاحق، أوضح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن حديث بوتين عن احتمال مناقشة التوقف عن ضرب الأهداف المدنية يعني أنه يفكر في خوض مفاوضات مع الجانب الأوكراني.

المبادرة الروسية الأولى

تعدّ هذه المبادرة الروسية الأولى منذ غزو أوكرانيا، إذ انعدمت سبل الحوار منذ اندلاع شرارة الحرب في الأسابيع الأولى.

وغالبا ما كان سيد الكرملين يشترط لخوض محادثات السلام بنوداً يصعب على الجانب الأوكراني تحقيقها.
وفي حين لم يرد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بشكل مباشر على طلب نظيره الروسي، إلا أن منشوره على منصة إكس لم يخلُ من التشكيك في حسن نية الأخير، قائلاً: “الأفعال غالباً ما تتحدث بصوت أعلى من الكلمات”.

وأكد زيلينسكي في خطابه الليلي عبر الفيديو أن أوكرانيا “مستعدة لأي محادثة” حول وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يحمي المدنيين.

وأردف: “سيكون أمام أعضاء الوفد الأوكراني، سواء في الاجتماعات التي عقدت في باريس أو في الاجتماعات المقررة هذا الأسبوع في لندن، مهمة أساسية تتعلق بوقف إطلاق النار غير المشروط. يجب أن تكون تلك هي نقطة البداية. فالسلام يبدأ في صمت”.

ويواجه الزعيمان ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة التي هددت بالانسحاب من الوساطة ما لم يتم تحقيق بعض التقدم. وقد جاء تصريح بوتين قبيل اجتماع يُفترض أن يضم ممثلين من أوكرانيا والمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة في لندن، لمواصلة المحادثات بشأن وقف إطلاق النار المحتمل.

وكان زيلينسكي قد أعلن أن بلاده ستشارك في قمة لندن وانتهز مناسبة عيد الفصح ليقول للأوكرانيين بأن يُبقوا على تفاؤلهم وألا يتسلل اليأس إلى نفوسهم.
ويُعتبر الاجتماع المرتقب امتداداً لقمة باريس التي عقدت الأسبوع الماضي، حيث ناقشت الولايات المتحدة والدول الأوروبية سبل إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

ضغوط أمريكية على الطرفين

يأتي ذلك في وقت قالت فيه وسائل إعلام أمريكية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تبدي انفتاحاً في الأيام المقبلة للاعتراف بالسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وذلك في إطار المساعي الأمريكية لإغلاق ملف الحرب الروسية الأوكرانية، لاسيما بعد التصاريح التي أدلى بها ترامب ووزير خارجيته، ماركو روبيو، حول نفاذ صبر الإدارة والتلويح بالانسحاب من مفاوضات السلام. يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان القوات الروسية بسط سيطرتها على المدينة ما قبل الأخيرة لإقليم كورسك الحدودي.
ووفقاً لما نقلته وكالة بلومبيرج الأمريكية، فإن الميل الأمريكي لمنح روسيا هذا الاعتراف، يأتي كجزء من اتفاق سلام أوسع نطاقاً بين موسكو وكييف.

وتقول مصادر أمريكية إنه لم يتخذ القرار بهذا الشأن بعد، وتتم الإشارة إلى العقبات التي قد يصطدم بها المسعى الأمريكي، إذ إن هذا القرار لا يمكن أن تحتكر واشنطن اتخاذه بنفسها بمعزل عن أطراف أخرى: الأوكرانيون والأوروبيون.

ويحتاج المقترح الأمريكي إلى مناقشات شائكة مع الأوكرانيين والأوروبيين، لا سيما كييف التي قد ترفض المقترح الذي يقدمه ترامب كجزء من التنازلات للروس، دون ضمان حتى أن تنضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.

وفي آخر التطورات الميدانية، أعلن الجيش الروسي استعادته السيطرة على البلدة قبل الأخيرة في منطقة كورسك الحدودية، بينما تبقت بلدة جورنال التي تخطط روسيا للسيطرة عليها، بهدف استكمال بسط كامل سيطرتها على الإقليم. وقالت وزارة الدفاع الروسية: “خلال العمليات الهجومية، قامت وحدات من مجموعة قوات الشمال بتحرير قرية أوليشنيا في منطقة كورسك”، وذلك في منشور لها على منصة تلغرام. ويُعتبر هذا التقدم الروسي خطوة جديدة لاستعادة الإقليم الحدودي، بعد أن قامت أوكرانيا بشن هجوم مباغت عليه في الصيف الماضي، وأعلنت سيطرتها على أكثر من ألف كيلومتر مربع منه.

في ضوء المعطيات السياسية والميدانية المتسارعة، يبدو أن إدارة الرئيس ترامب تسعى لإغلاق ملف الحرب الروسية الأوكرانية بأي ثمن، حتى لو تطلّب الأمر تقديم تنازلات كبرى، كالتفكير في الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم.

وبينما تشير الخطوات الأمريكية إلى رغبة واضحة في تقليص الانخراط في هذا النزاع طويل الأمد، فإن المواقف الأوروبية والأوكرانية قد تشكل حجر عثرة أمام أي اتفاق متسرع لا يراعي التوازنات الإقليمية ومصالح الحلفاء.

وبين الانسحاب المحتمل من الوساطة وتقدم روسيا الميداني، يقف المشهد الدولي عند مفترق طرق قد يرسم ملامح مرحلة جديدة في الصراع.

🔗 رابط مختصر: https://roayahstudies.com/?p=7894