اتسعت رقعة المعارك الطاحنة في عدة مدن سودانية، خلال الأيام الماضية،مع انطلاق مشاورات استباقية لحكومة السودان والولايات المتحدة في جدة.
تأتي تلك المشاورات تأتي قبيل أيام من محادثات لوقف إطلاق النار مقررة في جنيف 14 أغسطس 2024، وهي المحاولة الأبرز للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في البلد المشتعل منذ 16 شهرا.
ونهاية يوليو الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن بلاده تسعى لإنهاء النزاع ودعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات بشأن وقف إطلاق النار، بوساطة الولايات المتحدة، تبدأ في 14 أغسطس بسويسرا.
وأوضح أن المحادثات تهدف إلى تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ووضع آلية مراقبة وتحقق فعالة من أجل ضمان تنفيذ أي اتفاق.
وسرعان ما رحب قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، عبر منصة إكس، بدعوة بلينكن قائلا: “أعلن مشاركتنا في محادثات وقف إطلاق النار القادمة في 14 أغسطس 2024 بسويسرا”.
كما وافقت حكومة السودان على المشاركة، إلا أنها اشترطت “عقد اجتماع مع مسؤولين أمريكيين للتحضير لمفاوضات السلام”.
وبالفعل، انطلقت المشاورات بين وفد الحكومة السودانية مع نظيره الأمريكي السبت 10 أغسطس 2024 بمدينة جدة.
مباحثات على وقع المعارك
قبيل انطلاق المحادثات شهد السودان اتساع رقعة المعارك على الأرض لتشمل مدينة أم درمان، التي شهدت قصفا بالمدفعية الثقيلة، تسببت في تدمير منشآت حيوية ومنازل.
وقصفت قوات “الدعم السريع” بالصواريخ والراجمات المدينة لليوم الثاني على التوالي.
واتهمت وزارة الصحة بولاية الخرطوم قوات “الدعم السريع” بقصف مستشفى النساء والتوليد في أم درمان، مما أحدث خسائر كبيرة في المرفق الذي أُعيد تشغيله قبل 24 ساعة من القصف.
وبحسب بيان، سيطر الجيش السوداني خلال الفترة الماضية على معظم أحياء أم درمان القديمة، وطرد قوات “الدعم السريع” التي تراجعت نحو غرب وجنوب أم درمان.
وقال البيان، الذي أصدره المتحدث باسم وزارة الصحة بولاية الخرطوم، محمد إبراهيم، إن “قوات الدعم السريع قصفت اليوم مستشفى الولادة في أم درمان بعدد كبير من القذائف المدفعية، مما أدى إلى خسائر في المباني دون وقوع ضحايا بين الكوادر الطبية والمرضى.”
ولم يصدر بعد أي تعقيب من قوات “الدعم السريع” حول قصف مدينة أم درمان وتدمير مستشفى (النساء والتوليد).
وكثفت قوات الدعم السريع خلال الأيام الماضية من وتيرة استهدافها لأحياء كرري شمالي مدينة أم درمان التي يسيطر عليها الجيش السوداني، بالإضافة إلى أحياء أم درمان القديمة، ما تسبب في وقوع ضحايا من المدنيين جراء القصف المدفعي والصواريخ بعيدة المدى.
كما اندلعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بالقرب من جسر “الحلفايا”، الذي يربط مدينتي بحري وأم درمان.
وبحسب المصادر العسكرية، فإن قوات “الدعم السريع” قصفت بشكل عنيف أحياء مدينة بحري ما أدى إلى تدمير منازل جزئيا وكليا.
مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، كذلك كانت محور قتال عنيف، تسبب في تدمير جزئي للمستشفيات والمساجد ومرافق الكهرباء والمياه.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.. فهل تخمد محادثات جنيف النار في هذا البلد؟.